رئيس الحكومة التونسية يعين ولاة جدداً بعد تنامي الاحتجاجات

رئيس الحكومة التونسية يعين ولاة جدداً بعد تنامي الاحتجاجات
TT

رئيس الحكومة التونسية يعين ولاة جدداً بعد تنامي الاحتجاجات

رئيس الحكومة التونسية يعين ولاة جدداً بعد تنامي الاحتجاجات

قرر يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، إدخال تغييرات في منصب الولاة أمس، شملت أربع ولايات، وذلك في أعقاب تنامي موجة الاحتجاجات التي اجتاحت عدة مناطق في الجنوب.
وأصدرت رئاسة الحكومة أمس، بيانا تضمن أسماء الولاة الجدد، حيث سيشغل سامي الغابي منصب الوالي في قبلي، وصالح مطيراوي واليا في توزر.
وكان رئيس الحكومة قد نصب واليا جديدا أيضا في تطاوين في أبريل (نيسان) الماضي، وهي المنطقة التي شهدت بداية الاحتجاجات، إلى جانب اعتصام ينفذه عاطلون عن العمل على مقربة من شركات الطاقة. كما دفع رئيس الحكومة بوال جديد في سوسة هو عادل شليوي، بينما تم نقل والي توزر القديم منير حامدي لشغل ذات المنصب في القيروان وسط تونس.
وفي السياق ذاته، أعلنت الحكومة عن تفاصيل إعادة هيكلة وزارة الداخلية لتفصل بين عدد من المهام، وأعادت على وجه الخصوص مجموع الوظائف المتعلقة بعمل الولاة وصلاحياتهم الإدارية والأمنية (الوالي أو المحافظ هو المسؤول الحكومي الأول على المستوى الجهوي)، وألحقتهم من جديد بوزارة الداخلية بعد أن ألحقت هذه الوظيفة الإدارية الكبرى برئاسة الحكومة منذ نحو سنة.
وتتمثل إعادة هيكلة سلك الولاة في استعادة الصلاحيات التي حذفت منه خلال السنة الماضية، بما يمكن الوالي من أن تكون له السلطة على رؤساء أقاليم الأمن والحرس ورؤساء المراكز الأمنية، وبالتالي اتخاذ قرارات فورية في حال تنظيم احتجاجات قد تعطل الإنتاج، أو تعيق وصول الثروات الطبيعية إلى مواقع التصدير. ولم يعد بإمكان الولاة اتخاذ القرارات التي تهم الوضع الأمني، والتي أصبحت من اختصاص رؤساء الأقاليم والمناطق الأمنية الذين يتلقون التعليمات مباشرة من وزارة الداخلية. وفي هذا الشأن اعتبر عياض بن عاشور، وهو أستاذ مختص في القانون العام، أن إعادة هيكلة وزارة الداخلية في اتجاه مراجعة وتوسيع صلاحيات الوالي بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية، والمشرف الأول على الوضع الأمني في الجهات ومصدر القرار الأول على المستوى الجهوي، يثير إشكالا قانونيا باعتبار أن دستور الجمهورية الثانية لا يعطي سلطة تنفيذية مطلقة لرئيس الجمهورية مثلما كان الأمر في السابق، وبالتالي لا يمكنه التدخل لتمكين المسؤولين في الجهات من صلاحيات تخالف دستور 2014.
على صعيد متصل، استمع أعضاء لجنة الأمن والدفاع في البرلمان إلى فرحات الحرشاني، وزير الدفاع الوطني، بشأن قرار رئيس الجمهورية المتعلق بتكليف المؤسسة العسكرية بحماية المنشآت ومواقع الثروات الطبيعية ضد الاحتجاجات إثر اتهام المعارضة لمؤسسات الحكم بـ«عسكرة منشآت إنتاج الطاقة»، حيث طالب أعضاء اللجنة البرلمانية بتوضيحات حول الإجراءات التي ستتخذها وزارة الدفاع، إثر خطاب الباجي في العاشر من مايو (أيار) الحالي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم