انطلاق مشاورات تعديل الدستور في الجزائر تحت إشراف مدير ديوان بوتفليقة

الخطوة مفتوحة على الجميع باستثناء من لا يؤمن بالعمل السياسي السلمي

أحمد أويحيى
أحمد أويحيى
TT

انطلاق مشاورات تعديل الدستور في الجزائر تحت إشراف مدير ديوان بوتفليقة

أحمد أويحيى
أحمد أويحيى

بدأ وزير الدولة مدير ديوان الرئاسة الجزائرية، أحمد أويحيى أمس (الخميس)، اتصالاته بالأحزاب والشخصيات السياسية الفاعلة في البلاد تحسبا لتعديل دستوري تعهد به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2011، من دون أن يحدث بسبب تدهور حالته الصحية. وأعاد الرئيس طرح الموضوع خلال حملة انتخابات الرئاسة التي جرت في 17 من الشهر الماضي، وفاز بأغلبية الأصوات فيها.
وقال مصدر مقرب من أويحيى، لـ«الشرق الأوسط» إنه تلقى تعليمات من الرئيس بوتفليقة تفيد بالتواصل مع كل المعارضة، أحزابا وشخصيات باستثناء من لا يؤمن بالعمل السياسي السلمي. وتحمل هذه العبارة إيحاءات تتعلق بنشطاء «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، وتحديدا الرجل الثاني فيها علي بن حاج الذي دعا الأسبوع الماضي، إلى «محاكمة بوتفليقة لأنه داس على الدستور طوال سنوات حكمه، ولا يمكن أن نسمح له بتعديله وفق هواه». وقال بن حاج أيضا، إن الدستور الذي يسعى إليه الرئيس «مجرد مناورة سياسية لكسب الوقت، والتغطية على الهزيمة الانتخابية التي قاطعها معظم الشعب الجزائري».وأضاف المصدر، الذي تحفظ على نشر اسمه، أن أويحيى، الذي كان رئيسا للحكومة، مطالب بالاتصال بالمعارضة التي رفضت من حيث المبدأ المشاركة في الاستشارة المرتقبة بشأن تعديل الدستور، وأن يطلب من قادتها مقترحاتهم بخصوص الوثيقة التي يثار حولها جدل كبير منذ سنوات، لأن صاحبها لم يكشف عما يريد إدخاله من تعديلات على القانون الأعلى في البلاد.
ورفضت أبرز أحزاب المعارضة الموضوع من أساسه، عندما أعلن عنه بوتفليقة لأول مرة في 28 من الشهر الماضي، بمناسبة خطاب تنصيبه رئيسا لولاية رابعة، بحجة أن الرئيس «يلتف على المطلب الحقيقي للجزائريين المتمثل في تغيير النظام، بينما هو يبحث عن إطالة عمره». ويأتي على رأس هذه الأحزاب، «حركة مجتمع السلم» الإسلامية و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» العلماني، و«جيل جديد» الليبرالي.
وعلى صعيد الشخصيات، رفض رئيسا الحكومة الأسبقان أحمد بن بيتور وعلي بن فليس المسعى، ويرتقب أن يرفضه رؤساء حكومات سابقون لأنهم رفضوا بشدة ترشح بوتفليقة لولاية رابعة، مثل مولود حمروش وسيد أحمد غزالي.
ويرجح أن الاستشارة حول الدستور ستقتصر على «أحزاب الموالاة»، وهي «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية) و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«تجمع أمل الجزائر» و«الحركة الشعبية الجزائرية»، وعشرات التنظيمات والجمعيات التي خاضت الحملة لمصلحة بوتفليقة في انتخابات الرئاسة.
وقال بوتفليقة في اجتماع لمجلس الوزراء عقد مساء أول من أمس (الأربعاء)، هو الأول منذ الانتخابات، إن «الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والجمعيات، ستتلقى في منتصف شهر مايو (أيار) اقتراحات التعديل التي خلصت إليها لجنة الخبراء لتتم بعد ذلك دعوة الأطراف المتحاور معها،إلى لقاءات مطلع يونيو (حزيران) لعرض ومناقشة آرائها»، في إشارة إلى «لجنة» تتكون من ستة مختصين في القانون الدستوري كلفها بوتفليقة في 2012 بإعداد مسودة للدستور، وفي سبتمبر (أيلول) 2013 سلمت المسودة لرئيس الوزراء عبد المالك سلال. وسبق لبوتفليقة أن كلف عبد القادر بن صالح رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، باستشارة كل الأحزاب والشخصيات والتنظيمات والنقابات، بشأن التعديل الدستوري. وجرى ذلك في يونيو 2011. ولم يظهر أي شيء عن نتائج تلك الاستشارة التي يعتقد أن الرئيس وضعها جانبا، بعد الجلطة الدماغية التي تعرض لها في ربيع العام الماضي، والتي أفقدته التحكم في بعض وظائفه الحسية.
وأفاد بوتفليقة في مجلس الوزراء أنه سيدعو «الأطراف المتحاور معها إلى لقاءات برئاسة الجمهورية، ستباشر مطلع شهر يونيو المقبل، لعرض ومناقشة آرائها وتعقيباتها وربما اقتراحاتها البديلة لاقتراحات اللجنة، التي يكون لها ما يكفي من الوقت لدراستها». وأضاف «لقد كلفت السيد وزير الدولة، مدير ديوان رئاسة الجمهورية بإدارة كامل العملية المذكورة أعلاه تحت إشرافي. وستجري هذه الاتصالات والاستشارات في كنف الشفافية». وتابع «لما يجري الفراغ من هذه المشاورات، سيصاغ مشروع موحد لمراجعة الدستور يأخذ في الحسبان آراء الشركاء في هذا الحوار واقتراحاتهم، وحينئذ سيخضع النص للإجراء المتعلق بمراجعة الدستور على أساس المادة 174 أو المادة 176 من الدستور الحالي».
وتعطي المادة 174 من الدستور لرئيس الجمهورية حق المبادرة بالتعديل الدستوري، وبعد أن تصوت عليه غرفتا البرلمان بنفس الصيغة التي تطبق على نص تشريعي يعرض على الاستفتاء الشعبي. أما المادة 176 فتنص على أنه إذا قدر «المجلس الدستوري» أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس بالتوازنات السياسية للسلطات والمؤسسات الدستورية يمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري، مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي بشرط أن يحوز ثقة ثلاثة أرباع أعضاء غرفتي البرلمان.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».