تستعد كل من الهند وأفغانستان وإيران لتشكيل رابطة فيما بينها تهدف إلى عزل باكستان. ووفقاً لتصريحات بعض خبراء الأمن البارزين في الهند، حاولت كل من إيران وأفغانستان التقارب أخيراً مع الهند بشأن القيام بعمليات سرية ضد باكستان، حيث تعتبران أن الأجهزة الهندية تملك الكفاءة والخبرة الكافية للتعامل مع مثل هذه المواقف. وزارة الخارجية الهندية قالت لصحيفة «الشرق الأوسط» إنه لم يكن هناك من أحد على استعداد للإفصاح عن أي تفاصيل بشأن السياسة الهندية مع الجانبين الإيراني والأفغاني وإعادة توجيه السياسات شطر نيودلهي.
وفي حين أن الشكاوى الهندية الدائمة بشأن الإرهاب المقبل من باكستان، هي من الأمور المعروفة للمجتمع الدولي بأسره، فإن هناك شكاوى مماثلة بدأت تطفو على السطح من جيران إسلام آباد، مثل أفغانستان وإيران، والتي منحت الواقع الراهن دلائل جديدة وواضحة تدعوهما للانضمام إلى الهند في تنفيذ العمليات السرية لمحاولة وضع باكستان في حالة العزلة الدولية. وعلى خلفية هذه التطورات الأخيرة، صرح مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، دانيال كوتس، بتاريخ 11 مايو (أيار) أمام لجنة الاستخبارات في الكونغرس الأميركي، بأن الجماعات الإرهابية المتمركزة في باكستان لديها خطط لمهاجمة الهند وأفغانستان.
ولقد مارست الولايات المتحدة الضغوط على إسلام آباد لبذل مزيد من الجهود بهدف القضاء على الجماعات المتطرفة المسلحة التي تعمل انطلاقاً من أراضيها. ولقد دعا مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس دونالد ترمب، الجنرال ماكماستر، القادة في باكستان خلال رحلته الأخيرة إلى كابل الشهر الماضي إلى ملاحقة الجماعات المتطرفة المسلحة العاملة على أراضيها وبصورة أقل انتقائية مما كان عليه الأمر في الماضي.
وأردف المستشار الأميركي يقول: «أياً كان ما يجري على الحدود المشتركة بين باكستان وأفغانستان، وكذلك على الحدود مع الهند ومع إيران، فهو بكل تأكيد من التحديات القائمة بالنسبة للسياسة الخارجية الباكستانية». تقع باكستان على مفترق الطرق مع آسيا الوسطى ومنطقة الشرق الأوسط، مما يمنح موقعها الجغرافي أهمية كبيرة. وتشترك باكستان في الحدود مع 4 بلدان مجاورة؛ هي أفغانستان والصين والهند وإيران، حيث يصل مجموع الحدود المشتركة إلى 6975 كيلومتراً طولاً، مع استثناء المناطق الساحلية. يقول المحلل السياسي أمير حسين: «سوف تكتسب باكستان مزيداً من الخصوم بدلاً من الأصدقاء في المنطقة، إذا لم تعمل على تحسين علاقاتها الدبلوماسية مع جيرانها - بما في ذلك أفغانستان وإيران والهند - قبل التزامها السخي والمنفرد بقضية الممر الاقتصادي الباكستاني - الصيني الجديد. وهذا الممر بكل تأكيد يشكل آفاقاً اقتصادية مهمة لباكستان. ولكن لا ينبغي أن ننظر إلى الأمر من زاوية العزلة الدولية، مع اعتبار الموقف السياسي شديد التقلب في المنطقة والمصالح الدولية المتقاربة بهدف احتواء الصين».
وفي الآونة الأخيرة، هددت إيران بشن الهجمات على الإرهابيين العاملين ضد أراضيها من داخل باكستان، ولقد تسلمت إسلام آباد تهديدات ضمنية بشن مثل هذه الهجمات من قبل إيران، حيث حذر رئيس أركان الجيش الجنرال محمد حسين باغيري من أن بلاده لن تتردد في توجيه الضربات المباشرة للملاذات الآمنة في باكستان إذا فشلت الأخيرة في السيطرة على تحركات هذه الجماعات المتطرفة في المناطق الحدودية أو فشلت في إغلاق قواعدهم التي ينطلقون منها.
