الهند تفتح الأبواب على مصاريعها للاستثمار العقاري الأجنبي

القطاع يقترب من 180 مليار دولار... وتوقعات بنمو سنوي 30%

مومباي تعتبر أفضل المدن الهندية من حيث الاستثمار في العقارات التجارية (رويترز)
مومباي تعتبر أفضل المدن الهندية من حيث الاستثمار في العقارات التجارية (رويترز)
TT

الهند تفتح الأبواب على مصاريعها للاستثمار العقاري الأجنبي

مومباي تعتبر أفضل المدن الهندية من حيث الاستثمار في العقارات التجارية (رويترز)
مومباي تعتبر أفضل المدن الهندية من حيث الاستثمار في العقارات التجارية (رويترز)

من المتوقع لقطاع العقارات الهندي أن يحقق قيمة سوقية بواقع 180 مليار دولار بحلول عام 2020 مع معدل نمو سنوي يبلغ نحو 11.2 في المائة. ويساهم قطاع الإسكان وحده بنسبة 5 إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد.
وقال سريرام كاليانارامان، رئيس مجلس إدارة بنك الإسكان الوطني الهندي، في مؤتمر اتحاد الصناعات الهندية: «من المتوقع لقطاع العقارات الهندي أن يحقق قيمة سوقية بواقع 180 مليار دولار بحلول عام 2020».
وفي الهند، يعد قطاع العقارات هو ثاني أكبر قطاع يعمل فيه المواطنون بعد الزراعة، ومن المنتظر أن يحقق نموا بنسبة 30 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة. ويشتمل قطاع العقارات على أربعة قطاعات متفرعة عنه، هي: قطاع الإسكان، وقطاع مبيعات التجزئة، وقطاع الضيافة، والقطاع التجاري. ويكتمل نمو هذا القطاع من واقع نمو بيئة الأعمال والشركات وارتفاع الطلب على المساحات الإدارية، فضلا عن الإسكان الحضري وشبه الحضري.
* معايير الاستثمار المريحة للأجانب
وقللت الهند من صرامة لوائح الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد. واللوائح المخففة الجديدة والصادرة عن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي جعلت من سوق الأسهم العقارية بالكامل، المشيّد منها بالفعل وتلك التي قيد الإنشاء، مؤهلة ومتاحة لصالح الاستثمار الأجنبي.
وقد سمح مجلس البورصة والأوراق المالية الهندي لمستثمري المحافظ الأجنبية بالاستثمار في وحدات صناديق الاستثمار العقاري الهندية، وسمح كذلك لهم بالحصول على سندات الشركات في حالة التخلف عن السداد.
ويُسمح للمستثمرين الأجانب كذلك بالاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 100 في المائة بموجب المسار التلقائي في البناء ومشروعات التنمية والتطوير، بما في ذلك تشييد البلدات، وبناء المباني السكنية والتجارية، والطرق، والكباري، والمنتجعات، والفنادق، والمستشفيات، والمؤسسات التعليمية، والمرافق الترفيهية، والبنية التحتية المدنية والإقليمية.
وتوفر صناديق الاستثمار العقاري للمستثمرين اعتبارات ضريبية خاصة، وتقدم في المعتاد عائدات أرباح الأسهم الثابتة. وفي حين أن المستثمرين حول العالم قد استفادوا من هذه السوق التي تبلغ 1.6 تريليون دولار، فإن المكاسب التي يمكن أن يجلبوها إلى الهند ستكون فريدة من نوعها من حيث إضافة المصداقية إلى سوق الاستثمار العقاري وتقييمها في البلاد.
* قوانين جديدة لـ«تطهير» السوق
كان من شأن المبادرات الحكومية الهندية الجديدة، مثل مهمة المدن الذكية والحسابات الضريبية لصالح الاستثمار في صناديق الاستثمار العقارية، وقانون تنظيم وتطوير العقارات، أن تجعل من سوق العقارات الهندي أكثر شفافية بكثير وتجذب المزيد من الأموال، وتزيد الثقة لدى المستثمرين بصورة كبيرة، كما يقول خبراء قطاع العقارات.
كما تعد هيئة التنظيم العقاري الهندية من أولى الجهات الرقابية التي تسعى إلى حماية مصالح المشترين، وفي الوقت نفسه تضمن مساءلة شركات البناء المخالفة عن إزعاج المستهلكين، أو عن الانغماس في التربح غير المشروع من خلال مشروعات البناء والتشييد.
يقول سونيل شارما، نائب الرئيس لشؤون التسويق في شركة ماهيندرا لايف سبيس: «مع قرار وقف التعامل بالفئات النقدية الكبيرة، يعكس قطاع العقارات الهندي علامات مبكرة من الانتعاش. وسريان العمل بقانون العقارات من شأنه أن يسرّع النمو لدى المستخدم النهائي ومصالح الاستثمار؛ مما يؤدي إلى المكاسب الشاملة بالنسبة لقطاع العقارات بأسره».
ويعد قانون تنظيم العقارات وتطويرها من القوانين التقدمية، الذي سيجعل من تسجيلات المشروعات أمرا إلزاميا، مع جدول زمني واضح لاستكمال المشروعات، ونشر المواصفات العامة للمشروعات، كما قال سونيل ميشرا كبير مسؤولي التخطيط الاستراتيجي في موقع «بروب تايغر» (PropTiger)، الذي أضاف: إن هذا القانون سيفيد المشترين، والمطورين العقاريين، والوكلاء كذلك.
ولقد شهد عام 2017 تحولا إيجابيا في قطاع العقارات الهندي بالفعل، وتخفيض أسعار الفائدة، والإعلان عن نظام الدعم الجديد المرتبط بالائتمان، الذي سهل الوصول إلى تمويل الأسواق. والتحديثات الرقابية مثل قانون تنظيم وتطوير العقارات، والضرائب على السلع والخدمات، تعمل على تحفيز الكثير من الإيجابية في الأسواق. لكن الأنباء الكبرى تأتي من مجال الإسكان بأسعار معقولة والذي تم إدراجه على قوائم مشروعات البنية التحتية الكبيرة.

