تركيا زودت واشنطن بمعلومات عن عمليات محتملة ضد الميليشيات الكردية في سوريا

تبحث مع موسكو توسيع مناطق تخفيف التوتر

تركيا زودت واشنطن بمعلومات عن عمليات محتملة ضد الميليشيات الكردية في سوريا
TT

تركيا زودت واشنطن بمعلومات عن عمليات محتملة ضد الميليشيات الكردية في سوريا

تركيا زودت واشنطن بمعلومات عن عمليات محتملة ضد الميليشيات الكردية في سوريا

كشفت مصادر عسكرية تركية عن أن أنقرة أبلغت واشنطن عزمها القيام بعمليات عسكرية تستهدف الميليشيات الكردية في شمال سوريا نظرا لأنها تشكل تهديدا على الأمن القومي التركي. ونقلت وسائل إعلام تركية أمس السبت عن هذه المصادر أن الوفد التركي، الذي زار واشنطن مؤخرا مرافقا للرئيس رجب طيب إردوغان في واشنطن الثلاثاء الماضي، أبلغ الجانب الأميركي بالمعلومات حول تحركات ضد تركيا في معسكرات ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال سوريا، وكذلك حزب العمال الكردستاني في سنجار بشمال غربي العراق. وقال إن أنقرة تعتزم إجراء عمليات عسكرية ضد تلك النقاط في هذه المرحلة، وإن القيادة التركية ستقوم بإبلاغ واشنطن قبل بدء العمليات.
كذلك أشارت المصادر إلى أن نحو 7 آلاف جندي تركي، غالبيتهم من القوات الخاصة، أتموا جميع الاستعدادات اللازمة للقيام بعمليات عسكرية في شمال سوريا، وتم اعتماد الخطط العسكرية التي سوف تستهدف مواقع الميليشيا الكردية. وكان الرئيس التركي إردوغان قال إنه أبلغ نظيره الأميركي دونالد ترمب خلال لقائهما في واشنطن أن تركيا ستوجه ضربات إلى الميليشيات الكردية في أي وقت تستشعر فيه أن هناك تهديدا لأمنها مؤكدا أن تركيا لن تستأذن أحدا.
وذكرت المصادر إلى أن الجانب الأميركي أوضح أن واشنطن ستواصل دعمها في هذه المرحلة للميليشيات الكردية التي تعد حليفا في الحرب على «داعش» لا سيما في ظل عدم وجود دعم روسي لها بالأسلحة. وتوقعت عدم استمرار الدعم الأميركي للميليشيات الكردية لافتة إلى أنهم سيخسرون الكثير خلال حربهم ضد «داعش» حتى رغم تزويد واشنطن لهم بأسلحة ثقيلة وأن واشنطن ستضطر لطلب دعم تركيا قريبا في عملية الرقة.
في السياق نفسه، أكد بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس ترمب إلى التحالف الدولي ضد «داعش» الإرهابي، أن بلاده تعتبر تركيا شريكاً مهما في الحرب على «داعش» وأنه لا يمكن هزيمة التنظيم من دونها. وكان ماكغورك يتحدث في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، ورئيس هيئة الأركان جوزيف دنفورد بمبنى البنتاغون مقر وزارة الدفاع في واشنطن مساء الجمعة حيث أشار ماكغورك إلى أن تركيا تعد ثاني أكثر بلد بعد العراق يزوره منذ توليه منصبه في التحالف. ولفت إلى أن «الولايات المتحدة تتعاون مع تركيا بخصوص مكافحة داعش، والأزمة السورية، خاصة أن عملية الرقة المرتقبة شمالي سوريا والاستقرار بعدها يتطلبان التنسيق بشكل وثيق مع تركيا».
يذكر أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو دعا الخميس الماضي إلى إبعاد ماكغورك عن منصبه في التحالف الدولي ضد «داعش» واتهمه بدعم الميليشيات الكردية. وحول هذا الأمر، قال ماكغورك «لدينا بعض الاختلافات التكتيكية مع تركيا، لكنني أكن احتراما بالغا لوزير الخارجية التركي، فهو نظير مقرب من وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، وأتمنى استمرار علاقاتنا مع جميع المسؤولين الأتراك».
في الوقت نفسه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن أنقرة ستتخذ الإجراءات المناسبة «دون تردد»، إذا تعرضت مصالحها القومية والوطنية وحدودها لأي مخاطر. وشدد على أن الجانب التركي نقل للأميركيين عدم شرعية مكافحة تنظيم إرهابي باستخدام آخر؛ في إشارة لدعم أميركا لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية. وأكد كالين، مجددا، أن تركيا لن تشارك في عملية تحرير مدينة الرقة من «داعش»، في حال شاركت فيها الميليشيات الكردية.
أما دنفورد فقال: «تركيا من أهم شركائنا، وعلاقاتنا معها بالغة الأهمية، ونحن عازمون على حمايتها» لافتا إلى أنه زار تركيا 9 مرات خلال العام الجاري، وعقد ما يزيد على 15 اجتماعا مع نظيره التركي خلوصي أكار بهدف توطيد العلاقات العسكرية بين البلدين. وأكّد أن قواته تتخذ التدابير اللازمة فيما يخص المخاوف التركية من القوات المشاركة في عملية السيطرة على مدينة الرقة السورية وأنهم اتخذوا بعض الخطوات بشأن ضمان عدم استخدام الأسلحة الأميركية الموجودة لدى تلك القوات خارج نطاق عملية الرقة.
على صعيد آخر، قالت المصادر العسكرية التركية إن أنقرة لن تتدخل بشكل فعلي في «مناطق تخفيف التصعيد» في سوريا، وإنها تعمل على حث المعارضة على الامتثال للاتفاق وتواصل محادثاتها مع روسيا من أجل إعلان منطقة جبل التركمان في محافظة اللاذقية السوري المتاخم للحدود التركية منطقة آمنة، وضمان عدم تجدد الاشتباكات في تلك المنطقة. وأشارت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموضوع سيطرح خلال مباحثات الرئيس إردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم مع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف في إسطنبول غدا الاثنين على هامش اجتماع لمنظمة البحر الأسود للتعاون. وكان مسؤولون من تركيا وروسيا وإيران التقوا في أنقرة الخميس لبحث خرائط مناطق تخفيف التصعيد وسبل مراقبتها وإمكانية توسيعها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.