رئيس أركان الجيش المصري يزور بنغازي للمرة الأولى ويلتقي حفتر

غداة عرض عسكري ضخم هو الأول من نوعه منذ سقوط نظام القذافي

ليبيون يحملون صور حفتر وأعلاماً ليبية في أثناء احتفالهم بمرور ثلاثة أعوام على تحرير بنغازي (رويترز)
ليبيون يحملون صور حفتر وأعلاماً ليبية في أثناء احتفالهم بمرور ثلاثة أعوام على تحرير بنغازي (رويترز)
TT

رئيس أركان الجيش المصري يزور بنغازي للمرة الأولى ويلتقي حفتر

ليبيون يحملون صور حفتر وأعلاماً ليبية في أثناء احتفالهم بمرور ثلاثة أعوام على تحرير بنغازي (رويترز)
ليبيون يحملون صور حفتر وأعلاماً ليبية في أثناء احتفالهم بمرور ثلاثة أعوام على تحرير بنغازي (رويترز)

في أول زيارة رسمية من نوعها لمسؤول كبير في الجيش المصري إلى ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، بدأ، أمس، رئيس أركان حرب الجيش المصري الفريق محمود حجازي زيارة مفاجئة إلى شرق ليبيا، غداة احتفال عسكري كبير أُقيم هناك بمناسبة مرور ثلاث سنوات على انطلاق عملية الكرامة العسكرية لتحرير بنغازي من قبضة المتطرفين، تعهَّد خلاله المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي باستمرار الحرب ضد «المخربين» الذين يسعون إلى نشر الفوضى بالبلاد، وأكد أنه لن يهدأ حتى تعود العاصمة طرابلس إلى سيطرة الجيش.
ووصل الفريق حجازي الذي يتولى أيضاً رئاسة اللجنة المصرية الرسمية المعنية بالأزمة الليبية، على رأس وفد مصري رفيع المستوى إلى مطار بنينا الدولي، قبل أن يلتقي المشير حفتر بمقره في منطقة الرجمة شرق بنغازي.
ولم يصدر أي بيان رسمي مصري حول الزيارة، لكن وكالة الأنباء الليبية الموالية للسلطات في شرق ليبيا، قالت في المقابل إن الوفد الذي ضم أيضاً مدير المخابرات الحربية اللواء محمد الشحات، جاء «لتقديم التهنئة بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة الكرامة التي انطلقت لتحرير البلاد من قبضة الجماعات الإرهابية المتطرفة».
وكان المشير حفتر قد اعتبر أن الجيش صمد في وجه مشكلات جمة. وقال في كلمة ألقاها خلال هبوط مظليين ثبتوا بأقدامهم أعلام ليبيا لدى الاحتفال بمرور 3 أعوام على عملية تحرير بنغازي: «فرضوا علينا حظر التسليح ودعموا الإرهابيين وأسقطوا صواريخ وأطلقوا الرصاص وقطعوا رؤوس الرجال وأوقفوا تصدير النفط واشتروا المناصب، وكل ذلك من أجل أن نركع ولكننا أبداً لن نركع إلا لله».
وجدد تعهده بالمساعدة في توطيد الاستقرار بالعاصمة طرابلس، قائلاً إن الجيش لكل الليبيين، وقال: «لن نترك طرابلس عاصمتنا العزيزة الغالية معقلاً للإرهابيين ووكراً للمجرمين ومرتعاً للعابثين، ولن تهنأ بنغازي ولا الشعب الليبي حتى تعود طرابلس إلى حضن الوطن، عامرة بأهلها، آمنة مطمئنة».
وأضاف حفتر في كلمته التي استغرقت نحو ربع ساعة تقريباً، وأُذيعَت عبر قناة تلفزيونية محلية: «سنواصل نضالنا معاً، حتى نستعد الوطن بأكمله، فكل حبة تراب من أرضنا هي عرضنا وشرفنا، وكل شهيد من صفوفنا هو رمز لفخرنا وعزتنا وكرامتنا».
وشهد حفتر عرضاً عسكرياً كبيراً، أول من أمس، شارك فيه الآلاف من قوات الجيش في منطقة توكرة الواقعة على بعد 65 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من بنغازي، بحضور قادة آخرين بالجيش الوطني الليبي وساسة بارزين من حكومة وبرلمان شرق ليبيا.
وشاركت في العرض دبابات وراجمات صواريخ «غراد» وطائرات هليكوبتر ومقاتلات، في حدث وُصِف بأنه الأكبر من نوعه منذ عام 2011، وأعاد إلى الأذهان عروضاً مشابهة إبان حكم القذافي.
