اتساع الثقوب في النسيج الليبي

نزاع إقليمي على إدارة الملف... وواشنطن تترقب

اتساع الثقوب في النسيج الليبي
TT

اتساع الثقوب في النسيج الليبي

اتساع الثقوب في النسيج الليبي

تتسع الثقوب في النسيج الوطني الليبي. ووصل الحديث، محليا ودوليا، لاحتمالات تقسيم البلاد، أو عودة الحكم فيها إلى نظام الولايات الثلاث، أو النظام الفيدرالي. وفي الوقت الراهن يبدو أن هناك قطبين إقليميين يتنافسان على الملف الليبي. القطب الأول، كما تقول الدكتورة أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، يضم مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، والقطب الثاني، يضم تركيا وقطر. وفي ظل نظام دولي آخذ في التراجع، أدى استمرار الفوضى في هذا البلد الغني بالنفط، إلى تفاقم الصراع على خلفيات ثقافية وعلى إرث قديم يتعلق بمن تكون له الأولوية في تقرير مصير الدولة الليبية. وبينما تترقب واشنطن الموقف، أصبحت مجموعة من القوى الإقليمية والدولية، تبحث عن موضع قدم في ليبيا، للاستفادة من النفط والغاز، وإيجاد نفوذ على الساحل وفي العمق الأفريقي.
اليوم، في عصر المعلومات والمشاعر المتضاربة، يسود التنافس محليا أيضا. يشتعل ويخبو، ثم يعود مرة أخرى للتوهج، بين «القبلية»، وأغلبها في مناطق الشرق، والجهوية ومعظمها في مدن الغرب.

من قصر المنار، مقر إقامة ملك ليبيا الراحل إدريس السنوسي في مدينة بنغازي، إلى باب العزيزية مقر حكم العقيد معمر القذافي في مدينة طرابلس، تعامل كل زعيم من الزعماء الذين أداروا شؤون الدولة الصحراوية المطلة على البحر المتوسط، بطريقة تصب في اتجاه التوفيق بين طبيعة الشرق المتحفزة، وحالة الغرب التي تنزع إلى الاستقرار. ويمكن أن تفهم من رجل عسكري، مثل العميد مصطفى الشركسي، قائد سرايا الدفاع عن بنغازي، أن تحفُّز الشرق أصبح يقترن، في بعض الأحيان، بعملية تشبه التطهير العرقي، لطرد ذوي الأصول الغربية الذين يعيشون منذ مئات السنين في بنغازي.
وأيا ما كانت الظروف، فإن الأوضاع في ليبيا اليوم تُنذر بالخطر على مستقبل الدولة نفسها. وتقول الدكتورة الطويل، إن الخسارة، في هذه الحالة، ستطال الجميع؛ الشعب الليبي، ودول الجوار، وأفريقيا وأوروبا. وتحذر من الصراع على «التورتة الليبية».
في رأي البعض، فإن الفهم العميق ينبغي ألا يستند فقط على قراءة تقارير السياسيين وأجهزة الاستخبارات والتوجيه الإعلامي، ولكن لا بد من استشراف رؤى القيادات المحلية، والاستماع جيدا إلى قصائد الشعراء الشعبيين الذين يحظون باحترام في الأوساط العامة، ويخلطون قصص الحب والوفاء ونكران الجميل، بالواقع والتاريخ واحتمالات المستقبل.
«العقل عندكم والقلب عندي دامي... والعين تدمع والخطى قاصرات». هذا مطلع قصيدة يشكو فيها الشاعر الليبي الشعبي كيلاني عبد الحفيظ المغربي، من ضيق الحال وقلة الحيلة. ويقول إن وضع ليبيا المضطرب، إذا استمر على ما هو عليه، فقد يؤدي إلى التقاء بين أنصار العهد الملكي، وهو تيار صاعد بالفعل، وأنصار نظام القذافي.
* الاعتراف بالاستقلال
في منتصف القرن الماضي كان الملك يُحضِّر للحصول على اعتراف دولي باستقلال ليبيا. كانت العقبة الوحيدة هي الخلافات بين قادة الشرق وزعماء الغرب، واستطاع أن يذيب الفوارق بين هذين التكتلين المتنافسين، عن طريق إدارة ليبيا عبر ثلاثة أقاليم: طرابلس وبرقة وفزان.
وحين جاء القذافي للحكم واجهته المشكلة نفسها بعدما قضى على نظام الأقاليم الثلاثة. وتقول الدكتورة الطويل: الذاكرة الليبية ما زالت تحتفظ بفترة نظام تلك الأقاليم الإدارية. وتضيف أن «دولة الاستقلال الوطني على النظم البالية (حكم القذافي نموذجا) ، لم تنجح في تحقيق دولة المواطنة ودولة المؤسسات»، بل اتبع القذافي نظاما شعبويا، عاد بليبيا لتكوينات ما قبل الدولة.
ويقول مصدر شارك في اجتماعات عقدت قبل يومين في لجنة في الكونغرس الأميركي، إن موضوع العودة إلى الأقاليم الثلاثة يعد من ضمن الحلول الموجودة لدى مستشاري الرئيس دونالد ترمب، لكنه أشار إلى ما أدلى به الكولونيل ولفغانغ بوزستاي، وهو عسكري نمساوي ذو خبرة مهمة لحلف شمال الأطلسي «ناتو»، عن إمكانية الوصول إلى تحقيق وحدة الدولة الليبية استنادا إلى شخصية قوية في طرابلس، وليس عن طريق فايز السراج المدعوم دوليا.
ارجع قليلا إلى الوراء... إلى ما قبل العهد الملكي. لقد كانت المشكلة قائمة أيضا منذ أكثر من مائة سنة، أي منذ بداية الصراع بين الإمبراطورية العثمانية المريضة، وتطلعات الدولة الإيطالية إلى شمال أفريقيا. لكل دولة رعايا ومصالح ونقاط عسكرية على البحر وفي الصحراء. وأدى ذلك إلى ظهور «الجمهورية الطرابلسية» في الغرب الليبي، بينما اختار الشرق الصدام مع القادمين من وراء الحدود.
حتى في أيام مقاومة الوجود الإيطالي، بقيادة عمر المختار، ظهرت مشكلة القبائل البدوية والجهويين في الغرب. ويقول أحد أحفاد المختار، الدكتور ولاء خطاب، وهو أستاذ متخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن المشكلة التي تمر بها ليبيا اليوم، هي نتاج الموروث الثقافي.
ويتابع: «إقليم طرابلس فيه أصول متعددة، بحكم استقرار كثير من رعايا دول البحر المتوسط كتركيا وإيطاليا واليونان ومالطا، في طرابلس ومصراتة... وبينما يعرف المواطن نفسه في شرق البلاد باسم قبيلته؛ برعصي، أو منفي، أو عبيدي، أو مغربي، تجد المواطن في الغرب يحرص على تعريف نفسه باسم المدينة التي ينتمي إليها؛ مصراتي، أو طرابلسي، أو زليتني، وغيرها».
كان آلاف الشبان الذين خرجوا لإطاحة القذافي، في ساحة المحكمة على بحر بنغازي، لا يسيرون على هذا النهج. ويعد الشاب رجب بن غزي، من بين هؤلاء. وهو ناشط ليبي وإعلامي مشهور، ومن الأجيال التي كان لها تطلعات لعهد جديد بعد 2011، لكنه اليوم يعيد قراءة الماضي. ويقول: «كثيرٌ من الليبيين يحمِّلون مسؤولية ما انتهت إليه الدولة اليوم، إلى إرث 42 سنة من حكم القذافي، لكن هذا تبين لي أنه غير صحيح».
* حساسيات محلية وجهوية
وتعج ليبيا بحساسيات قبلية يعود بعضها إلى أكثر من 300 سنة مضت، ليس في الشرق فقط، ولكن في الغرب أيضا. وأغلبية القبائل الليبية ذات أصول عربية، لكن توجد أيضا قبائل وعائلات كبيرة ذات أصول غير عربية. ومن الصراعات القبلية التاريخية، الخلافات القديمة التي تتجدد كل حين وآخر بين «المشاشية» و«الزنتان»، و«تاورغاء»، و«مصراتة»، و«ورفلة»، و«الطوارق»، و«التبو»، و«الأمازيغ»، و«العرب»، وغيرها.
