المفاوضات السورية غداً بلا جدول أعمال... والبنود الإنسانية غير قابلة للتفاوض

المعارضة تسعى لوقف إطلاق نار فوري في كامل الأراضي السورية

المفاوضات السورية غداً بلا جدول أعمال... والبنود الإنسانية غير قابلة للتفاوض
TT

المفاوضات السورية غداً بلا جدول أعمال... والبنود الإنسانية غير قابلة للتفاوض

المفاوضات السورية غداً بلا جدول أعمال... والبنود الإنسانية غير قابلة للتفاوض

يصل وفد الهيئة العليا التفاوضية إلى جنيف، اليوم، للمشاركة في الجولة السادسة من المفاوضات التي من المتوقع أن تستمر أربعة أيام، في وقت لا يزال جدول الأعمال غير محدد بشكل واضح، وإن كان ممثلوها يؤكدون أنه يفترض أن تبدأ مما انتهت إليه الجولة السابقة وتحديدا الانتقال السياسي، مع تشديدها على تطبيق البنود الإنسانية في قرار مجلس الأمن 2254 وسعيها لتثبيت وقف إطلاق النار بشكل فوري في كامل الأراضي السورية.
غير «الهيئة العليا» تعي في الوقت نفسه، محاولات النظام المستمرة عدم إعطاء أهمية لـ«جنيف» والتركيز على «مؤتمر آستانة» بضامنيه الثلاثة، كبديل عنه. ويقول عضو وفد الهيئة فؤاد عليكو، لـ«الشرق الأوسط»: «لم نتسلّم جدول الأعمال لغاية الآن، لكن الأهم بالنسبة إلينا هو الانتقال السياسي، فيما تبقى البنود الإنسانية مطلبا رئيسيا أيضا ولا بد من تطبيقها، وسنبذل جهودها للتوصل إلى نتائج إيجابية بشأنها لا سيما أن مدّة المفاوضات هذه المرة قصيرة وقد حدّدت فقط بأربعة أيام». ويرفض عليكو القول إن «جنيف» قد يكون تكريسا لمخرجات «آستانة» على حساب المسار السياسي، قائلا: «يحاول النظام الالتفاف على الموضوع عبر التقليل من أهمية جنيف، وهذا ما لن نقبل به وسنتمسك بهذه المفاوضات التي بات معروفا أن هدفها هو الانتقال السياسي».
من جهته، يقول العميد في «الجيش الحر» فاتح حسون، المشارك في «آستانة»: «إلى الآن لا يوجد جدول أعمال محدد ضمن خطة دي مستورا، لكن من المهم لجميع السوريين تنفيذ البنود 12، 13، 14 من القرار 2254»، موضحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا القرار ليس تفاوضيا بل ملزم للنظام الذي لا يزال يتعنت ويمتنع عن تطبيقه، وبالتالي فإن تحويل بنوده التي تحمل إجراءات إنسانية إلى بنود تفاوضية خطأ جسيم في وقت لا يلتزم النظام بتطبيقها»، مشددا: «سنطالب بها لكن لن نفاوض عليها فهي قرارات صادرة وننتظر تطبيقها، أما التفاوض فهو من أجل انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية لا مكان فيها لبشار الأسد ونظامه».
ولا ينفي حسون أن «هناك تسابقا بين آستانة وجنيف»، موضحا: «التسابق هو حول ما يمكن تسميته بـ(اللا نتائج)، لكن الروس يحاولون إظهار مؤتمر آستانة على أنه أكثر إنجازا من جنيف وذلك كونهم أكثر نفوذا فيه في ظل غياب الدور الأميركي الواضح والمستتر في جنيف». ويضيف: «وإذا بقيت النتائج على ما هي عليه بسبب عدم إرادة النظام المضي في الحل السياسي فلا أعتقد أنه سيكون هناك نجاح فعلي يرتقي لمستوى تضحيات شعبنا المظلوم لا في آستانة ولا في جنيف».
كذلك وفي حين أكّد أحمد رمضان وهو أحد المتحدثين الإعلاميين باسم «الهيئة»، أن الانتقال السياسي سيكون العنوان الرئيسي الذي ستبحث به المعارضة في جنيف، اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماع آستانة من الناحية العملية استنفد أغراضه، «وأعتقد أنه لم يعد قادرا على تقديم المزيد، ولذا عمد دي ميستورا إلى تقديم موعد جنيـف، ونقل الملفات إليها، في وقت رفض الجانب الأميركي أن يكون ضامناً في آستانة إلى جانب إيران، واعتبر مخرجات الاجتماع الأخير محل شكٍ من ناحية التطبيق».
وبالإضافة إلى موضوع الانتقال السياسي، يشير رمضان إلى أن «الهيئة العليا» ستطرح في مفاوضات «جنيف» التي تطالب بأن تكون مباشرة، وهو ما لا يزال مستبعدا «تثبيت وقف إطلاق النار بشكل فوري في كامل الأراضي السورية، وليس في المناطق الأربع التي جرى التحدث عنها في اتفاق آستانة، واعتبار التهجير القسري الذي يقوم به النظام والعصابات الإيرانية «جرائم حرب»، وخرقاً لاتفاق أنقرة في 29 ديسمبر (كانون الأول) 2016 ولقرار مجلس الأمن 2254 إضافة إلى مجزرة خان شيخون الكيماوية التي ارتكبها النظام والتأكيد على ملاحقة الجناة.
كما سيركز الوفد، بحسب رمضان، «على الدور الإيراني الخطير في سوريا، وتهديده للمجتمع السوري، وللأمن الإقليمي، والمطالبة بموقف دولي واضح يعتبر العصابات الطائفية الإيرانية منظمات إرهابية، ويطالب بطردها، وتجريم من يدعمها، ومنعها من استخدام أراضي العراق لتدريب الإرهابيين وإرسال الأسلحة والمرتزقة إلى سوريا».
إلى ذلك، قال المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات الدكتور رياض حجاب، أمس، إن المجتمع الدولي لم يكن جادا خلال السنوات الماضية، في إيجاد حل للمسألة السورية ولمعاناة السوريين. واتهم مجلس الأمن الدولي خلال كل هذه السنوات التي مضت، بـ«الشلل» نتيجة استخدام الفيتو المتكرر من قبل روسيا والصين بشكل لم يسبق له مثيل.
واعتبر د.حجاب أن هناك إبادة تتم بحق الشعب السوري من خلال القصف الممنهج بكل أنواع الأسلحة، ومن خلال الحصار والجوع الذي يفرض على كل المناطق، مشددا على «إننا في سوريا نحتاج إلى حل سياسي يُنهي هذه المأساة التي نعاني منها، والوساطة الدولية لم تبدأ فعلياً في إيجاد ذلك»، وانتهى المنسق الأعلى على أن ما يحتاجه السوريون هو موقف حازم من المجتمع الدولي لإنهاء معاناة ومأساة السوريين.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».