«الملاذات» ترتفع عالمياً مدفوعة بتزايد المخاوف

الذهب والين والفرنك إلى أعلى المستويات... وتراجع الأسهم والدولار

«الملاذات» ترتفع عالمياً مدفوعة بتزايد المخاوف
TT

«الملاذات» ترتفع عالمياً مدفوعة بتزايد المخاوف

«الملاذات» ترتفع عالمياً مدفوعة بتزايد المخاوف

مع تزايد المخاوف النابعة من غموض في كثير من الملفات السياسية حول العالم، أقبل المستثمرون بشكل كبير على الملاذات الآمنة، ليصعد أمس الذهب والين الياباني والفرنك السويسري، بينما تراجعت أغلب أسواق الأسهم، وتراجع الدولار، بشكل كبير.
ومن بين الملفات التي تثير القلق الاقتصادي العالمي قضايا داخلية أميركية، والارتباك الذي أحدثه هجوم إلكتروني واسع خلال الأسبوع الماضي، إضافة إلى عدم اتضاح الرؤية المتزايد حول طبيعة المفاوضات المقبلة بين بريطانيا وشركائها بالاتحاد الأوروبي خلال مرحلة تفعيل الانفصال، كذلك الغموض المتنامي حول مستقبل ملف الديون اليونانية مع تصاعد التوترات هناك، بينما يعمق عدم الاتفاق العالمي حول ملفات التجارة الحرة من تلك المخاوف.
وصعد الذهب لأعلى مستوى له في أسبوعين، أمس (الأربعاء)، مرتفعاً لليوم الخامس على التوالي، بعد تراجع الأسهم الآسيوية، وانخفاض الدولار، في ظل حالة من الضبابية. وبحلول الساعة 07:46 بتوقيت غرينتش، زاد الذهب في المعاملات الفورية 0.6 في المائة إلى 1243.31 دولار للأوقية (الأونصة)، بعدما ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ 3 مايو (أيار) عند 1244.70 دولار للأوقية في وقت سابق من الجلسة.
ومن بين المعادن النفيسة الأخرى، صعدت الفضة لأعلى مستوى لها منذ 2 مايو، وزادت 0.3 في المائة إلى 16.87 دولار للأوقية. ووصل البلاتين لأعلى مستوى له منذ الأول من مايو في وقت سابق من الجلسة، لكنه انخفض بعدها 0.1 في المائة إلى 936.74 دولار للأوقية. كما انخفض البلاديوم 0.3 في المائة إلى 791.50 دولار للأوقية.
وعلى مستوى العملات، تأثر الدولار سلباً ببيانات اقتصادية قوية في منطقة اليورو، وانخفاض العائد على السندات الأميركية مع تصاعد التوتر في واشنطن وصدور بيانات ضعيفة عن الإسكان. فيما ارتفع الين إلى أعلى مستوياته في أسبوعين، وبلغ الفرنك السويسري أعلى سعر له في 7 أسابيع أمام الدولار، أمس. ويعد الين والفرنك من بين الملاذات الآمنة العالمية.
واقترب مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من العملات الرئيسية من أدنى مستوياته منذ 9 نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد تخليه عن المكاسب التي حققها منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات. وكان المؤشر قد صعد لأعلى مستوى في 14 عاماً عند 103.82 في 3 يناير (كانون الثاني)، توقعاً للإصلاحات الضريبية والإجراءات التحفيزية التي تعهد بها ترمب.
وارتفع الين 0.7 في المائة إلى 112.26 ين للدولار مسجلاً أعلى مستوياته منذ 5 مايو، بينما صعد الفرنك السويسري إلى 0.9820 فرنك للدولار مسجلاً أعلى مستوى له منذ 27 مارس (آذار).
وقفز اليورو فوق 1.11 دولار الليلة قبل الماضية، وبلغ 1.1122 دولار مسجلاً أعلى مستوى له منذ 9 نوفمبر في التعاملات الأوروبية المبكرة. وارتفع اليورو 0.1 في المائة في أحدث المعاملات عصر أمس، ليصل إلى 1.1089 دولار.
ونزل اليورو 0.5 في المائة أمام العملة اليابانية إلى 124.68 ين، مع إقبال المستثمرين على جني الأرباح عقب وصول العملة الأوروبية الموحدة لأعلى مستوياتها في 13 شهراً عند 125.815 ين أول من أمس (الثلاثاء).
وارتفع الجنيه الإسترليني، أمس، إلى الحد الأعلى لنطاق تداوله أمام الدولار في الشهر الأخير مسجلاً 1.2952 دولار، بعد تراجعه في وقت سابق عقب صدور بيانات عن الأجور والوظائف جاءت متماشية مع التوقعات إلى حد كبير. كما زاد الإسترليني أمام اليورو 0.2 في المائة، متعافياً من أدنى مستوياته في 5 أسابيع ليجري تداوله عند 85.67 بنس لليورو.
وعلى صعيد الأسهم، نزلت الأسهم الأوروبية أمس، مع اتجاه المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن في الأسهم الدفاعية، مثل شركات الاتصالات والمواد الغذائية والمشروبات.
ونزل المؤشر «ستوكس 600» للأسهم الأوروبية 0.3 في المائة، مع تراجع المؤشرات الرئيسية في المنطقة مقتفية أثر الأسهم العالمية والدولار. ويتجه المؤشر «فايننشال تايمز 100» البريطاني لإنهاء موجة صعود استمرت 9 أيام، ونزل من مستوى قياسي جديد مرتفع بلغه يوم الثلاثاء. غير أن سهم بنك لويدز ارتفع 0.9 في المائة، بعد أن باعت الحكومة الأسهم المتبقية لها في البنك. وهبط المؤشر «داكس» الألماني 0.8 في المائة، و«كاك» الفرنسي 0.6 في المائة، في بداية التعاملات أمس. وبدورها، فتحت البورصة الأميركية على هبوط أمس، إذ انخفض المؤشر «داو جونز» الصناعي 172.66 نقطة، أو 0.82 في المائة، إلى 20807.09 نقطة. ونزل المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 18.86 نقطة، أو 0.78 في المائة، إلى 2381.81 نقطة. وتراجع المؤشر «ناسداك» المجمع 58.66 نقطة أو 0.95 في المائة إلى 6111.22 نقطة.



لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن قرار مجلس الإدارة بخفض أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة للمركزي الأوروبي بمقدار 25 نقطة أساس، يستند إلى التقييم المحدث لآفاق التضخم، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. وأشارت، في المؤتمر الصحافي عقب إصدار القرار، إلى أن عملية خفض التضخم تسير وفق المسار المخطط لها.

ويتوقع موظفو البنك أن يكون متوسط التضخم الرئيسي 2.4 في المائة خلال 2024، و2.1 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة خلال 2026، و2.1 في المائة خلال 2027، عندما يبدأ العمل بنظام تداول الانبعاثات الموسّع في الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة للتضخم، الذي يستثني الطاقة والطعام، يتوقع الموظفون متوسطاً يبلغ 2.9 في المائة خلال 2024، و2.3 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة في كل من 2026 و2027.

وأضافت لاغارد: «يشير معظم مقاييس التضخم الأساسي إلى أن التضخم سيستقر حول هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة بشكل مستدام. وعلى الرغم من انخفاض التضخم المحلي قليلاً، فإنه لا يزال مرتفعاً. ويرجع ذلك، في الغالب، إلى أن الأجور والأسعار في بعض القطاعات لا تزال تتكيف مع الزيادة السابقة في التضخم بتأخير ملحوظ».