ويقول الدكتور خطاب: كل هذه الصراعات أوقفها القذافي، وسيطر على ما كان يظهر منها في عهده بالحيلة حينا وبالطريقة القبلية حينا آخر.
وعلى مدار عقود كثيرة كان ظهور المنتديات الفكرية والسياسية الصاخبة، يقتصر على مدينتي بنغازي وطرابلس. ولم تكن الطليعة الليبية آنذاك، تعنى بقضية الداخل فقط، لكنها اتسمت بطابع قومي وإسلامي عابر للحدود، ما زالت آثاره باقية حتى اليوم. ويعد هذا، في رؤية البعض، من أسباب ارتباط كثير من سياسيي وزعماء الداخل، إلى الآن، بدول إقليمية أو حتى بأطراف دولية، ما يؤدي إلى صعوبة الوصول إلى حل.
وفي كتابه «التاريخ السياسي ومستقبل المجتمع المدني في ليبيا»، الصادر عن «دار برنيق للطباعة والترجمة والنشر»، يرى الكاتب والسياسي الليبي، إبراهيم عميش، أن بلاده كانت قِبلة لـ«قيادات إقليمية لفروع أحزاب سياسية وقومية ودينية، بكل ألوانها وانحيازاتها؛ اليمينية واليسارية... المتشددة منها والمعتدلة... ومنها حركة الإخوان وحزب البعث العربي الاشتراكي، وحركة القوميين العرب».
ويشغل عميش في الوقت الحالي رئاسة لجنة العدالة والمصالحة الوطنية في البرلمان الليبي. وكان في عهد القذافي من أعضاء جبهة الإنقاذ الليبية المعارضة في المنفى. ويقول إن الحراك الثقافي والسياسي المشار إليه كان مستمرا في ليبيا حتى منتصف القرن الماضي.
* ... لكنها لا تهدد الوحدة
ولا توجد في ليبيا مطالب عرقية أو مذهبية يمكن أن تهدد وحدة الدولة، مثل تلك التي نراها اليوم في العراق أو سوريا. لكن يبدو من الواقع أن الموضوع يتعلق بحساسيات قديمة حول مناطق النفوذ وحدود السلطة. وهذا ما حاول علاجه عمر المختار والملك السنوسي، والقذافي، لكن كل بطريقته.
ويقول الدكتور خطاب، إن عمر المختار «واجهته مشكلة الإرث القبلي، والإرث الحضري، ولهذا قسَّم عمليات الجهاد ضد الجيش الإيطالي المستعمر، على أدوار بين القبائل... دور لقبيلة العواقير، ودور لقبيلة البراعصة، ودور لقبيلة المغاربة، وهكذا». ويبدو أن هذا كان نظاما مرنا ومتوافقا مع الواقع حينذاك. مساحة كبيرة من حرية الحركة للقادة الميدانيين، مقابل إشراف وتوجيه مركزي من المختار. وظل كل قائد زعيما في منطقته وبين عشيرته.
ويضيف: «لهذا، حركة المقاومة ضد الطليان نجحت في برقة، وفشلت في طرابلس». وفي نهاية المطاف دبت الخلافات بين الشرق والغرب من جديد، وانتهى الأمر بإعدام الإيطاليين للمختار، وبعد ذلك بسنوات بدأ الأمير محمد إدريس السنوسي يجهز لرحلته إلى بريطانيا أملا في نيل الاستقلال وقيادة دولة موحدة.
كان إقليم برقة قد استقل بالفعل. وكان السنوسي يخشى من تقسيم البلاد. وفي قصر المنار الملكي، يوم الأول من يونيو (حزيران) عام 1949، عقدت جلسات المؤتمر الوطني البرقاوي، بحضور وفد المؤتمر الوطني الطرابلسي، برئاسة الشيخ محمد أبو الإسعاد العالم.
وافتتح السنوسي الجلسة الأولى بكلمة قال فيها: «لقد طلبت من بريطانيا العظمى والدول الأخرى، بما فيها البلدان العربية والإسلامية، أن تعترف باستقلال برقة». وأضاف: «أتمنى لإخواني في طرابلس أن يحصلوا على مثل ما حصلنا عليه في برقة، ونعلن وحدتنا معا تحت راية واحدة». وهذا ما حدث. ويقول المغربي: «وحدة ليبيا هو ما نريده اليوم بالفعل».
