{عبودية معاصرة} بقوة الإرهاب

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

{عبودية معاصرة} بقوة الإرهاب

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يعالج كتاب المسبار «العبودية المعاصرة لدى التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا» قضية مهمة، قلّما يتم التطرّق إليها من الباحثين أو الإعلاميين في العالم العربي، ألا وهي قضيّة العبودية المعاصرة. الملاحظ أنَّ أغلب ما كُتب فيها بالعربية كان لتبرير موقف الإسلام من العبودية قبل أربعة عشر قرناً، ولا نجد ما يكفي من الكتابات التي تسلّط الضوء على العبودية، التي تنتشر في عالمنا اليوم ويعاني منها الملايين من البشر. يدرس الكتاب من خلال فصوله المتنوّعة الأصول التاريخية للعبودية، وانتشارها في الحضارات كافة. وبقدر ما تشير الأبحاث - هنا - إلى الأبعاد الاقتصادية التي تديم العبودية، فإنَّها تتناول أيضاً الأبعاد الاجتماعية والتبريرات الدينية التي تدفع البعض لاستعباد الآخرين. تنشط العبودية بشكل ملحوظ في مناطق النزاعات المسلّحة، لذلك كان لا بد للكتاب من رصد العلاقة بين الحرب والعبودية، وهي علاقة قديمة قدم التاريخ؛ إذ كانت الحروب المصدر الأساسي للحصول على عبيد منذ القِدم، وعندما أراد الإسلام إلغاء العبوديّة، وجد أنَّ رسوخ العادة عميق حيث لم يُقفل باب الاسترقاق في الحروب.
يدرس المؤرخ الأميركي سيمور دريشر، الأستاذ في جامعة بيتسبرغ الأميركية، المسار التاريخي الذي سلكته الدول لإلغاء العبودية، ملاحظاً أنه: «لأكثر من ألف سنة، كانت العبودية مؤسسة منتشرة وراسخة. لقد كانت مقبولة بوصفها جزءا من نظام طبيعي وإلهي لوضع هرمية الهيمنة والتبعية».
ويلفت الكاتب إلى أن فرنسا حررت عبيدها في المستعمرات خلال ثورات عام 1848، ولكن التوترات بين حكومات فرنسا وبريطانيا حول أساليب التطبيق استمرت حتى أواخر القرن التاسع عشر. وكان لبريطانيا نظير واحد لمجتمعها المدني الذي حشد لمشروع «الإبطال» في الغرب، فقد أثّر نجاح الحملات البريطانية في العقد الثالث من القرن التاسع عشر في نشطاء إبطال العبودية في أميركا، فقاموا بتبني أساليب الحركة الاجتماعية البريطانية للضغط على الحكومة الفيدرالية الأميركية، لتبدأ بتفكيك العبودية في أميركا. ولكن حتى في الولايات الشمالية، شهدت الحملة العامة موجات اضطراب من جماهير متمردة، كانت متخوفة من تعطيل الاتحاد، ومعادية جداً لفكرة السماح للأفارقة الأميركيين بأنْ يكونوا مواطنين مساوين لهم. من جهته، يرى ريتشارد بيرشيل، مدير البحوث ومشاركة الاتجاهات في قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأميركية في دبي، أنه من أجل القضاء على العبودية، يتوجب علينا أن نعترف بأن العبودية نكران للإنسانية، وأنها شيء لا يمكن القبول به، إلا أنها في الوقت ذاته نتاج ظروف محلية يتوجب فهمها وتناولها، من أجل توفير الدعم لضحاياها، واستحداث برامج ناجعة لمحاربتها. ويخلص الكاتب إلى أنه لا يوجد حل سهل للقضاء على هذه الظاهرة؛ لأننا في حاجة لتطوير الخبرات الحياتية لشريحة واسعة من الناس حول العالم، للتقليل من فرص وقوعهم ضحية للاستغلال، يضاف إلى ذلك حاجتنا الماسة لأن نكون يقظين تجاه النشاطات غير الشرعية التي تخلق الأرضية الملائمة للعبودية، والعمل على إقرار معايير واقعية وملموسة للعمل وليس على الورق وحسب، ناهيك من حاجتنا للوقوف ضد أي محاولة لتبرير العبودية بوصفها ظرفا مقبولا، وعدم غض الطرف عن وجودها.
وفيما يتعلق بجرائم «داعش» في السياق المتصل بـ«العبودية»، أجرت عضو هيئة التحرير في مركز المسبار، ريتا فرج، قراءة في كتاب صدر بالفرنسية تحت عنوان «الفتاة الشابة التي هزمت (داعش): قصة فريدة»، لفريدة خلف وأندريا هوفمان. وتؤكد فرج أنه ليس السبي والاستعباد الجنسي الذي مارسه «داعش» في المناطق التي يسيطر عليها، حالة استثنائية، فقد عرفت البشرية في تاريخها القريب حالات مماثلة. وتعتبر قضية «نساء المتعة» في الجيش الياباني واحدة من أهم قضايا الاتجار بالبشر (والاستعباد الجنسي) في القرن العشرين، ترجع إلى الحرب العالمية الثانية، عندما قام الجيش الياباني الإمبراطوري بتجنيد نساء من البلدان التي قام باحتلالها، مثل كوريا والصين والفلبين لتقديم خدمات جنسية للجنود خلال المعارك والحروب.
حيث يهدف فعل اغتصاب النساء خلال الحروب إلى إهانة الجماعة التي تنتمي إليها الضحية، فشرف المرأة يرتبط بشرف الجماعة، والسيطرة عليه عبر العنف ترمز إلى السيطرة على الجماعة، كما أنه يتخذ شكل المكافأة للمحارب عبر حصوله على النساء.



«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.