بوتين يستبق «جنيف» بالتشديد على أولوية تثبيت وقف النار

دافع عن الاتصالات مع الأكراد في سوريا ونفى تسليحهم... ولافروف لتعميم «المناطق منخفضة التصعيد»

بوتين خلال مؤتمره الصحافي في بكين أمس (أ.ف.ب)
بوتين خلال مؤتمره الصحافي في بكين أمس (أ.ف.ب)
TT

بوتين يستبق «جنيف» بالتشديد على أولوية تثبيت وقف النار

بوتين خلال مؤتمره الصحافي في بكين أمس (أ.ف.ب)
بوتين خلال مؤتمره الصحافي في بكين أمس (أ.ف.ب)

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن تثبيت وقف إطلاق النار في سوريا له أولوية لبلاده قبل البدء في مسار الحل السياسي، عشية جولة جديدة من مفاوضات جنيف التي تسعى موسكو لاستبدال مسار آستانة الذي يركز على القضايا الأمنية والعسكرية بها.
وتنطلق اليوم جولة جديدة من مفاوضات السلام حول سوريا في جنيف، تطغى عليها إلى حد كبير محادثات آستانة، بالإضافة إلى إخفاق جديد للفصائل المعارضة بعد إجلاء مقاتليها من ثلاثة أحياء في دمشق. ويرى محللون أن الأمم المتحدة تبدو وكأنها في سباق مع محادثات آستانة التي تشهد زخماً أكبر، خصوصاً بعد توقيع مذكرة مطلع الشهر تقضي بإنشاء أربع مناطق «لتخفيف التصعيد» في الجبهات الأكثر عنفاً.
وكان المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أعلن الأسبوع الماضي في جنيف أنه يعتزم تكثيف العمل حول عناوين جدول الأعمال في جولة المفاوضات التي يتوقع أن تستمر أربعة أيام فقط، انطلاقًا من مبدأ «ضرب الحديد وهو حامٍ»، على حد تعبيره. وبحسب دي ميستورا، فإن محادثات آستانة الأخيرة أثمرت «بعض النتائج التي نجدها واعدة للغاية ونرغب قدر الإمكان بربطها بآفاق سياسية» في جنيف.
وقال بوتين، خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام زيارته للصين، أمس، إن بلاده لا ترسل السلاح إلى الفصائل الكردية المسلحة في سوريا، لكنه اعتبر أن لروسيا الحق في الاتصال مع المجموعات الكردية. وردا على سؤال عن تداعيات التعاون الروسي مع الأكراد على العلاقة مع أنقرة، قال: «لقد بحثنا هذا الأمر مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وعبر عن قلقه خلال محادثاتنا في سوتشي... وقلت لإردوغان إننا على عكس الدول الأخرى، لا نعلن عن توريد السلاح للمجموعات الكردية»، في إشارة إلى الولايات المتحدة. وأعرب عن قناعته بأن تلك المجموعات «في حاجة للسلاح، وبصورة خاصة سلاحنا، لكن لديها مصادر أخرى للحصول على ذلك السلاح. ولا نرى أنه يجب تفعيل هذا العمل بشكل أو آخر».
ووصف الميليشيات الكردية بأنها «عامل تأثير فعلي على الوضع في سوريا. والتشكيلات الكردية تشارك في العمليات القتالية ضد تنظيم داعش، وتشكل واحدة من أفضل القوى في الجاهزية القتالية... ونرى أننا نملك الحق في الحفاظ على اتصالات عملية معهم، على الأقل لتفادي مواجهات محتملة أو أي وضع قد يشكل مصدر تهديد لجنودنا». وقال إنه لا يرى في هذا «ما يمكن أن يستدعي قلق الشركاء الأتراك».
واعتبر بوتين أن الأولوية في سوريا خلال المرحلة الحالية هي «تعزيز وتثبيت نظام وقف إطلاق النار، وعلى أساسه تهيئة الظروف للمصالحة والعملية السياسية بعد ذلك». وأعرب عن أمله في أن تصبح مناطق التهدئة «أداة فعالة في مجال تثبيت وقف الأعمال القتالية». وشدد على أنه «من دون وقف لإطلاق النار لا يمكن الحديث عن أي عملية سياسية فعالة».
ووعد بأن الدول الضامنة لاتفاق آستانة «ستواصل بذل الجهود»، لافتا إلى لقاء مرتقب في أنقرة على مستوى الخبراء العسكريين سيعمل على «مناقشة الحدود الدقيقة للمناطق الآمنة، بالتشاور المستمر مع الجانب السوري، والعمل على مسألة عناصر المراقبة كيف وأين ومن وماذا سيراقب». واعتبر أن هذه المسائل «عملية وواضحة ومحددة ولا بد من بحثها»، قبل أن يختم حديثه قائلا إن «من المبكر الحديث علانية عن هذا الأمر».
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن نظام «المناطق منخفضة التصعيد» سيجري تعميمه لاحقا على كل الأراضي السورية. وقال في حوار أجرته معه القناة الروسية الأولى، إن محادثاته مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون والرئيس دونالد ترمب الأسبوع الماضي تناولت الأزمة السورية بصورة خاصة. وأضاف أن الدول الضامنة «اتفقت بالتنسيق مع المعارضة والنظام في سوريا على إقامة مناطق تخفيف التصعيد، في تطوير لمبادرة الرئيس ترمب الذي اقترح إقامة مناطق آمنة للمدنيين... ووقعنا في آستانة المذكرة التي تنص في بادئ الأمر على إقامة أربع مناطق، آخذين في الاعتبار أن هذه التجربة سيجري تعميمها لاحقا على الأجزاء المتبقية من سوريا».
وأشار إلى «فهم مشترك بين روسيا والولايات المتحدة حول مبادئ تسوية الأزمة»، لكنه اعتبر أن الاتفاق على المبادئ «أسهل بكثير من تجسيدها على أرض الواقع في سوريا»، وعزا التعقيدات في التطبيق إلى «وجود الكثير من اللاعبين على الأرض في سوريا، وبالدرجة الأولى الأطراف السورية، وبالطبع هناك (داعش) وجبهة النصرة ومن يتعاون معهما». وشدد على أن «عملية الفصل بين المعارضة والإرهابيين، التي اتفقنا عليها مع إدارة (الرئيس الأميركي السابق باراك) أوباما وعجزت تلك الإدارة عن تنفيذها، ما زالت تشكل أهمية خاصة».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».