وتابعت: «جرى تسهيل شروط التمويل، حيث أصبح الاقتراض الجديد أقل تكلفة للشركات والأُسر تدريجياً نتيجة خفض الفائدة الأخير. لكن هذه الشروط لا تزال مشددة؛ لأن سياستنا النقدية تظل تقييدية، والفوائد المرتفعة السابقة لا تزال تؤثر على رصيد الائتمان القائم».

ويتوقع الموظفون، الآن، تعافياً اقتصادياً أبطأ من التوقعات السابقة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وعلى الرغم من تسارع النمو، خلال الربع الثالث من هذا العام، تشير المؤشرات إلى تباطؤه خلال الربع الحالي. ويتوقع الموظفون أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.7 في المائة خلال 2024، و1.1 في المائة خلال 2025، و1.4 في المائة خلال 2026، و1.3 في المائة خلال 2027.

وقالت لاغارد: «نحن ملتزمون بضمان استقرار التضخم بشكل مستدام عند هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة. سنتبع نهجاً يعتمد على البيانات ويعتمد على الاجتماع تلو الآخر لتحديد السياسة النقدية المناسبة. بشكل خاص، ستكون قراراتنا بشأن الفائدة مبنية على تقييمنا لآفاق التضخم في ضوء البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار معين للفائدة».

النشاط الاقتصادي

نما الاقتصاد بنسبة 0.4 في المائة، خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وكان النمو مدفوعاً أساساً بزيادة الاستهلاك، جزئياً نتيجة العوامل الفريدة التي عزّزت السياحة في الصيف، وبناء الشركات للمخزونات. لكن أحدث المعلومات يشير إلى فقدان الاقتصاد الزخمَ. وتشير الاستطلاعات إلى أن التصنيع لا يزال في حالة انكماش، وأن نمو الخدمات يتباطأ. وتُحجم الشركات عن زيادة الإنفاق على الاستثمار في ظل الطلب الضعيف وآفاق غير مؤكَّدة. كما أن الصادرات ضعيفة، مع مواجهة بعض الصناعات الأوروبية صعوبة في الحفاظ على قدرتها التنافسية.

ووفق لاغارد، لا تزال سوق العمل مرنة، حيث نما التوظيف بنسبة 0.2 في المائة خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وظلَّ معدل البطالة عند أدنى مستوى تاريخي له بنسبة 6.3 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي الوقت نفسه، لا يزال الطلب على العمل في تراجع، حيث انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة خلال الربع الثالث، وهو أقل بمقدار 0.8 نقطة مئوية من ذروته. وتشير الاستطلاعات أيضاً إلى تقليص خلق الوظائف في الربع الحالي.

تقييم المخاطر

أشارت لاغارد إلى أن المخاطر الاقتصادية تظل مائلة نحو الجانب السلبي، حيث يمكن أن تؤثر الاحتكاكات التجارية والتوترات الجيوسياسية على نمو منطقة اليورو، وتقلل من الصادرات وتضعف الاقتصاد العالمي. كما قد يعوق تراجع الثقة تعافي الاستهلاك والاستثمار. في المقابل، قد يتحسن النمو إذا أسهمت الظروف المالية الميسَّرة وانخفاض التضخم في تسريع التعافي المحلي.

وأضافت: «قد يرتفع التضخم إذا زادت الأجور أو الأرباح أكثر من المتوقع، كما أن التوترات الجيوسياسية قد تدفع أسعار الطاقة والشحن إلى الارتفاع، وتؤثر سلباً على التجارة العالمية. علاوة على ذلك، قد تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر. في المقابل، قد ينخفض التضخم إذا أدى انخفاض الثقة والمخاوف الجيوسياسية إلى إبطاء تعافي الاستهلاك والاستثمار، أو إذا كانت السياسة النقدية تعوق الطلب أكثر من المتوقع، أو إذا تفاقم الوضع الاقتصادي عالمياً. كما يمكن أن تزيد التوترات التجارية من عدم اليقين بشأن آفاق التضخم في منطقة اليورو».