النائب طعمة: «الانتخاب التأهيلي» يهدد التعايش في الجبل

قال لـ «الشرق الأوسط» إن قمة الرياض ستؤدي إلى متغيرات كثيرة في المنطقة

نعمة طعمة
نعمة طعمة
TT

النائب طعمة: «الانتخاب التأهيلي» يهدد التعايش في الجبل

نعمة طعمة
نعمة طعمة

حذر النائب نعمة طعمة، عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يرأسها النائب وليد جنبلاط، من «المسّ بصيغة العيش المشترك بين المسيحيين والدروز في الجبل، من خلال طرح مشاريع قوانين انتخاب لا تراعي التوازنات القائمة». وقال النائب طعمة، وهو وزير سابق، إن «القانون التأهيلي» الذي يصرّ عليه التيار الوطني الحرّ المؤيد لرئيس الجمهورية ميشال عون «يضرب مصالحة الجبل ويهدد العيش المشترك».
طعمة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال إن «ما نشهده اليوم من حراك يصبّ في سياق حركة اللقاءات والمشاورات والاتصالات بهدف التوصل إلى قانون انتخابي، وثمة حراك بلغ ذروته على جميع الخطوط، وهذا أمرٌ إيجابي يصب في إطار المنحى الديمقراطي».
وحض طعمة الممولين على عدم تناسي أن «لبنان ليس بمنأى عمّا يحدث في المنطقة من حروب ملتهبة وتحولات ومتغيرات لها تداعياتها اللبنانية، ناهيك بملف النازحين وحيث هناك أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وبطالة مستشرية في صفوف الشباب، خصوصاً خريجي الجامعات. ولذلك فإن أيّة صدمة سلبية إن على مستوى النقاش الدائر حول قانون الانتخاب أو سواه، لها انعكاساتها على مجمل الأوضاع المحلية، فكيف إذا كان الحال من خلال قانون الانتخاب، الذي وإن كان له أبعاده القانونيّة والدستورية، إنما يبقى ذا معطى سياسي ويحدّد الأحجام السياسية ويلعب دوره في مجمل البنية السياسيّة... إن كان لاحقاً على مستوى الانتخابات الرئاسية أو سواها من الاستحقاقات الدستورية».

العيش المشترك أساس
ثم قال: «أخذ البعض يطرح قوانين انتخابية من دون أن يدرك أو يراعي التوازنات الطائفية والمذهبية والواقع السياسي. وهنا سأكون واضحاً وصريحاً، فثمة مشروع انتخابي جرى طرحه، أي التأهيلي. برأيي يضرب العيش المشترك ويهدّد كلّ الإنجازات والخطوات التي حصلت في البلد، لا سيما في الجبل، أي المصالحة التاريخية التي رعاها البطريرك الماروني نصر الله صفير والزعيم وليد جنبلاط، و«هذه المصالحة عشنا تفاصيلها قبل إنجازها وبعدها وندرك حساسيّة الأوضاع، نظراً لما حصل في الجبل من حروب مؤسفة طويت إلى غير رجعة نتيجة هذه المصالحة، والآن هناك تعايش درزي - مسيحي في أفضل حالاته، لا بل التعايش قائم على المستوى الوطني بشكل عام. لذا، هل يعقل أن نوافق أو يسعى البعض لطرح قانون انتخابي لا يراعي أو يأخذ في الاعتبار هذا الواقع في الجبل. لقد دفعنا الثمن معاناة وجهوداً مضنية حتى وصلنا إلى تلك المصالحة التاريخية، ولن نسمح بالمسّ بها وهذا ما أكده النائب جنبلاط خلال تدشينه كنيسة السيدة في المختارة، وهو لا يترك مناسبةً إلا ويتطرق إليها».