في 5 مايو الحالي، دخلت باكستان في صدام مسلح مع أفغانستان في منطقة شامان الحدودية أسفر عن مصرع 15 فرداً من الجانبين. وزعمت باكستان أن قوات الأمن الأفغانية قد أطلقت النار على فريق التعداد الإحصائي الباكستاني وفريق الأمن المرافق له على الجانب الباكستاني من الحدود المشتركة. ولقد ردت القوات الباكستانية كذلك، ثم زعمت في وقت لاحق أنها تمكنت من قتل 50 عنصراً من قوات الأمن الأفغانية، الأمر الذي دحضته كابل تماماً.
وعلى نحو مماثل، فإن أفغانستان غير راضية عن مستوى العلاقات الحالية بينها وبين باكستان، حيث رفضت الإذعان للضغوط الباكستانية بشأن العلاقات الأفغانية - الهندية ورفضت البقاء تحت رحمة باكستان من أجل مزاعم نشر السلام والاستقرار في البلاد. والدعم الباكستاني لحركة طالبان الأفغانية المتمردة معروف للعالم بأسره. أما بالنسبة إلى باكستان، فإن حركة طالبان تعتبر من الأصول الراسخة في مواجهة أفغانستان بغية احتواء النفوذ الهندي، فضلاً عن خلق أزمة داخلية في أفغانستان. ويلاحظ المراقبون أن حملات الإرهاب الباكستانية المتواصلة في الداخل الأفغاني تبدو كأنها تعود بنتائج سلبية وعميقة على الجارتين القريبتين من باكستان، اللتين تنظران الآن في التوجه شطر الهند والعمل على تنفيذ العمليات السرية المشتركة لمحاولة ردع باكستان.
يقول شانتانو موخرجي الخبير الاستراتيجي الهندي: «ليس لباكستان من داعم في المنطقة غير الصين. ومع التأكيدات الأميركية الأخيرة ومحاولات إظهار القوة مع إيران وأفغانستان التي أصبحت استباقية على نحو مطرد، يمكن للهند إعادة النظر في استراتيجية مكافحة الإرهاب لديها مع التركيز على باكستان لمواجهة التحديات الجديدة».
وسائل الإعلام الباكستانية وجهت تحذيرات إلى حكومة البلاد من العزلة الدولية ومحاولة مراجعة سياسات البلاد الخارجية. وذكر ستار خان، مراسل شبكة «دويتشه فيله» في إسلام آباد، أن حكومة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف قد اتخذت مبادرة دبلوماسية تهدف إلى تهدئة مخاوف طهران. ولكن من غير المرجح لمثل هذه الجهود أن تسفر عن أي نتائج ملموسة.
وقال خبراء دفاعيون في إسلام آباد إن التحالف الثلاثي بين الهند وأفغانستان وإيران حول ميناء تشابهار الاستراتيجي يشكل تهديداً مباشراً ضد باكستان، وطالبوا الحكومة الباكستانية باستخدام المناورات الدبلوماسية لتفادي الوقوع في هوة العزلة الدولية العميقة. وقال بارثاسارتي، السفير الهندي السابق في إسلام آباد والخبير الاستراتيجي في المنطقة: «شهدت العلاقات الإيرانية - الباكستانية توترات لفترة من الوقت، ولكن ارتفعت حدة العداء بين الدولتين المتجاورتين في الآونة الأخيرة. ولقد وقعت مصادمات عنيفة بين القوات الأفغانية والباكستانية على طول الحدود المشتركة بين البلدين، ولا يختلف الأمر كثيراً على طول ما يُعرف دولياً باسم خط السيطرة، وهو خط الحدود الهندية - الباكستانية الذي يمر بإقليم كشمير المتنازع عليه. وتعتبر هذه هي الفرصة المواتية بالنسبة إلى الهند لقيادة كتلة الدول الثلاث في مواجهة باكستان».
تحالف هندي ـ أفغاني ـ إيراني لعزل باكستان
خبراء دفاع في إسلام آباد طالبوا حكومتهم باستخدام الدبلوماسية لتفادي الوقوع في الهوة
تحالف هندي ـ أفغاني ـ إيراني لعزل باكستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة