أربعة قادة ميدانيين من باب التبانة سلموا أنفسهم للجيش وتوقيف خامس من جبل محسن

مصادر أمنية لبنانية تنفي أي وعود مسبقة بتسوية أوضاعهم

أربعة قادة ميدانيين من باب التبانة سلموا أنفسهم للجيش وتوقيف خامس من جبل محسن
TT

أربعة قادة ميدانيين من باب التبانة سلموا أنفسهم للجيش وتوقيف خامس من جبل محسن

أربعة قادة ميدانيين من باب التبانة سلموا أنفسهم للجيش وتوقيف خامس من جبل محسن

سلم أربعة من أبرز قادة المحاور الميدانية في منطقة باب التبانة في مدينة طرابلس، شمال لبنان، أنفسهم ظهر أمس إلى فرع مخابرات الجيش اللبناني في الشمال، في خطوة تأتي في سياق ترجمة نجاح خطة الحكومة الأمنية في المدينة وقطع الطريق على أي تصعيد أمني قد يحصل في المرحلة المقبلة.
وأكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «أربعة من أبرز المطلوبين للعدالة في طرابلس، وهم سعد المصري، زياد علوكي، عمر محيش وخالد قواص، حضروا بملء إرادتهم إلى مركز مخابرات الجيش اللبناني في منطقة القبة في طرابلس، وسلموا أنفسهم إلى مدير مخابرات الشمال العميد عامر الحسن، وقد باشر الفرع التحقيق معهم بإشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر».
وتزامن تسليم الأربعة أنفسهم، وفق المصدر الأمني ذاته، مع «إلقاء دورية من فرع مخابرات الشمال القبض على مصطفى رمضان الملقب بـ(الرانج)، وهو قائد محور في منطقة جبل محسن، ذات الغالبية العلوية، ويتبع إلى الحزب العربي الديمقراطي بقيادة رفعت علي عيد، المتواري عن الأنظار».
وفيما يبشر توقيف قادة المحاور بدخول طرابلس مرحلة جديدة من الاستقرار، بعد أن أصبح معظم المقاتلين وقادتهم من جبل محسن وباب التبانة في قبضة الأجهزة القضائية والأمنية، رجحت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن تكون مبادرة القادة الأربعة إلى تسليم أنفسهم «جاءت بعد اقتناعهم بأن المرحلة الراهنة لم تعد مرحلتهم، وبعدما أيقنوا أن الدولة أمسكت بالوضع الأمني على الأرض بكل حزم، واتخذت قرارا برفض العودة إلى الوراء». وأشارت إلى أن «الموقوفين الجدد فقدوا كل عناصر القوة التي كانوا يرتكزون إليها، فهم لم يعودوا مقبولين من كل الشرائح في منطقة التبانة، ومن اكتووا بنار معاركهم لم تعد لديهم رغبة في العودة إلى سيناريو الاقتتال اليومي، فضلا عن أن معظم المقاتلين الذين كانوا تحت إمرتهم باتوا في قبضة الدولة، وهم الآن في عهدة القضاء العسكري».
ونفت المصادر الأمنية ما يحكى عن وعود تلقاها قادة المحاور بتسوية أوضاعهم، جازمة بأنه «لا تسويات في القضايا الأمنية التي تمس سيادة الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية، خصوصا في ملفات تسببت بقتل عشرات الأبرياء»، لكنها استطردت، لافتة إلى أن «قادة المحاور الذين باتوا موقوفين على ذمة التحقيق كانوا بعثوا برسائل قبل يومين أبدوا فيها استعدادهم لتسليم أنفسهم شرط تسوية أوضاعهم وعدم الاعتداء عليهم، فكان الوعد الذي أعطي لهم بأنهم في حال عبروا عن حسن نية سيحظون بمحاكمة عادلة، كباقي الأشخاص الذين جرى توقيفهم منذ بدء الخطة الأمنية قبل نحو شهر».
وعلمت «الشرق الأوسط»، أن «هذه الخطوة سبقها الأسبوع الماضي، تسليم أحد قادة المحاور ويدعى عامر قريش، إلى الجيش في طرابلس وهو مطلوب بموجب وثيقة أمنية وبلاغات بحث وتحر بإطلاق النار والاشتراك في المعارك التي شهدتها طرابلس، وقد مثل قريش أمس أمام قاضي التحقيق الأول في الشمال رفول بستاني، الذي استجوبه في قضية إطلاق النار على موكب الوزير السابق فيصل كرامي في طرابلس صيف العام الماضي».
ولم يقتصر هذا التطور على مقاتلي باب التبانة ومسؤولي جبهتها فحسب، إنما انسحب على الجبهة المقابلة، إذ أوضحت المصادر الأمنية ذاتها أن «أحد أهم عوامل نجاح الخطة الأمنية، هو معاملة الجميع على قدم المساواة وتحت سقف القانون»، مشيرة إلى أن «الجيش أوقف حتى الآن العشرات من مقاتلي جبل محسن، وأحالهم إلى القضاء، فيما لا يزال البحث جاريا عن أشخاص آخرين، البعض منهم لا يزالون في طرابلس ومحيطها، فيما ترجح المعلومات أن يكون البعض الآخر بات خارج الأراضي اللبنانية».
وكان زعيم الحزب العربي الديمقراطي العلوي في جبل محسن علي عيد ونجله رفعت المطلوبين للقضاء اللبناني قد تواريا عن الأنظار بعد الإعلان عن بدء تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، وتتضارب المعلومات حول مكان وجودهما وترجح تقارير إعلامية وجودهما في سوريا. يذكر أن مدينة طرابلس شهدت 20 جولة قتال بين جبهتي باب التبانة وجبل محسن منذ عام 2008، أودت بحياة المئات من القتلى والجرحى، كما قضى العشرات في تفجيرين مزدوجين استهدفا مداخل مسجدي السلام والتقوى في شهر أغسطس (آب) الماضي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.