6 ألوية لاقتحام صعدة... والميليشيات ترسل تعزيزات

المحافظ طرشان: تجهيز كتائب داخل المدينة لتنفيذ أعمال عسكرية

6 ألوية لاقتحام صعدة... والميليشيات ترسل تعزيزات
TT

6 ألوية لاقتحام صعدة... والميليشيات ترسل تعزيزات

6 ألوية لاقتحام صعدة... والميليشيات ترسل تعزيزات

كشف هادي طرشان، محافظ صعدة، عن وجود 6 ألوية تابعة للجيش الوطني، تتأهب لاقتحام صعدة والمديريات التابعة لها خلال أيام، لافتاً إلى أن العمل يجري على تجهيز كتائب داخل المدينة لتنفيذ أعمال عسكرية بالتزامن مع تقدم الجيش.
وقال طرشان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «العمل جارٍ على تهيئة هذه الألوية لتطهير محافظة صعدة من الانقلابيين، بدعم قوات تحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية»، لافتاً إلى أن الألوية الستة متواجدة حالياً على أطراف صعدة، مسقط رأس زعيم الحوثيين، وتحديداً من الجهة الشرقية للمدينة قرب مديرية «كتاف والبقع» ومن جهة المنفذ الحدودي.
وأضاف: إن تحركات تجري في داخل صعدة والمديريات التابعة لها لإنشاء كتائب عسكرية قادرة على تنفيذ أعمال عسكرية بالتزامن مع تقدم الجيش نحو مركز المدينة، وهذه التحركات ستدفع عموم المدنيين في المدينة إلى الالتحاق بصفوف الجيش والمقاومة الشعبية بعد فترة الاضطهاد التي مارستها الميليشيات على المواطنين.
وأشار إلى أن الميليشيات حوّلت المدينة مع التحركات العسكرية للجيش الوطني اليمني، إلى مخزن كبير للصواريخ والأسلحة المتوسطة بأنواعها كافة، وعمدت إلى إخفاء هذه الأسلحة في مواقع متعددة، خصوصاً في الأحياء المكتظة بالسكان، إضافة إلى المدارس التي تحولت إلى ثكنات عسكرية متكاملة للسلاح والتدريب، وفي المساجد التي تخالف توجه الحوثيين.
وتطرق إلى أن تقارير دورية رُفعت إلى قوات التحالف، وغرف العمليات، عن إحداثيات عن هذه المستودعات؛ كي تتعامل معها بشكل مباشر وسريع قبل اقتحام المدينة، مضيفاً أن الحوثيين تعمدوا إخفاء هذه الأسلحة بعد أن تمكن طيران التحالف من ضرب عدد من المواقع ومستودعات الحوثيين في المدينة، إضافة إلى تحويل الأسلحة إلى مديريتي نقعة، حيدان، ومديريتي ساقين، والصفراء. وحول وجود خبراء أجانب في محافظة صعدة، أكد طرشان، رصد تواجد مدربين وخبراء صواريخ من «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني، خصوصاً في محافظتي حيدان، والصفراء، مشيراً إلى أن هؤلاء الخبراء قدِموا لتدريب المغرر بهم، كاشفاً عن أن هذا التواجد سبقه حضور مبكر في المدينة في فترة الحروب الست التي خاضها الحوثيون؛ إذ كان السفير الإيراني يزور صعدة 3 مرات، ويلتقي بمجموعة من الموالين لبلاده تسمى «الشباب المؤمن»، قبل أن تأتي حركة حسين الحوثي وتحمل السلاح ضد الدولة ويتحول الدعم لهذه الجماعة.
وذكر، أن مديريات صعدة الـ15 ليست كلها مع ميليشيات الحوثي، وإنما قوة السلاح واضطهاد الناس في هذه المديريات أخفت بشكل قسري المعارضين للميليشيات التي نكّلت بدورها بالمواطنين الذين نشروا رسائل رأي في موقع للتواصل، ومنهم من قتل بسبب التعذيب الوحشي في سجون الميليشيات؛ الأمر الذي دفع بشريحة كبيرة إلى التزام الصمت حتى تتغير المعادلة في المدينة التي ستكون قريبا بدخول الجيش الوطني وتحرير المديريات كافة. ولفت إلى أن كثيراً ممن ينتسبون إلى المذهب «الزيدي» يخالفون ما تروج له الميليشيات من معتقدات جديدة قادمة من إيران، ويرفضون الترويج لها.
وأوضح محافظ صعدة، أن الميليشيات حوّلت المدينة إلى سجن كبير، حتى أن المواطن إذا أراد الانتقال من مديرية إلى أخرى يحتاج في هذا التحرك إلى تصريح من مشرف الحوثيين في المدينة، وازدادت هذه الأعمال في الآونة الأخيرة خوفاً من تسرب مقاتلين في المدينة؛ إذ يراهن حزب «أنصار الله» على صعدة؛ كونها مدينة مقدسة بالنسبة لهم، وأن ما تحرر في صعدة أشد على الحوثيين مما يحدث في المناطق اليمنية كافة التي تحررت في وقت سابق؛ وهذا ما دفع الحوثيين إلى إرسال تعزيزات لمحاولة البقاء في المدينة لمواجهة تقدم الجيش الوطني.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.