أما خلال حكم القذافي، فقد بدا أن هناك مراجل تغلي تحت السطح طوال 42 سنة. وتقول الدكتورة الطويل: «كان نظاما شعبويا هدفه الاحتفاظ بالسلطة لفترة طويلة، وعاد لتكوينات ما قبل الدولة. وهذه الشعبوية المسماة الكتاب الأخضر وحكم الشعب، أسفرت عن عدم وجود أحزاب سياسية في ليبيا. كما أن المؤتمر الشعبي (البرلمان أيام النظام السابق)، كان وثيق الصلة بشخص القذافي بشكل مباشر. وبالتالي لم يكن تعبيرا صحيحا عن جموع الناس».
وخرج آلاف الليبيين من البلاد هربا من التعسف والسجن، بداية من سبعينات القرن الماضي، وانصهروا في بوتقتين رئيسيتين في الخارج، بوتقة أنصار الدولة المدنية من يساريين وليبراليين، وبوتقة الإسلام السياسي. وعادوا جميعا في 2011 للالتحاق بانتفاضة الشرق ضد القذافي، وهم يرفعون شعار «لا للقبلية».
وكما يوضح المغربي: «هذا الشعار أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، ولم يوجد بديل له قابل للحياة حتى الآن. وبدأ الليبيون يبحثون عن طريقة للعيش؛ هل يعودون لنظام الأقاليم إبان حكم الملك، أم ماذا؟».
* أي نظام إداري؟
وتضمن كتاب «ليبيا إلى أين» الذي أعده مجموعة من الباحثين، وصدر عن دار «مدبولي الصغير» بالقاهرة، كثيرا من الشهادات التي تعكس حالة عدم اليقين لدى قطاع كبير من الليبيين بشأن شكل النظام الإداري للدولة من فيدرالية، أو كونفيدرالية، أو دولة مركزية. وبشكل عام يتمسك غالبية الليبيين، مع حالة من الوجد يزكيها الشعراء الشعبيون، بخيار العيش معا تحت مظلة نظام واحد، أيا ما كان حجم التضحيات. وفي الوقت الراهن، وعلى غير ما هو شائع، يقول المغربي إن أنصار العهد الملكي، وأنصار نظام القذافي، يمكن أن يتصالحا، و«بالتالي يمكن التحدث حول الأقاليم الثلاثة من جديد، والالتفاف حول الدستور الملكي»، وهذا مما قاله القذافي حين أصيب باليأس من الشعب في آخر أيامه: «ها هو دستور 1951... أعيدوه إذا كنتم تريدونه». وهذا يعطي مدخلا لأنصار القذافي بأنهم لن يعارضوا العودة للدستور القديم.
ويقول المغربي الذي عاصر فترة الانتفاضة، إن من رفعوا شعار «لا للقبلية» في مظاهرات 2011 كان معظمهم من ذوي الأصول الحضرية ممن يعيشون في بنغازي، أو ممن عادوا من المنافي... و«استجاب الناس في البداية لهذا الشعار، وكان مَن تسأله: أنت من أي قبيلة، يقول لك: لا تسأل مثل هذا السؤال... أنا ليبي فقط». ويضيف: «استمر هذا حتى تمت السيطرة على الوضع بمقتل القذافي»، و«وصل الأمر بعد ذلك إلى أن من قام بحكم بنغازي كان من شخصيات ذات أصول تعود إلى غرب ليبيا، وللأسف كان حكما متعسفا تجاه أبناء قبائل الشرق. ومن هنا وقع الصدام في بنغازي».
ومن بين من خرجوا من الشرق، وأقاموا في الغرب العميد الشركسي نفسه، وهو من أصول مصراتية، وكان يعيش في بنغازي مع عائلته التي تقيم في الشرق منذ أكثر من مائة سنة. وهو يسعى حاليا، مع نحو ألف ضابط وجندي، ممن طردوا من بنغازي قبل سنة، للعودة إليها ولو بالقوة.