لا نناور...
وعن القانون الانتخابي الذي يدعمه «اللقاء الديمقراطي» في ضوء الاتصالات حول هذه المسألة، أوضح طعمة: «موقفنا واضح... لا نناور ولا نقول شيئاً على الطاولة ثم نقول عكسه في مكانٍ آخر. إذ سبق وعرضنا أفكارنا وما نريده لا يتمحور حول زيادة الحصص النيابية، بمعنى لا يهمنا نائبٌ بالزائد أو نائب بالناقص، فموقف اللقاء الديمقراطي ورئيسه وليد جنبلاط ينحو باتجاه السعي لقانون انتخاب يأخذ بعين الاعتبار الواقع الحالي ويكون عادلاً ولا يستهدف التعايش الدرزي - المسيحي ومصالحة الجبل. هذا التعايش الفريد في الجبل من إقليم الخروب إلى الشوف وكلّ الجبل وليس لدينا مشكلة مع القوانين التي طُرِحَت، باستثناء تلك التي من شأنها ضرب مسيرة التعايش والمصالحة. لقد تقدم اللقاء الديمقراطي بمشروع قانون انتخاب سلّمه إلى رئيس المجلس النيابي نبيه برّي وعرض بالتفصيل في مؤتمر صحافي ولكنه رُفض من قبل البعض، وذلك أيضاً دليل على التنوع في الآراء والديمقراطية».
واستطرد: «اليوم هناك طروحات كثيرة، والنسبية مع الدوائر بدأت تشق طريقها. ولكن بصراحة إلى الآن ليس هناك من أمرٍ محسوم، فالأمور ما زالت مكانها ليس في الأفق حتى الساعة من توافق. نحن سهّلنا الانتخابات الرئاسية ورفضنا التمديد، والآن لا نريد الفراغ ولا التمديد للمجلس النيابي».
وحيال الفتور السياسي مع التيار الوطني الحر (التيار العوني)، اعتبر النائب طعمة أنه «من الطبيعي في السياسة وجود تباينات وخلافات حيال ملفات سياسية أو اقتصادية وغيرها، وهذا دليل عافية، إنما ما نبتغيه في هذه المرحلة بالذات أن نتجنب العودة إلى الصراعات التي كانت سائدة فيما مضى، وكذلك عدم اللجوء إلى الخطاب المذهبي والطائفي لأي سبب كان، فذلك يؤجّج الصراعات ويؤدي إلى الفتنة. نحن نرفض ونشجب تلك الأساليب من أي جهة كانت. لا نخفي أن هناك تباينات مع التيار الوطني الحرّ وأطراف أخرى، ولكن التواصل قائم مع التيار وسائر المكوّنات السياسية، وأبوابنا مفتوحة ولم نقفلها بوجه أي طرف سياسيّ».

قمة الرياض
أما عن قراءته للقمة العربية - الإسلامية - الأميركية في العاصمة السعودية الرياض فقال النائب طعمة: «كنّا نقول: يخطئ من يظن أن دور المملكة العربية السعودية قد انتهى أو ما شابه. فالمملكة لها مكانتها ودورها الريادي. إنها مملكة الاعتدال والتواصل مع كلّ الشعوب وداعية سلام وتسامح... ومَن كانت في كلّ المراحل إلى جانب القضايا العربية المحقّة، وفي طليعتها القضية الفلسطينية، ولم تدّخر جهداً في وقف الحروب التي حصلت في بعض الدول العربية. نتذكر في لبنان كيف أن المملكة ومن خلال رعايتها لاتفاق الطائف كان السلم الأهلي وتوقّف الحرب المدمّرة التي أنهكت بلدنا، والمملكة تتمتع بقيادة رشيدة من خلال دور وحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز... هذه القيادة الحكيمة تعمل لرخاء وازدهار المملكة وسعادة أبنائها وصولاً إلى دورها على المستويين العربي والإقليمي».
وتابع طعمة كلامه قائلاً: «ثمّة ترقّب لهذه القمّة التي باعتقادي سيكون لها وقعها الإيجابي، وسنشهد على ضوئها متغيرات كثيرة في المنطقة. ثمة علاقة بين الرياض وواشنطن، ولن نتوقف أمام ما كتب وقيل عبر تحليلات واستنتاجات كثيرة حول هذه العلاقة... فهذه القمة لدليل قاطع على الدور السعودي الفاعل، ولذا الرئيس الأميركي دونالد ترمب والإدارة الأميركية يدركان ذلك، ومدى أهمية هذا الدور من خلال مواقف المملكة في مواجهة كلّ أشكال الإرهاب والتطرف. وهي السبّاقة في ضرب هذه الآفات إلى مساعيها الآيلة لوقف الحروب في المنطقة. لذا أعتبر هذه القمة في مدينة الرياض علامة فارقة لما تمثله السعودية من حضور على المستويين العربي والدولي، وسيكون لها انعكاسات وترددات على غير مستوى وصعيد... مضيفاً: «لذا أتوقع أن يكون للقمة العربية الإسلامية الأميركية وقعها الإيجابي على قضايا المنطقة وسنشهد على ضوئها متغيرات كثيرة في المنطقة».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).