تهجير الدفعة الثالثة من برزة البلد... والأخيرة من الوعر

«داعش» يدعو مناصريه للخروج من جنوب دمشق

شاب من حي الوعر يتكئ على حقائب سفر لمقاتلين ومدنيين قبل تهجيرهم إلى ادلب أمس (رويترز)
شاب من حي الوعر يتكئ على حقائب سفر لمقاتلين ومدنيين قبل تهجيرهم إلى ادلب أمس (رويترز)
TT

تهجير الدفعة الثالثة من برزة البلد... والأخيرة من الوعر

شاب من حي الوعر يتكئ على حقائب سفر لمقاتلين ومدنيين قبل تهجيرهم إلى ادلب أمس (رويترز)
شاب من حي الوعر يتكئ على حقائب سفر لمقاتلين ومدنيين قبل تهجيرهم إلى ادلب أمس (رويترز)

انتهت أمس المرحلة الثالثة من تهجير أهالي حي برزة شرق دمشق، كما المرحلة الأخيرة من حي الوعر بحمص وسط البلاد، بينما دعا تنظيم داعش مناصريه من جنوب دمشق إلى «أرض الخلافة».
وتحدثت مصادر عن قيام 33 حافلة بنقل الدفعة الثالثة من المعارضين وعائلاتهم، من حي برزة إلى إدلب شمال غربي سوريا، ويقدر عددهم بـ1700 شخص معظمهم من المدنيين من نساء وأطفال.
وسبق أن أعلن النظام عن إتمام جميع بنود اتفاق التهجير الذي توصل إليه مع فصائل المعارضة السورية، لإخراج المعارضين من منطقة القابون على الأطراف الشرقية لمدينة دمشق.
في سياق متصل، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن حافلات النقل الداخلي استكملت عملية نقل المهجّرين من حي الوعر في مدينة حمص، إلى حيث تتجمع عشرات حافلات السفر (البولمانات) في محيط الحي، وذلك لنقل آخر دفعة من الخارجين من الحي من مقاتلين وعوائلهم والمدنيين الرافضين لـ«التسوية وستنتقل القافلة نحو الشمال السوري لتفترق إلى قسمين؛ أحدهما سيتجه نحو مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل المقاتلة والإسلامية العاملة في عملية (درع الفرات)، في حين سينقل القسم الآخر إلى محافظة إدلب».
عملية الانتهاء من إخراج المهجّرين ضمن آخر دفعة متجهة نحو الشمال السوري، جاءت بعد نحو 40 ساعة من عملية التهجير.
مصادر عدة متقاطعة أكدت للمرصد السوري لحقوق الإنسان أن أعداد الخارجين في حي الوعر، وفقاً للاتفاق المبرم قبل أكثر من شهرين، بين ممثلين عن الحي وسلطات النظام، تجاوزت أكثر من 20 ألف، بسبب عزوف كثير من المدنيين عن البقاء في الحين ورغبتهم في مغادرة الوعر نحو الشمال السوري وإلى ريف حمص الشمالي، نتيجة لتخوف ساد لدى القاطنين في الحي من قيام سلطات النظام بإلحاق أبنائهم من المطلوبين لخدمة التجنيد الإجباري، وزجهم في صفوف قواتها، في حين أنه كان من المتفق أن يخرج نحو 12 ألف شخص من مقاتلين وعوائلهم ومن الراغبين بالخروج، وغالبيتهم من سكان حمص القديمة ومن خارج حي الوعر، وفقاً للاتفاق الموقع بين ممثلي الحي وسلطات النظام.
في سياق آخر، دعا تنظيم داعش الراغبين من مناصريه في مغادرة جنوب دمشق، إلى تسجيل أسمائهم في النقاط الإعلامية التابعة للتنظيم، وجاءت دعوة «داعش» بعد مفاوضات أجراها مع النظام تقضي بانسحابه من أحياء العسالي والحجر الأسود ومخيم اليرموك والتضامن جنوب العاصمة دمشق، والتوجه نحو مناطق سيطرة التنظيم في شمال شرقي البلاد.
وقالت مصادر في المعارضة بدمشق إن قرار انسحاب «داعش»، صدر عن والي التنظيم جنوب دمشق الذي تولى أمر مفاوضة النظام، وتضمن الاتفاق خروج عناصر التنظيم من أحياء جنوب دمشق، مقابل تسليم تلك الأحياء لقوات النظام.
ونشرت صفحات إعلامية معارضة على موقع «فيسبوك» صورة إعلان وزعه المكتب الإعلامي للتنظيم جنوب دمشق، وتضمن الإعلان فتح التنظيم باب التسجيل للمدنيين الراغبين بالخروج معه إلى حيث وجهته، عبر تحديد نقاط للتسجيل.
وأكدت مصادر محلية في حي القدم أنه سيتم خروج عناصر التنظيم بداية من يوم الثلاثاء المقبل، على أن تبدأ المرحلة التالية بترحيل فصائل الجيش الحر في حي القدم ممن أراد الخروج إلى إدلب.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.