ومن أبرز الأمثلة على قدرة القبيلة وزعماء المناطق البدوية والحضرية، على تغيير موازين القوى، كما يقول المغربي، تلك الواقعة التي تخص الآمر السابق لحرس المنشآت النفطية في الشمال الأوسط من البلاد، الذي كان يبسط نفوذه على أكثر المناطق حيوية لاقتصاد الدولة.
ويوضح: «حين وقفت قبيلة المغاربة وقالت نحن مع الجيش (بقيادة المشير خليفة حفتر) وجد آمر حرس المنشآت نفسه وحيدا ومعزولا عن قبيلته، واضطر للفرار من المنطقة، رغم أنه كان يحظى بدعم من مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر، ويحظى باهتمام الأميركيين والإنجليز والطليان». ويزيد: «لو كل قبيلة ترفع غطاءها عن ميلشياتها، فستنهار هذه الميليشيات التي تعرقل التفاهم بين الليبيين». ويقول الدكتور خطاب إن المتشددين نجحوا في المنطقة الغربية، لأنها تركيبة مدن، وتهاوت مراكزهم في المنطقة الشرقية، لأنهم لم يجدوا مأوى لدى أي قبيلة. ومن بين الحلول اللافتة لحل مشكلة الحكم والإدارة، تلك التي وردت في كتاب «ليبيا... إرادة التغيير»، الصادر عن «دار العلوم للنشر والتوزيع»، للكاتب الليبي إبراهيم قويدر، حيث اقترح فيه أن يكون التوزيع الجغرافي للإدارة التنفيذية والسياسية مقسما إلى عشرة أقاليم أو عشر ولايات، هي درنة، والجبل الأخضر، وبنغازي، وأجدابيا، والواحات، وسبها، ومصراتة، وطرابلس، وجبل نفوسة، والزاوية، على أن ينتخب من كل إقليم عشرة لعضوية المؤتمر العام (البرلمان) بمقدار مائة عضو.
* دور المصالح العالمية
إلا أن الحنين إلى حل الأقاليم الثلاثة لإنهاء الخلافات بين الأفرقاء، كما تقول الدكتورة أماني الطويل، يأتي في وقت أصبحت توجد فيه مصالح عالمية تخيف الليبيين على مستقبلهم. وتقول إن بعض القوى الدولية تريد إحياء أحزمة نفوذها القديمة في ليبيا. وعلى سبيل المثال «الفرنسيون يريدون إحياء الحزام الفرنسي القديم الممتد في وسط أفريقيا، من إقليم فزان في الجنوب، إلى تشاد وغيرها»، وهو أمر «يعزز بشكل أو بآخر مسألة تقسيم ليبيا».
وتوضح، فيما يتعلق بعدد من دول المنطقة التي يبدو أنها تتنازع حول الملف الليبي، بالقول إنه «في لحظة تشكل النظام الدولي الجديد، تظهر التنافسات الإقليمية بشكل واضح... وهذه سنة تاريخية كما يقال. وتحاول هذه التنافسات سد الفراغ الناجم عن ارتباك النظام الدولي أو انهياره، ولاقتناص الفرصة للحصول على جزء كبير في التورتة». وفي خضم الصراع الدائر في ليبيا، يبدو من جلسة لجنة الكونغرس، وفقا للمصدر ذاته، أن واشنطن تترقب، وتسعى، في الوقت نفسه، لإعادة قراءة المشهد وموازين القوى المحلية، والتشاور مع شركائها في المنطقة «قبل أي تصرف جذري».
ومن جانبها، تشدد الطويل على الاستقطاب الإقليمي بين قطر وتركيا من جانب، ومصر والإمارات من جانب آخر. لكنها توضح أن «العبرة هنا بالنتائج، بمعني مَن مِن المعسكرين، أو القطبين، أو التجمعين الإقليميين، هو الذي لديه مشروع لصالح الشعب الليبي؟». وتختتم: «أتصور أن تكون القوى السياسية الليبية واعية. هل مصلحة الشعب الليبي تتطلب الوحدة أم التقسيم؟ هل تتطلب أن تكون دولة مدنية حديثة، أو دولة دينية؟ هذه أسئلة منوط بالإجابة عنها الشعب الليبي ونخبه السياسية.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.