وأصبح الجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر القوة المسيطرة على شرق ليبيا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، لكنه لا يزال يواجه مقاومة مسلحة في بنغازي وغيرها من المناطق ويتكبد خسائر فادحة.
والجيش متحالف مع الحكومة والبرلمان المتمركزين في الشرق، ويرفضان حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، برئاسة فائز السراج.
وأحبط ذلك الجهود الغربية لإنهاء الصراع الذي تأجج بين تحالفين فضفاضين في عام 2014 ليزيد الانقسامات والاضطرابات التي واكبت الانتفاضة ضد القذافي في 2011.
وشن حفتر عملية «الكرامة» ضد المتشددين الإسلاميين الذين شَنّوا موجة من التفجيرات والاغتيالات في بنغازي، فيما يخشى خصوم حفتر من احتمال سعيه إلى السيطرة العسكرية على العاصمة، رغم أن غالبيتهم يشككون في قدرته على القيام بذلك.
وفي الفترة الأخيرة، بدا حفتر أكثر انفتاحاً على الحوار، والتقى بالسراج في أبوظبي. لكن تعليقات تالية للاجتماع لوزير الخارجية في طرابلس، أوضحت أن قبول حفتر قائداً للجيش أثار رد فعل غاضباً بين الفصائل في غرب ليبيا.
وسيطر الجيش الوطني الليبي على موانئ نفط رئيسية للمرة الثانية مطلع العام الحالي، بعدما أحبط محاولة لميلشيات مسلحة، بعضها موالٍ لحكومة السراج لاستعادة السيطرة على منطقة الهلال النفطي الاستراتيجي.
ولا يزال الجيش يقاتل في ضاحيتي سوق الحوت والصابري ببنغازي. وقال المتحدث العسكري إن أحد رجاله قُتِل، وأصيب آخر في انفجار لغم أرضي، بينما قتل 15 جندياً على الأقل من الجيش الوطني الليبي وأصيب 60 آخرون في حملة عسكرية بالمنطقة، الأسبوع الماضي.
وجاءت هذه التطورات فيما نفت إيطاليا رسمياً أي خطة لإرسال جنود إلى الحدود ما بين ليبيا والنيجر لوقف تدفق المهاجرين من دول جنوب الصحراء إلى الساحل الليبي، الذين ينطلقون منه بحراً إلى الشواطئ الإيطالية.
وقالت وزارة الدفاع الإيطالية في بيان لها إنه «لا توجد فرضية تشغيلية بهذا الصدد»، في رد على رسالة مسربة ومشتركة لوزيري الداخلية الألماني والإيطالي للمفوضية الأوروبية طالبا خلالها «بنشر بعثة أوروبية» على الحدود بين النيجر وليبيا للتصدي للهجرة السرية.
وتزامن ذلك مع ما أعلنه رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني من التزام بلاده مع روسيا من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا.
وقال باولو في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «آكي» الإيطالية، عقب لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في سوتشي، بجنوب روسيا، إن إيطاليا تدعم في ليبيا حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج على أساس قرار الأمم المتحدة، لكنه أضاف: «ندرك أن قاعدة هذا الوفاق يجب أن تتوسع، ونحن نسعى لتوسيع يشمل جهات كبرى، كالجنرال (خليفة) حفتر».
وبعدما عَبّر عن قناعته بأن الالتزام المشترك يمكن أن يكون مفيداً، ويجب أن يسير بهذا الاتجاه، اعتبر رئيس الحكومة الإيطالية أن «ليبيا أكثر اتحاداً تساعد على استقرار المنطقة، وتقسيمها يشكل خطراً على الجميع».
وأضاف: «علينا أن نتعاون مع روسيا بدءاً من الأزمة في ليبيا إلى التصدي للإرهاب»، لافتاً إلى أن «هناك مجالات للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب وإدارة بعض الأزمات الإقليمية».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».