«تعزيزات نوعية» أميركية إلى التنف

النظام السوري يحتج في جنيف وموسكو تحذر من العواقب

«تعزيزات نوعية» أميركية إلى التنف
TT

«تعزيزات نوعية» أميركية إلى التنف

«تعزيزات نوعية» أميركية إلى التنف

ضبطت الضربة الجوية التي نفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، يوم الخميس، واستهدف فيها مقاتلين يدعمون النظام السوري كانوا في طريقهم إلى قاعدة التنف العسكرية بجنوب سوريا قرب الحدود مع العراق والأردن، حركة قوات النظام وحلفائه. وكان هؤلاء قد أطلقوا قبل أسابيع معركة جديدة بهدف الوصول إلى الحدود السورية - العراقية تمهيداً لفتح طريق دمشق - بغداد وتأمين «خط الحرير الإيراني من طهران إلى دمشق».
خبراء سياسيون واستراتيجيون يرجحون أن تعمد دمشق وطهران بعد هذه الضربة لإعادة النظر بحساباتهما، وخصوصاً في ظل المعلومات عن «تعزيزات نوعية» وصلت إلى قاعدة التنف، حيث تتحصن قوات أميركية وبريطانية تتولى تدريب فصيلين معارضين أساسيين؛ هما «جيش مغاوير الثورة» و«أسود الشرقية».
ولقد أعلن قائد «جيش مغاوير الثورة» العقيد مهند الطلاع، أمس، أن قواته بحالة «استنفار وجهوزية تامة للتصدي لأي محاولات جديدة من قبل النظام وحلفائه للتقدم باتجاه قاعدة التنف أو المنطقة المحيطة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود «قرار واضح بالتصدي للميليشيات الإيرانية والسورية التي تسعى لفتح طريق بغداد - دمشق». وأردف: «فتح هذه الطريق يعيق معركتنا المقبلة لتحرير دير الزور، ونحن لن نسمح بذلك على الإطلاق». وكشف الطلاع أيضاً عن وصول «تعزيزات جديدة ونوعية» إلى قاعدة التنف، موضحاً أن «قوات التحالف الموجودة في القاعدة شريكة لقواته بكل الأعمال القتالية في الميدان».
من جهة أخرى، استبعد طلاس السلامة، قائد «جيش أسود الشرقية» أن تعاود قوات النظام وحلفائه التقدم باتجاه قاعدة التنف والمنطقة الحدودية مع العراق والأردن. واعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الضربة الأميركية الأخيرة وضعت حداً لكل طموحات النظام، وأكدت الموقف الأميركي الجاد بالحفاظ على مناطق نفوذ واشنطن». وتابع السلامة أنه «بعد الحركة الأميركية الأخيرة بات يمكن القول إن الغطاء الجوي لمعركة دير الزور بات مؤمناً».
جدير بالإشارة أن القوات المؤيدة للنظام التي حاولت الاقتراب من قاعدة التنف يوم الخميس لم تكرر محاولتها في الساعات الماضية، بل استعاضت عن ذلك برفع الصوت احتجاجاً على ما اعتبرته «عدواناً أميركياً». وفي حين شددت وزارة الخارجية الروسية على أن «الضربة الأميركية الجديدة على القوات الحكومية في سوريا مرفوضة جملة وتفصيلاً، وستأتي بعواقب حتمية على العملية السياسية»، قال بشار الجعفري رئيس وفد النظام إلى مباحثات جنيف، إنه طرح خلال لقائه أمس المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، ما وصفه بـ«العدوان الأميركي الجديد على سوريا». وقال للصحافيين، بعد انتهاء اللقاء: «تطرقنا في جلسة اليوم إلى العدوان الأميركي... وفي كل اجتماع نذكّر الحاضرين بأن هناك إرهاب حكومات يمارس في بلادنا».
