الهند تفتح الأبواب على مصاريعها للاستثمار العقاري الأجنبي

القطاع يقترب من 180 مليار دولار... وتوقعات بنمو سنوي 30%

مومباي تعتبر أفضل المدن الهندية من حيث الاستثمار في العقارات التجارية (رويترز)
مومباي تعتبر أفضل المدن الهندية من حيث الاستثمار في العقارات التجارية (رويترز)
TT

الهند تفتح الأبواب على مصاريعها للاستثمار العقاري الأجنبي

مومباي تعتبر أفضل المدن الهندية من حيث الاستثمار في العقارات التجارية (رويترز)
مومباي تعتبر أفضل المدن الهندية من حيث الاستثمار في العقارات التجارية (رويترز)

من المتوقع لقطاع العقارات الهندي أن يحقق قيمة سوقية بواقع 180 مليار دولار بحلول عام 2020 مع معدل نمو سنوي يبلغ نحو 11.2 في المائة. ويساهم قطاع الإسكان وحده بنسبة 5 إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد.
وقال سريرام كاليانارامان، رئيس مجلس إدارة بنك الإسكان الوطني الهندي، في مؤتمر اتحاد الصناعات الهندية: «من المتوقع لقطاع العقارات الهندي أن يحقق قيمة سوقية بواقع 180 مليار دولار بحلول عام 2020».
وفي الهند، يعد قطاع العقارات هو ثاني أكبر قطاع يعمل فيه المواطنون بعد الزراعة، ومن المنتظر أن يحقق نموا بنسبة 30 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة. ويشتمل قطاع العقارات على أربعة قطاعات متفرعة عنه، هي: قطاع الإسكان، وقطاع مبيعات التجزئة، وقطاع الضيافة، والقطاع التجاري. ويكتمل نمو هذا القطاع من واقع نمو بيئة الأعمال والشركات وارتفاع الطلب على المساحات الإدارية، فضلا عن الإسكان الحضري وشبه الحضري.
* معايير الاستثمار المريحة للأجانب
وقللت الهند من صرامة لوائح الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد. واللوائح المخففة الجديدة والصادرة عن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي جعلت من سوق الأسهم العقارية بالكامل، المشيّد منها بالفعل وتلك التي قيد الإنشاء، مؤهلة ومتاحة لصالح الاستثمار الأجنبي.
وقد سمح مجلس البورصة والأوراق المالية الهندي لمستثمري المحافظ الأجنبية بالاستثمار في وحدات صناديق الاستثمار العقاري الهندية، وسمح كذلك لهم بالحصول على سندات الشركات في حالة التخلف عن السداد.
ويُسمح للمستثمرين الأجانب كذلك بالاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 100 في المائة بموجب المسار التلقائي في البناء ومشروعات التنمية والتطوير، بما في ذلك تشييد البلدات، وبناء المباني السكنية والتجارية، والطرق، والكباري، والمنتجعات، والفنادق، والمستشفيات، والمؤسسات التعليمية، والمرافق الترفيهية، والبنية التحتية المدنية والإقليمية.
وتوفر صناديق الاستثمار العقاري للمستثمرين اعتبارات ضريبية خاصة، وتقدم في المعتاد عائدات أرباح الأسهم الثابتة. وفي حين أن المستثمرين حول العالم قد استفادوا من هذه السوق التي تبلغ 1.6 تريليون دولار، فإن المكاسب التي يمكن أن يجلبوها إلى الهند ستكون فريدة من نوعها من حيث إضافة المصداقية إلى سوق الاستثمار العقاري وتقييمها في البلاد.
* قوانين جديدة لـ«تطهير» السوق
كان من شأن المبادرات الحكومية الهندية الجديدة، مثل مهمة المدن الذكية والحسابات الضريبية لصالح الاستثمار في صناديق الاستثمار العقارية، وقانون تنظيم وتطوير العقارات، أن تجعل من سوق العقارات الهندي أكثر شفافية بكثير وتجذب المزيد من الأموال، وتزيد الثقة لدى المستثمرين بصورة كبيرة، كما يقول خبراء قطاع العقارات.
كما تعد هيئة التنظيم العقاري الهندية من أولى الجهات الرقابية التي تسعى إلى حماية مصالح المشترين، وفي الوقت نفسه تضمن مساءلة شركات البناء المخالفة عن إزعاج المستهلكين، أو عن الانغماس في التربح غير المشروع من خلال مشروعات البناء والتشييد.
يقول سونيل شارما، نائب الرئيس لشؤون التسويق في شركة ماهيندرا لايف سبيس: «مع قرار وقف التعامل بالفئات النقدية الكبيرة، يعكس قطاع العقارات الهندي علامات مبكرة من الانتعاش. وسريان العمل بقانون العقارات من شأنه أن يسرّع النمو لدى المستخدم النهائي ومصالح الاستثمار؛ مما يؤدي إلى المكاسب الشاملة بالنسبة لقطاع العقارات بأسره».
ويعد قانون تنظيم العقارات وتطويرها من القوانين التقدمية، الذي سيجعل من تسجيلات المشروعات أمرا إلزاميا، مع جدول زمني واضح لاستكمال المشروعات، ونشر المواصفات العامة للمشروعات، كما قال سونيل ميشرا كبير مسؤولي التخطيط الاستراتيجي في موقع «بروب تايغر» (PropTiger)، الذي أضاف: إن هذا القانون سيفيد المشترين، والمطورين العقاريين، والوكلاء كذلك.
ولقد شهد عام 2017 تحولا إيجابيا في قطاع العقارات الهندي بالفعل، وتخفيض أسعار الفائدة، والإعلان عن نظام الدعم الجديد المرتبط بالائتمان، الذي سهل الوصول إلى تمويل الأسواق. والتحديثات الرقابية مثل قانون تنظيم وتطوير العقارات، والضرائب على السلع والخدمات، تعمل على تحفيز الكثير من الإيجابية في الأسواق. لكن الأنباء الكبرى تأتي من مجال الإسكان بأسعار معقولة والذي تم إدراجه على قوائم مشروعات البنية التحتية الكبيرة.

الاستثمارات
انتقلت الهند إلى رأس قائمة الوجهات المقصودة والمفضلة بالنسبة للاستثمار العقاري في عيون المستثمرين المؤسسين الرئيسيين. ومن المتوقع لقطاع العقارات الهندي أن يشهد استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار خلال العام الحالي مع الانتعاش المتوقع في هذا القطاع، وفقا إلى شركة «سي بي آر إي» الاستشارية العقارية. وقالت الشركة في تقرير «سوق العقارات في آسيا والمحيط الهادئ» الصادر عام 2017 حول الهند: «سيشهد عام 2017 استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار في الأسواق الهندية، ومن المتوقع أن ترتفع وصولا إلى 10 مليارات دولار بحلول عام 2020».
وبلغت تدفقات رؤوس الأموال العالمية إلى قطاع العقارات الهندي في عام 2016 نحو 5.7 مليار دولار. وعلى الرغم من أن الارتفاع التاريخي المسجل في عام 2007 من حيث إجمالي تدفقات الأسهم الخاصة، لم ينكسر حتى اليوم، فإن العام الماضي أثبت أنه العام التالي من حيث تلك التدفقات حتى الآن.
كما بدأ هذا العام أيضا بضجة كبيرة، حيث اجتذبت الشركات والمشروعات العقارية 19 فرصة استثمارية جديدة بإجمالي القيمة المعلنة البالغ 3.41 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي المنتهي في مارس (آذار) الماضي. وارتفعت قيمة الاستثمارات في ربع شهر مارس بواقع 2.7 نقطة مئوية من الفترة نفسها في العام السابق، الذي شهد استثمارات بقيمة تبلغ نحو 1.25 مليار دولار عبر 18 معاملة تجارية، كما أظهرت البيانات الصادرة عن شركة «فينتشر» الاستشارية.
وفي حين أن القطاع التجاري، مع نسبة 76 في المائة، قد هيمن على النصيب الأكبر من كعكة القيمة الاستثمارية، إلا أن المشروعات الإسكانية قد جذبت 15 فرصة استثمارية خلال الربع الأول من العام الحالي. وجذبت المشروعات الإسكانية نحو 63 في المائة من قيمة الكعكة والتي تساوي نحو 690 مليار دولار، كما أفادت شركة «فينتشر» الاستشارية بذلك.
أما بالنسبة للمنطقة الغربية، التي تهيمن عليها مومباي، فقد جذبت 8 فرص استثمارية خلال الربع الأول من العام الحالي، في حين أن المشروعات في شمال الهند قد حصدت 6 فرص استثمارية، تليها 5 فرص استثمارية في جنوب البلاد.
وتستمر الهند في الاحتفاظ بموقفها كأسرع اقتصادات مجموعة العشرين من حيث النمو، وذلك بفضل الثقة المحسنة في قطاع الاستثمار، والإصلاحات السياسية الجديدة. ويقول انشومان ماغازين، رئيس شركة «سي بي آر إي» لشؤون الهند وجنوب شرقي آسيا: «في حين أن عام 2016 كان هو عام القرارات التاريخية في قطاع العقارات الهندي، شهد ذلك القطاع المزيد من الجهود المتضافرة من قبل الحكومة للتأكيد على الشفافية وتعزيز ثقة المستهلكين في قطاع العقارات، ولا سيما في سوق الإسكان».
