قراءة لتفاصيل توطين أهالي الفوعة وكفريا في القصير المدمّرة على حدود لبنان

حاضنة اجتماعية لـ«حزب الله» وإيران تقلّص نفوذ نظام الأسد

قراءة لتفاصيل توطين أهالي الفوعة وكفريا في القصير المدمّرة على حدود لبنان
TT

قراءة لتفاصيل توطين أهالي الفوعة وكفريا في القصير المدمّرة على حدود لبنان

قراءة لتفاصيل توطين أهالي الفوعة وكفريا في القصير المدمّرة على حدود لبنان

بعد عرقلة خفية، تم توطين دفعات من أهالي بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين السوريتين في منطقة القصير المهجّر سكانها جنوب غربي مدينة حمص، التي يسيطر عليها حزب الله اللبناني بالشراكة مع قوات النظام السوري منذ عام 2013.
مصادر محلية ذكرت أن النظام لم يكن راضيا تماماً عن عمليات توطين سكان الفوعة وكفريا - الواقعتين في محافظة إدلب، بشمال غربي سوريا - في منطقة القصير التي أخذت تتحول بالكامل إلى منطقة شيعية يسيطر عليها ويديرها حزب الله، بينما تقتصر مهام قوات النظام على الحراسة ونشر الحواجز على المدخل الشمالي الشرقي للمنطقة.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن سكان مدينة القصير وريفها، الذين يتجاوز تعدادهم المائة ألف نسمة، غالبيتهم من المسلمين سنة والمسيحيين مع أقليتين علوية وشيعية. ولقد شهدت المنطقة صراعاً شرساً طال لسنتين نزح خلاله معظم السكان إلى أن سيطر حزب الله وقوات النظام عليها عام 2013، وعندها جرى تهجير السكان السنة وتشريدهم ولم يسمح لهم بالعودة، بينما سمح لعدد ضئيل منهم بالبقاء وهم من الذين لا يعارضون النظام فبقوا في المدينة وريفها. وفي المقابل، سُمح للمسيحيين والعلويين والشيعة بالعودة والاستقرار في المدينة المدمّرة بغالبيتها.
كذلك سُمح لأهالي القرى الشيعية الحدودية مع لبنان بالاستيلاء على الأراضي الزراعية الخصبة الواقعة إلى الغرب من نهر العاصي والتي تعود ملكيتها لأهالي مدينة القصير الأصليين من المسلمين السنة والمسيحيين. وراهناً، يقوم الشيعة سواء عائلات المقاتلين في حزب الله أم المناصرين له باستثمار تلك الأراضي والاستعاضة عن الزراعات التي كانت تشتهر بها كالتفاح والمشمش بزراعة التبغ.
ولدى إنجاز اتفاق «المدن الأربع» الذي نصّ على خروج آمن لكل من أهالي ومسلّحي بلدات كفريا والفوعة بمحافظة إدلب والزبداني ومضايا بمحافظة ريف دمشق، كانت التحضيرات جارية في ريف القصير لتأمين سكن ملائم لاستقبال أهالي كفريا والفوعة في أراض شرقي مدينة القصير وأخرى غربها، وذلك بعدما تمنّع النظام عن قبول تسكينهم ضمن المدينة، حسب ما أفادت به مصادر معارضة، وتقول هذه المصادر إن النظام لم يكن راضياً تماماً عن إتمام هذا الاتفاق والسبب تنامي نفوذ حزب الله وإيران في المناطق الحدودية وتغيير ديموغرافية تلك المناطق وخلق بيئة اجتماعية حاضنة لهذا النفوذ على حساب مصالح النظام وتقليص حجم نفوذه على الأرض بزعم تأمين حدود لبنان، ما ينذر باحتمال خروج تلك المناطق عن سيطرة النظام.
كذلك أكدت المصادر ذاتها أن إقامة المدنيين من سكان القصير محصورة فقط بالمصرّح لهم من قبل الأجهزة الأمنية وحزب الله. وبعد تحول تلك المناطق إلى قاعدة عسكرية لحزب الله، منع الدخول إليها من دون الخضوع للتفتيش الأمني، إذ تعتبر القصير بموقعها المحاذي لمناطق نفوذ حزب الله في شمال شرقي لبنان، أحد أهم المعابر لمقاتلي الحزب وأسلحته من وإلى سوريا. ويعد توطين شيعة موالين للحزب وإيران في القصير من أهم وسائل تأمين المنطقة وفرض كامل السيطرة عليها، بعد تهجير سكانها السنة بصورة نهائية ودائمة، وكذلك التضييق على الأقليات الأخرى.
من جانب آخر يرى متابعون في دمشق أن إيران نشطت أخيراً في تأمين مناطق نفوذ لها في سوريا. واتضح ذلك مع الإعلان عن اتفاق «تخفيف التصعيد» الذي توصل إليه رعاة مفاوضات آستانة (تركيا وروسيا وإيران)، الذي اعتبرته أوساط سياسية عدة مقدمة لتقاسم مناطق النفوذ في سوريا.
وثمة من رأى إن حمص ودمشق باتتا من حصة إيران وفق هذا الاتفاق، الأمر الذي لا تنفيه وقائع الأحداث المتسارعة على الأرض فيما يخصّ عمليات تهجير السنة المعارضين من حي الوعر في مدينة حمص وحي برزة في دمشق، والسعي الحثيث لإنجاز اتفاقات مناطقية قسرية مماثلة في حي القابون ومخيم اليرموك بضواحي دمشق.



غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)
غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)
غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)

حذّر المبعوث الأممي هانس غروندبرغ من مخاطر التصعيد في اليمن، وقال إن ذلك سيؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة، وأبدى أمله في أن يؤدي إبرام «هدنة في غزة» إلى عودة مسار السلام بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية.

وكان المبعوث يتحدث قبل الأنباء التي تداولت إعلان الهدنة، إذ جاءت تصريحات المبعوث خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، صباح الأربعاء (بتوقيت نيويورك)، وسبقتها نقاشات أجراها ضمن رحلاته المكوكية إلى مسقط وصنعاء وطهران والرياض.

وتأتي التحركات الأممية في إطار مساعي غروندبرغ للحفاظ على التهدئة اليمنية الهشة القائمة، وفي سياق المساعي للضغط على الحوثيين لإطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية وموظفي البعثات الدبلوماسية.

وإذ أشار المبعوث إلى حملة اعتقالات الحوثيين الجديدة، فإنه قال إن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة.

وحضّ المبعوث على وقف هجمات الجماعة في محافظة البيضاء، في إشارة إلى أعمال التنكيل التي ارتكبوها ضد سكان قرية «حنكة آل مسعود»، كما دعا الجماعة إلى الإطلاق الفوري لجميع الموظفين المحتجزين تعسفياً، وشدّد على الحاجة لخفض التصعيد؛ لأن 40 مليون يمني ينتظرون السلام، وفق تعبيره.

وفي حين أشار غروندبرغ إلى أن الهجمات الحوثية على الملاحة تقوض فرض السلام في اليمن، فإنه جدّد عزمه على مواصلة العمل لتحقيق السلام في اليمن. وقال إن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة سيكون بصيص أمل للوضع في اليمن الذي يشهد تصعيداً بين الطرفين المتحاربين على جبهات كثيرة.

غروندبرغ التقى في الرياض رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك (الأمم المتحدة)

وأضاف أن تصاعد الهجمات والهجمات المضادة في اليمن يقوض آفاق السلم والاستقرار الاقتصادي، مشيراً إلى أن التصعيد يؤكد أن الاستقرار النسبي، وكذلك تحسن الأوضاع الأمنية القائم منذ الهدنة قد يتبددان.

وعلى النقيض من آمال غروندبرغ في إحياء عملية السلام في اليمن بعد «هدنة غزة»، تسود مخاوف يمنية من أن الحوثيين يعدون لتفجير الحرب ضد الحكومة اليمنية، مستغلين التعاطف الشعبي مع فلسطين الذي مكّنهم من تجنيد عشرات الآلاف خلال العام الماضي.

