السيسي يدعو المصريين لمزيد من التحمل: إعادة البناء صعبة

وجّه الشكر للإمارات على دعمها... وكلّف الجيش استرداد أراضي الدولة

السيسي خلال زيارة لقنا لافتتاح عدد من المشروعات (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال زيارة لقنا لافتتاح عدد من المشروعات (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يدعو المصريين لمزيد من التحمل: إعادة البناء صعبة

السيسي خلال زيارة لقنا لافتتاح عدد من المشروعات (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال زيارة لقنا لافتتاح عدد من المشروعات (الرئاسة المصرية)

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مواطنيه، أمس، إلى مزيد من التحمل والصبر، في إشارة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. وقال في معرض تعليقه على افتتاح عدد من المشروعات الجديدة في عدة محافظات إن «الدول التي تأخذ مكانها على الأرض ليس بالأمر اليسير... نريد بناء بلدنا وأن يكون بلداً حقيقياً ولا بد من التحمل».
وتولى السيسي رئاسة البلاد في يونيو (حزيران) 2014، في أول انتخابات أعقبت ثورة 30 يونيو 2013 وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان. وتنتهي فترة رئاسة السيسي منتصف العام المقبل، غير أنه أعلن عزمه الترشح لولاية ثانية وأخيرة، بموجب الدستور.
وتعاني البلاد من أوضاع أمنية غير مستقرة، وظروف اقتصادية صعبة، تسببت فيها الاضطرابات التي شهدتها البلاد منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011.
وشهد السيسي أمس عبر خاصية الفيديو كونفرانس افتتاح 3 شون لتخزين القمح. وقال إن الدولة في سباق لتوفير السلع الغذائية بسعر مناسب للمواطنين، وذلك يشمل «القمح والسلع الأساسية مثل الزيت والسكر وأشياء أخرى»، مضيفاً أن «هناك زيادة في الطلب لارتفاع استهلاك الفرد وليس فقط لزيادة عدد السكان».
ويعاني المصريون في الوقت الراهن من ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات منذ قرار السلطات تحرير سعر الصرف الجنيه أمام الدولار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في إطار خطة شاملة للإصلاح الاقتصادي تمت بالتوافق مع صندوق النقد الدولي، الذي وافق على منح مصر قرضاً يبلغ 12 مليار دولار، على عدة شرائح.
وقال الرئيس السيسي إن «الإصلاح الاقتصادي الحالي كان من الضروري منه جعل قيمة الجنيه حقيقية لتتناسب مع قدراتنا الاقتصادية». وأشار إلى أن الوضع السابق ترتب عليه جعل منتجاتنا غير منافسة للأسعار العالمية نتيجة للدعم الخفي غير المباشر لسعر الدولار... وكأنه بذلك دعم لكل المحاصيل بطريق غير مباشرة»، مشيراً إلى أن الوضع الاقتصادي السابق كان سيقودنا إلى وضع اقتصادي خطير جداً. وأضاف أن «الوضع الحالي يجعل المزارع المصري قادراً على المنافسة بالسعر الحقيقي للجنيه والتكلفة الحقيقية».
وتابع: «في القمح نحن ننتج من 7 إلى 8 ملايين طن ونستورد 10 ملايين طن بإجمالي 18 مليون طن قمح نستهلكهم على مدار العام، وهذه البيانات أريد أن يعرفها الناس لكي يعرفوا الحجم والتكلفة».
وأضاف السيسي: «نستورد 10 ملايين طن قمح، وسعر تكلفة رغيف الخبز، بإجمالي 300 - 400 مليون رغيف في اليوم، وعلى مدار الشهر والسنة، ليعرف المواطن ما إذا كانت حكومة بلده بجانب شعبها أم لا، حريصة عليه أم لا»، مشيراً إلى أن «الهدف من هذا اللقاء هو بناء وعي حقيقي بحجم تحدياتنا». وتابع: «أنا أريد المواطن وهو في بيته أن يعرف الحكاية كيف تسير لكي يكون قلبه معي، مثلما قلبي عليه».