الاستثمارات
انتقلت الهند إلى رأس قائمة الوجهات المقصودة والمفضلة بالنسبة للاستثمار العقاري في عيون المستثمرين المؤسسين الرئيسيين. ومن المتوقع لقطاع العقارات الهندي أن يشهد استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار خلال العام الحالي مع الانتعاش المتوقع في هذا القطاع، وفقا إلى شركة «سي بي آر إي» الاستشارية العقارية. وقالت الشركة في تقرير «سوق العقارات في آسيا والمحيط الهادئ» الصادر عام 2017 حول الهند: «سيشهد عام 2017 استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار في الأسواق الهندية، ومن المتوقع أن ترتفع وصولا إلى 10 مليارات دولار بحلول عام 2020».
وبلغت تدفقات رؤوس الأموال العالمية إلى قطاع العقارات الهندي في عام 2016 نحو 5.7 مليار دولار. وعلى الرغم من أن الارتفاع التاريخي المسجل في عام 2007 من حيث إجمالي تدفقات الأسهم الخاصة، لم ينكسر حتى اليوم، فإن العام الماضي أثبت أنه العام التالي من حيث تلك التدفقات حتى الآن.
كما بدأ هذا العام أيضا بضجة كبيرة، حيث اجتذبت الشركات والمشروعات العقارية 19 فرصة استثمارية جديدة بإجمالي القيمة المعلنة البالغ 3.41 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي المنتهي في مارس (آذار) الماضي. وارتفعت قيمة الاستثمارات في ربع شهر مارس بواقع 2.7 نقطة مئوية من الفترة نفسها في العام السابق، الذي شهد استثمارات بقيمة تبلغ نحو 1.25 مليار دولار عبر 18 معاملة تجارية، كما أظهرت البيانات الصادرة عن شركة «فينتشر» الاستشارية.
وفي حين أن القطاع التجاري، مع نسبة 76 في المائة، قد هيمن على النصيب الأكبر من كعكة القيمة الاستثمارية، إلا أن المشروعات الإسكانية قد جذبت 15 فرصة استثمارية خلال الربع الأول من العام الحالي. وجذبت المشروعات الإسكانية نحو 63 في المائة من قيمة الكعكة والتي تساوي نحو 690 مليار دولار، كما أفادت شركة «فينتشر» الاستشارية بذلك.
أما بالنسبة للمنطقة الغربية، التي تهيمن عليها مومباي، فقد جذبت 8 فرص استثمارية خلال الربع الأول من العام الحالي، في حين أن المشروعات في شمال الهند قد حصدت 6 فرص استثمارية، تليها 5 فرص استثمارية في جنوب البلاد.
وتستمر الهند في الاحتفاظ بموقفها كأسرع اقتصادات مجموعة العشرين من حيث النمو، وذلك بفضل الثقة المحسنة في قطاع الاستثمار، والإصلاحات السياسية الجديدة. ويقول انشومان ماغازين، رئيس شركة «سي بي آر إي» لشؤون الهند وجنوب شرقي آسيا: «في حين أن عام 2016 كان هو عام القرارات التاريخية في قطاع العقارات الهندي، شهد ذلك القطاع المزيد من الجهود المتضافرة من قبل الحكومة للتأكيد على الشفافية وتعزيز ثقة المستهلكين في قطاع العقارات، ولا سيما في سوق الإسكان».