وفي حين أعلنت دمشق أن القصف الجوي الذي نفذته طائرات التحالف الدولي قرب الحدود الأردنية استهدف «إحدى النقاط العسكرية للجيش السوري» في شرق البلاد، ووصفته بـ«الاعتداء السافر»، وفق ما نقل الإعلام الرسمي عن مصدر عسكري الجمعة، حذّر غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، من أن أي عمليات عسكرية تؤدي إلى تصعيد الوضع في سوريا «تؤثر حتماً على سير العملية السياسية في آستانة وجنيف». وأضاف: «لا سيما مثل هذه الخطوة التي استهدفت القوات المسلحة السورية».
الضربة الأميركية، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أسفرت عن مقتل 8 أشخاص «معظمهم غير سوريين». ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قوله إن واشنطن أرسلت طائرتين «استعراضاً للقوة» لإرغام المركبات السورية على العودة، وأضاف: «لكن المركبات لم تتوقف، مما أدى إلى التصعيد من استعراض للقوة إلى غارة جوية». ووفقاً للمسؤول الأميركي فقد اخترقت 13 مركبة «منطقة نزع السلاح» حول قاعدة التنف، وهي المنطقة التي أبلغ التحالف الروس بضرورة الابتعاد عنها. وأردف المسؤول أن 5 من المركبات كانت على بعد 29 كيلومتراً من القاعدة عند منتصف ليلة الخميس عند إرسال الطائرات الأميركية.
عبد الرحمن الحاج، الباحث المتخصص بشؤون الجماعات المتشددة، رأى أن الضربة الجوية الأميركية جاءت بمثابة «إيذان بأن معركة البادية بدأت»، لافتاً إلى أنها حلّت أيضاً كـ«تحذير للإيرانيين والنظام بأن الولايات المتحدة لن تسمح بأن يكون الممر مفتوحاً نحو طهران». وتابع الحاج: «الواقع أن إيران تملك ممرين؛ الأول من مناطق ميليشيا وحدات الحماية الكردية شمال شرقي سوريا، والثاني من التنف، حيث كان (داعش) يسيطر على الممر لسنوات، لكنه كان مفتوحاً للإيرانيين بصفقة. ولكن بعد سيطرة الجيش الحر عليه صار بحكم المغلق تماماً كما الممر الشمالي، بعد دخول الأميركيين إلى المنطقة». وأضاف الحاج: «وبما أن إمكانية فتح الممر عبر معبر التنف أسهل، نرى أن الميليشيات الإيرانية تبذل قصارى جهدها للوصول إليه، لكن الضربة الأميركية الأخيرة كانت بمثابة رسالة واضحة بأن الممر سيكون تحت سيطرة واشنطن، ولن يُسمح بفتحه مرة أخرى».
من جهته، اعتبر محمد سرميني، مدير مركز «جسور للدراسات» أن الضربة الأميركية «جاءت لترسخ التغيير التكتيكي بسياسة واشنطن التي بدأت برسم خطوط ميدانية لتحرك النظام السوري وحلفائه على الأرض الذين سيكون عليهم إعادة حساباتهم، التي ستتجلى قريباً بانسحابات لتشكيلات من حزب الله أو بإعادة تموضع أو تراجع». ورجح سرميني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تتكرر الضربات الأميركية في حال حاول النظام وطهران تجاوز الخطوط الأميركية المرسومة التي ترسخ مفهوم تقاسم النفوذ لا التقسيم، باعتبار أن ما يحصل مؤقت وهدفه الرئيسي تفكيك النظام ووضع حد للحقبة الماضية تمهيداً لانطلاق العملية السياسية الحقيقية.
ولفت سرميني إلى أن واشنطن تجهز لمعركة دير الزور، ولذلك لن تسمح لقوات النظام وإيران بالحشد في المنطقة، كاشفاً أن دراسة حديثة أعدها مركز «جسور» أظهرت أن «جيش مغاوير الثورة» الذي تدعمه واشنطن، والذي من المتوقع أن يخوض معركة دير الزور، هو الفصيل المعارض الذي يسيطر على أكبر مساحة جغرافية تتمثل وبشكل رئيسي بمنطقة البادية.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.