المغرب: الحزن يخيم على محاكمة «إكديم إزيك»

مع بدء الشهود في عرض شهاداتهم حول مقتل رجال أمن

المغرب: الحزن يخيم على محاكمة «إكديم إزيك»
TT

المغرب: الحزن يخيم على محاكمة «إكديم إزيك»

المغرب: الحزن يخيم على محاكمة «إكديم إزيك»

خيمت أجواء من الحزن على القاعة رقم (2) بمحكمة الاستئناف بسلا المجاورة للرباط، منذ استئناف محاكمة المتهمين في أحداث تفكيك مخيم «أكديم إزيك» بالعيون، كبرى مدن الصحراء المغربية يوم الاثنين الماضي، وذلك عندما بدأ شهود الإثبات، من درك ملكي وقوات مساعدة ووقاية مدنية، في سرد شريط الأحداث الدامية التي ذهب ضحيتها زملاء لهم في هذه الأحداث.
ولم يتمالك الشهود وذوو الضحايا أنفسهم، وهم يسترجعون اللحظات القاسية لمشاهد عنف عاشوها عندما أقدم متظاهرون من سكان المخيم على الاعتداء على زملاء لهم بواسطة أسلحة بيضاء وقنينات غاز وعصي وحجارة، ودهسهم بالشاحنات، بل وعمدت إلى التنكيل بجثتهم بدم بارد.
وبمجرد أن ذكر أحد الشهود أسماء ضحايا من عناصر الدرك الملكي، تعرضوا لاعتداءات شنيعة حسب وصفه، وحتى قبل أن يخوض في التفاصيل، تعالى صراخ الأمهات والزوجات المكلومات داخل القاعة التي يتابعن فيها أطوار هذه المحاكمة، الأمر الذي دفع النيابة العامة والدفاع إلى تقديم ملتمس إلى المحكمة من أجل مغادرتهن القاعة إلى حين انتهاء الاستماع لشهادة الشهود، وذلك مراعاة لمشاعرهن.
ومن بين هؤلاء الشهود-الضحايا، رئيس مركز للوقاية المدنية بمدينة العيون، حضر الجلسة على كرسي متحرك، جراء الاعتداء الذي تعرض له من قبل حشد من المتظاهرين أثناء قيامه بمهمته، والذي أدى أيضا إلى فقدانه إحدى عينيه.
شاهد آخر، وهو نقيب بالقوات المساعدة (قوة شبه عسكرية تابعة لوزارة الداخلية) تعرف بعد أدائه اليمين القانونية على أحد المتهمين الذي كان يقود سيارة رباعية الدفع أثناء تفكيك المخيم، والذي قام بدهس عنصر من القوات المساعدة أثناء أدائه لواجبه.
وتمكن شاهد إثبات آخر من التعرف على عدد من المتهمين المتابعين في أحداث تفكيك المخيم، وكانت شهادته بخصوص ليلة ويوم تفكيك المخيم دقيقة ومفصلة، حيث تطرق إلى الجوانب التنظيمية داخل المخيم، وكذا المسؤولين داخله عن التموين والأمن والتأطير على جميع المستويات.
وفي رده على أسئلة دفاع المتهمين، الذي حاول إرباك الشاهد بكون تصريحاته تشوبها تناقضات، وعن كيفية تمكنه من تذكر أسماء المتهمين والتنظيم المحكم للمخيم، أعاد الشاهد ما سبق أن صرح به دون أي خلط في أسماء المتهمين أو تناقض في المعلومات التي أدلى بها أمام المحكمة.
وكانت أحداث مخيم إكديم إزيك، التي وقعت شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2010 بمدينة العيون قد خلفت 11 قتيلا بين صفوف قوات الأمن، ضمنهم عنصر في الوقاية المدنية، إضافة إلى 70 جريحا من بين أفراد هذه القوات وأربعة جرحى في صفوف المدنيين، كما خلفت الأحداث خسائر مادية كبيرة في المنشآت العمومية والممتلكات الخاصة.
يذكر أن غرفة الجنايات الاستئنافية بسلا، التي تنظر في هذه القضية بعد أن أحيلت عليها من محكمة النقض، قد شرعت منذ الاثنين الماضي في الاستماع لشهود الإثبات، ومن المقرر أن تواصل الاستماع لباقي الشهود يوم 15 مايو (أيار) الجاري.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.