وأشار إلى أن التوقعات بالنسبة لعام 2017 إيجابية مع توقع النمو المستمر، والاستقرار، وانتعاش الأسواق.
وقال راجيف بايراثي، رئيس شعبة أسواق رأس المال في شركة «نايت فرانك إنديا»: «مع نمو ونضوج سوق العقارات في الهند، مدفوعة بالقوى التنظيمية وقوى السوق، فإننا نتوقع أن تلعب رؤوس أموال الأسهم الخاصة دورا أكبر في المستقبل... وإنشاء الأسواق العامة للأصول التجارية في شكل صناديق الاستثمار العقاري، وبيع الأصول المتعثرة من جانب البنوك لتقليل الأصول سيئة الأداء، هي بعض من المحفزات المهمة التي قد تجذب الكثير من رؤوس الأموال الأجنبية إلى سوق العقارات الهندية».
ويشكل المستثمرون الأجانب نسبة 70 في المائة تقريبا من إجمالي تمويل الأسهم الخاصة في قطاع العقارات الهندي خلال عام 2016. ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه الصعودي. وقال ماهيش ناندوركار، الخبير الاستراتيجي الهندي في شركة «سي إل إس إيه» خلال مقابلة أجريت معه على قناة «سي إن بي سي - تي في 18» الهندية: «من المتوقع أن تنمو سوق الأسهم العقارية بنسبة 15 إلى 20 في المائة في الأرباح، وتنمو الإيرادات بالنسبة للقطاعات ذات الصلة مثل مواد البناء، والإسمنت، والشركات التمويل العقاري، وخلافه، خلال 5 إلى 10 سنوات المقبلة. ولقد جذب سوق العقارات الهندي 32 مليار دولار من استثمارات الأسهم الخاصة حتى الآن».
* الوجهات المهمة
يبدو أن العام الحالي من المقرر أن يكون عاما كبيرا بالنسبة لقطاع العقارات الهندي، ولاقتصاد البلاد ككل. وتعتبر مومباي هي أفضل المدن من حيث الاستثمار في العقارات التجارية، مع العائدات التي تسجل نسبة 12 إلى 19 في المائة عبر السنوات الخمس المقبلة، كما هو متوقع، تعقبها مدينة بنغالورو ومنطقة العاصمة الوطنية (دلهي)؛ وذلك وفقا للبيانات الصادرة عن هيئة السياسات الصناعية والترويج.
واحتلت مدن «الفئة الأولى» الهندية المرتبة الـ36 على مؤشر الشفافية العقارية العالمية لعام 2016 – وهو مؤشر يصدر بصفة نصف سنوية – وذلك على خلفية التحسينات الجارية في الإصلاحات الهيكلية ونظام الاستثمار الأجنبي المباشر الأكثر انفتاحا.
ولقد اتخذت الحكومة المركزية الهندية، إلى جانب حكومات الولايات ذات الصلة، الكثير من المبادرات الهادفة إلى تشجيع التنمية في القطاع العقاري في البلاد. ومشروع المدينة الذكية، الذي يشتمل على خطة لبناء 100 مدينة ذكية في الهند، هو من الفرص الكبرى بالنسبة للشركات العقارية.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»