وأشار إلى أن التوقعات بالنسبة لعام 2017 إيجابية مع توقع النمو المستمر، والاستقرار، وانتعاش الأسواق.
وقال راجيف بايراثي، رئيس شعبة أسواق رأس المال في شركة «نايت فرانك إنديا»: «مع نمو ونضوج سوق العقارات في الهند، مدفوعة بالقوى التنظيمية وقوى السوق، فإننا نتوقع أن تلعب رؤوس أموال الأسهم الخاصة دورا أكبر في المستقبل... وإنشاء الأسواق العامة للأصول التجارية في شكل صناديق الاستثمار العقاري، وبيع الأصول المتعثرة من جانب البنوك لتقليل الأصول سيئة الأداء، هي بعض من المحفزات المهمة التي قد تجذب الكثير من رؤوس الأموال الأجنبية إلى سوق العقارات الهندية».
ويشكل المستثمرون الأجانب نسبة 70 في المائة تقريبا من إجمالي تمويل الأسهم الخاصة في قطاع العقارات الهندي خلال عام 2016. ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه الصعودي. وقال ماهيش ناندوركار، الخبير الاستراتيجي الهندي في شركة «سي إل إس إيه» خلال مقابلة أجريت معه على قناة «سي إن بي سي - تي في 18» الهندية: «من المتوقع أن تنمو سوق الأسهم العقارية بنسبة 15 إلى 20 في المائة في الأرباح، وتنمو الإيرادات بالنسبة للقطاعات ذات الصلة مثل مواد البناء، والإسمنت، والشركات التمويل العقاري، وخلافه، خلال 5 إلى 10 سنوات المقبلة. ولقد جذب سوق العقارات الهندي 32 مليار دولار من استثمارات الأسهم الخاصة حتى الآن».
* الوجهات المهمة
يبدو أن العام الحالي من المقرر أن يكون عاما كبيرا بالنسبة لقطاع العقارات الهندي، ولاقتصاد البلاد ككل. وتعتبر مومباي هي أفضل المدن من حيث الاستثمار في العقارات التجارية، مع العائدات التي تسجل نسبة 12 إلى 19 في المائة عبر السنوات الخمس المقبلة، كما هو متوقع، تعقبها مدينة بنغالورو ومنطقة العاصمة الوطنية (دلهي)؛ وذلك وفقا للبيانات الصادرة عن هيئة السياسات الصناعية والترويج.
واحتلت مدن «الفئة الأولى» الهندية المرتبة الـ36 على مؤشر الشفافية العقارية العالمية لعام 2016 – وهو مؤشر يصدر بصفة نصف سنوية – وذلك على خلفية التحسينات الجارية في الإصلاحات الهيكلية ونظام الاستثمار الأجنبي المباشر الأكثر انفتاحا.
ولقد اتخذت الحكومة المركزية الهندية، إلى جانب حكومات الولايات ذات الصلة، الكثير من المبادرات الهادفة إلى تشجيع التنمية في القطاع العقاري في البلاد. ومشروع المدينة الذكية، الذي يشتمل على خطة لبناء 100 مدينة ذكية في الهند، هو من الفرص الكبرى بالنسبة للشركات العقارية.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»