رئيس شرطة فرانكفورت يعتبر حصول عملية إرهابية {مجرد مسألة وقت}

ألمانيا: مخطط لمواجهة خمسة سيناريوهات إرهابية ضد المؤسسات الحكومية

رئيس شرطة فرانكفورت يعتبر حصول عملية إرهابية {مجرد مسألة وقت}
TT

رئيس شرطة فرانكفورت يعتبر حصول عملية إرهابية {مجرد مسألة وقت}

رئيس شرطة فرانكفورت يعتبر حصول عملية إرهابية {مجرد مسألة وقت}

صاغت وزارة الداخلية الألمانية «مخطط حماية المؤسسات الحكومية عند الضرورة»، وأثناء حصول «حالة دفاع». وسبق للحكومة الألمانية أن عرفت «حالة الدفاع»، في إطار موافقتها على إنزال الجيش إلى المدن ضد الإرهاب، على أنها أحداث وأعمال إرهابية ذات عواقب كارثية. وذكرت صحيفة «دير فيستن» أن الخطة، التي تحتفظ بنسخة منها، تركز على توفير صيانة أكبر ضد خطر الإرهاب لواجهات المباني الحكومية والشبابيك ومنافذ التهوية وأنظمة التهوية والتبريد وقنوات الاتصالات ومصادر الطاقة. وتم إعداد الخطة من قبل لجنة خاصة من ممثلي وزارة الداخلية الاتحادية ووزارات الداخلية في الولايات الألمانية، وتحمل ختم «خاص بالدولة». ويعود تاريخ الوثيقة إلى أكتوبر (تشرين الأول) 2016 وتنهمك الوزارات وقيادات القوى الأمنية في مناقشتها وإغنائها طوال الفترة الماضية.
وتوصي الوثيقة الحكومة الألمانية بتقوية جدران واجهات مبانيها الخارجية، وكذلك اختبار قوة زجاج نوافذ وأبواب واجهات المباني الداخلية في مواجهة عصف الانفجارات. وترى الحكومة أيضا ضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات الأمنية في مداخل الوزارات والمباني الحكومية المهمة، وتشير إلى أن فحص بصمة العين لا يكفي هنا بالنظر لتطور أساليب الإرهابيين. ومن الضروري هنا استخدام مزيد من الحواجز والمساحات المفرغة بهدف كسب الزمن أثناء حصول عملية إرهابية. ولا تنسى الخطة قضية التصدي لاحتمالات الحرب البيولوجية والكيماوية، فتوصي الحكومة بفرض رقابة إضافية على أنظمة التهوية والتبريد والطاقة ومياه الشرب خشية استخدامها من قبل الإرهابيين. وتطالب خطة حماية المباني الحكومية بضرورة تأمين الحماية لقنوات الاتصالات وتعزيز مناعة الأبنية ضد الحريق والانفجارت في مواجهة مختلف السيناريوهات المحتملة.
ولا بد من نقل المؤسسات الحكومية المهمة من مبانيها إذا كانت الأخيرة لا توفر الحماية الكافية. وتتكلم الخطة في هذا المجال عن إجراءات «بعيدة المدى» بوصفها قاعدة، لأن نقل المؤسسات مؤقتاً لا يفي بالغرض.
وتؤسس الخطة لهذه التغيرات الاستراتيحية على أحداث السنوات الماضية، بين هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة وديسمبر (كانون الأول) 2016 وهي عملية الدهس التي نفذها أنيس العامري في برلين، التي تثبت أن «خطر الإرهاب» قد زاد.
وتشمل الخطة إجراءات مختلفة لمواجهة خمسة احتمالات رئيسية، وهي: الهجمات باستخدام الأسلحة التقليدية، والهجمات بالأسلحة المشعة والكيماوية والبيولوجية، وهجمات الهاكرز على أنظمة الكومبيوتر، والهجمات بأسلحة الدمار الشامل والأنظمة الناقلة لها، وتدمير أو تخريب الهياكل الارتكازية المهمة.
على صعيد الإرهاب أيضا، قال رئيس شرطة فرانكفورت إنه يعتبر حصول عملية إرهابية في فرانكفورت مجرد قضية وقت. وأضاف غيرهارد بيريزفيل، أمام مؤتمر للحزب الديمقراطي الاشتراكي في فرانكفورت، أن العملية الإرهابية مسألة «متى» وليست مسألة «إذا».
ودعا بيريزفيلن أمام 300 مندوب، إلى تشديد الرقابة بكاميرات الفيديو على ساحة «هاوبتفاخه» في فرانكفورت باعتبارها أكبر مناطق التجمعات البشرية في قلب المدينة. وقارن رئيس الشرطة بين الهاوبتفاخه بشارع هاينريش هاينه آلي في دسلدورف الذي خططت خلية سلدورف النائمة إلى حمام دم فيه في السنة الماضية.
وطبيعي، لم يستبعد رئيس شرطة فرانكفورت استهداف محطة القطارات الرئيسية من قبل الإرهابيين. وقال إن سجلات الشرطة عن المحطة الرئيسية تشير في عام 2016 إلى تدقيق هويات 30 ألف مشتبه به في المحطة، أسفرت عن توجيه تهمة حيازة المخدرات والمتاجرة بها إلى 1700 شخص، واعتقال أكثر من 500 آخرين.
إلى ذلك، قال مكتب النيابة العامة الاتحادية أمس الثلاثاء إنه لم يتوصل إلى أي مؤشرات على «خلفية إرهابية» للهجوم الذي تعرضت له حافلة فريق بروسيا دورتموند لكرة القدم في 11 أبريل (نيسان).
وأضاف في بيان: «لم تزودنا التحقيقات التي جرت حتى الآن بأي أدلة على أن هناك خلفية إرهابية للهجوم».
وكانت إحدى رسالتين تم العثور عليها في مكان الهجوم تشير إلى مسؤولية إسلاميين متشددين عن الهجوم. وتنسب الرسالة الثانية العملية إلى تنظيم يساري متطرف وهمي في محاولة لذر الرماد في العيون.
وقال الادعاء إنه يعتقد أن مشتبهاً به يحمل الجنسيتين الألمانية والروسية ويدعى «سيرجي إف» نفذ الهجوم «لأسباب مالية محضة». وألقت السلطات القبض عليه في21 أبريل.
وحصل الهجوم على حافلة فريق بوروسيا دورتموند أثناء توجه الفريق إلى ملعب المدينة لملاقاة فريق موناكو ضمن تصفيات دوري الأبطال في أوروبا. وأدى الانفجار إلى تحطيم الناقلة وإصابة لاعب الفريق الإسباني مارك بارترا بكسر في يده أقعده لفترة أكثر من شهر عن اللعب.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