وقال السيسي: «أقوم بعمل سكك حديدية آمنة ونبني بلدنا ونمضي قدماً إلى الأمام... أم نظل في أماكننا خائفين من بعضنا بعضاً، تريدون صلاح البلد وتكون دولة وأن يشعر مواطنوها بأننا نقوم بعمل تنمية حقيقية وأننا نهتم بهم... من الممكن أن نترك كل هذا ومن حين لآخر تجدون حوادث وحالات وفاة وخدمة غير منضبطة... ماذا تريدون؟».
وأكد الرئيس أنه صادق في كل كلمة يقولها، لافتاً إلى أنه لا توجد خدمات أو أسعار في العالم بهذه التكلفة التي نقوم بها، وتساءل: «هل نقوم بأداء الخدمة ونأخذ ثمنها، أم لا نقوم بعملها ونتركها، وتظل تنهار مرافق الدولة مرفقاً تلو الآخر؟».
واستطرد السيسي: «أرجو وأنا أتكلم هذا الكلام لكل المصريين أن يعرفوا أن بناء الأمم والدول التي تأخذ مكانها على الأرض ليس بالأمر اليسير، ولا بد من جهد ومعاناة وحرمان لكي يتم عمله، والحقيقة كذلك في الطرق والسكة الحديد والموانئ والمطارات والزراعة والصناعة والتعليم والصحة... نريد بناء بلدنا ويكون بلداً حقيقياً ولا بد من التحمل، لأننا لم نقبل أن يكون مستوانا كهذا... بل لا بد من النهوض بالبلد والقيام بها».
وأمر الرئيس المصري باسترداد الأراضي المملوكة للدولة من واضعي اليد عليها وحدد نهاية الشهر الحالي موعداً للتنفيذ.
وعلى مدى سنوات طويلة وضع مصريون أيديهم على مساحات واسعة من أراضي الدولة واستخدموا جانباً منها في إقامة مشروعات مختلفة. وليست هناك أرقام رسمية معلنة لإجمالي مساحات الأراضي المغتصبة، ولكنها تقدر بمئات الآلاف من الأفدنة.
وقال السيسي غاضباً: «محدش (لا أحد) ياخد حاجة مش بتاعته». وأضاف: «الناس (ملايين المصريين) مش لاقية تاكل وناس (أخرى) تمد إيدها وتاخد بالعشر تلاف والعشرين ألف فدان. والله العظيم ولا فدان واحد (يبقى في حوزة واضعي اليد)».
وكلف السيسي القوات المسلحة ووزارة الداخلية باسترداد الأراضي من واضعي اليد. وأضاف: «آخر الشهر آخد تمام باستعادة الأراضي كلها بالكامل». لكنه أكد استعداد الدولة لتحرير عقود بيع للأراضي التي أقيمت عليها مشروعات بعد دفع الثمن.
وأعرب السيسي عن تقديره وشكره للإمارات على دعمها لمصر في كثير من المشروعات التنموية. وقال: «اسمحوا لي قبل أن نترك الحديث عن الصوامع والشون هناك تحية وتقدير مستحق لأشقائنا في دولة الإمارات، لأن هذا المشروع المكون من 25 شونة كان من ضمن البرنامج الذي قامت الإمارات بتمويله لمصر عقب ثورة 3 يوليو (تموز)... وكان 1.5 مليون طن سيتم التعامل معها بشكل يحفظ حقوق الدولة وحقوق المواطنين، بالإضافة إلى أنه يحفظ لدينا هذه الحبوب بشكل جيد بعيداً عن الآفات وبعيداً عن الهدر من 10 في المائة إلى 20 في المائة من هذه الحبوب التي تفقد على مدار عام أثناء تخزينه».
وأضاف السيسي: «لذا وجب أن أوجه التحية وكل التقدير والاحترام لدولة الإمارات التي ساعدتنا في هذا المشروع ومشروعات أخرى».
وتعد الإمارات من الدول العربية الداعمة بقوة لمصر بعد ثورة 30 يونيو، حيث قدمت مساعدات بمليارات الدولارات للقاهرة في صورة أموال ومنتجات نفطية، من بينها وديعة بقيمة مليار دولار، في أغسطس (آب) الماضي، للبنك المركزي المصري لمدة 6 سنوات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.