ولعل هذه المخاوف هي التي دفعت غروندبرغ للقول إنه يشعر بالقلق من أن الأطراف «قد تعيد تقييم خياراتها للسلام، وترتكب حسابات خاطئة بناءً على افتراضات خاطئة». في إشارة إلى إمكانية عودة الحرب على نطاق واسع.

الحديث عن التصعيد والمعتقلين

وتطرق إلى أضرار التصعيد الحوثي والضربات الإسرائيلية والغربية، وقال: «لقد ألحقت الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة أضراراً بالبنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي»، وأشار إلى الضرر الذي لحق بالميناء، والقوارب القاطرة العاملة في تفريغ المساعدات الإنسانية.

وأوضح أنه كرر دعواته خلال زيارته صنعاء للإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن جميع الموظفين المعتقلين تعسفياً من الأمم المتحدة والمنظمات الوطنية والدولية والبعثات الدبلوماسية والقطاع الخاص.

كما حضّ الجماعة على إطلاق سراح سفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها المكون من 25 فرداً، الذين تم احتجازهم بشكل غير قانوني لأكثر من عام الآن.

المبعوث الأممي إلى اليمن طلب من إيران الدعم لإطلاق سراح المعتقلين لدى الحوثيين (الأمم المتحدة)

وأبدى المبعوث قلقه إزاء التقارير التي تفيد بموجة جديدة من الاعتقالات الحوثية، وتحدّث عن التصعيد على طول كثير من الخطوط الأمامية، وقال: «يجب على الأطراف اتخاذ خطوات ملموسة بشكل عاجل نحو تحقيق اتفاق وقف إطلاق النار على مستوى البلاد».

وتحدث غروندبرغ عن جهود مكتبه بشأن القضايا الاقتصادية والعسكرية، وقال: «استكشفنا كيف يمكن للتعاون بين الطرفين أن يفتح الباب أمام تحقيق مكاسب السلام الحاسمة. ويشمل ذلك توحيد البنك المركزي، واستئناف صادرات الوقود الأحفوري، والدفع الكامل لرواتب القطاع العام».

وكان المبعوث قبل إحاطته التقى مسؤولين عمانيين في مسقط، وقادة الجماعة الحوثية في صنعاء، قبل أن يلتقي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك، ووزير الخارجية شائع الزنداني.

يُشار إلى أن اليمنيين كانوا مستبشرين في نهاية 2023 بالبدء في تنفيذ خريطة طريق للسلام توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن انخراط الجماعة الحوثية في الصراع الإقليمي ضمن ما يسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران، وشنّ الهجمات على السفن أدى إلى جمود هذه المساعي حتى الآن.

وخلال جلسة إحاطة غروندبرغ، تحدثت ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، وقالت إنه حان الوقت للرد على تهديدات الحوثيين، مؤكدة وجوب مساءلة إيران عن هجماتهم على الملاحة.
وأشارت المندوبة الأميركية إلى حملات الحوثيين لاعتقال الموظفين الأمميين، وموظفي البعثات الدبلوماسية، داعيةً لحرمان الجماعة من مواردها المالية المستخدمة في شن الهجمات، وتسليط الضوء على علاقتها مع حركة «الشباب» الصومالية، والتخادم معها في تهريب الأسلحة.
وفي الجلسة نفسها، أكد المندوب اليمني عبد الله السعدي، أن الوضع الإنساني والاقتصادي في بلاده لا يحتمل، وقال إن الحكومة حريصة على التعاطي مع كل الجهود للتوصل إلى تسوية سياسة، داعياً مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته لتطبيق قراراته بما يكفل إنهاء الانقلاب الحوثي وفق المرجعيات الدولية المتفق عليها.
وحمّل السعدي المجتمع الدولي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في اليمن، وأوضح أن غياب الإرادة الدولية إزاء الحوثيين هي التي ساعدت في تحويل الحديدة إلى قاعدة لتهديد الملاحة والأمن الإقليمي.