تطمينات أميركية لأنقرة بعد قرار واشنطن تسليح أكراد سوريا

خلال لقاء بين يلدريم وماتيس في لندن

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دورية داخل مدينة الطبقة التي سيطرت على كاملها قبل يومين (أ.ب)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دورية داخل مدينة الطبقة التي سيطرت على كاملها قبل يومين (أ.ب)
TT

تطمينات أميركية لأنقرة بعد قرار واشنطن تسليح أكراد سوريا

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دورية داخل مدينة الطبقة التي سيطرت على كاملها قبل يومين (أ.ب)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دورية داخل مدينة الطبقة التي سيطرت على كاملها قبل يومين (أ.ب)

جددت أنقرة تحذيراتها لواشنطن من أن قرارها بتسليح ميليشيا «وحدات حماية الشعب» التركية قد يخلّف نتائج سلبية على علاقات البلدين الحليفين.
وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أبلغ هذه الرسالة «بشكل واضح» إلى وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس خلال لقائهما بمقر وزارة الخارجية البريطانية في لندن، يوم أمس الخميس، على هامش «المؤتمر الدولي حول الصومال» برعاية الأمم المتحدة وبريطانيا.
وتابعت المصادر التركية أن ماتيس جدد - من جانبه - التأكيد على التزام واشنطن بأمن حدود تركيا الجنوبية مع سوريا، في محاولة لتهدئة غضب ومخاوف أنقرة من أن يؤدي تسليح واشنطن للميليشيا الكردية إلى انتقال هذه الأسلحة إلى عناصر حزب العمال الكردستاني المحظور. وللعلم، فإن لقاء يلدريم مع ماتيس هو أول لقاء مباشر بين مسؤولين أتراك وأميركيين بعد إعلان وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» مساء الثلاثاء توقيع الرئيس دونالد ترمب قرارا بتسليح ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري، بهدف تسريع عملية تحرير الرقة معقل «داعش» في سوريا.
في السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام تركية عن مسؤولين أميركيين أن واشنطن ستعزز تعاونها الاستخباراتي مع تركيا لمساعدتها في رفع كفاءة عمليات استهداف العناصر الإرهابية التي تهدد أمنها القومي، وذلك أيضا في سياق التخفيف من حدة القلق التركي بشأن تسليح الميليشيات الكردية في شمال سوريا. كذلك، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن واشنطن ستعزز قدرات «مركز دمج المعلومات الاستخباراتية» في أنقرة لمساعدة الجانب التركي في تحديد هوية وتعقب عناصر حزب العمال الكردستاني. وتجدر الإشارة إلى أن أنقرة وواشنطن تتعاونان منذ سنوات في تبادل المعلومات الاستخباراتية الفورية عن تحركات عناصر حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل بشمال العراق. غير أن أنقرة أغضبت واشنطن من خلال ضربات جوية مكثفة على مواقع العمال الكردستاني بجبل سنجار في أقصى شمال غربي العراق، ومواقع ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية في جبل كراتشوك بأقصى شمال شرقي سوريا في عملية متزامنة يوم 25 أبريل (نيسان) الماضي، وقالت واشنطن في حينه إن أنقرة لم تنسقها معها قبل بوقت كافٍ.
على صعيد آخر، ولكن في الشأن نفسه، جدد وزير الدفاع التركي فكري إيشيك انتقاداته للقرار الأميركي، مشدداً على أنه يعتبر أزمة حقيقية بحد ذاتها بين أنقرة وواشنطن، وقال في مقابلة تلفزيونية أمس إن تركيا «لن تشارك في أي عملية عسكرية ضدّ تنظيم داعش الإرهابي في حال مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وذراعه العسكري «وحدات حماية الشعب» الكردية فيها. واعتبر الوزير التركي أن قرار ترمب حول تسليح عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي «لا يؤثر فقط على تركيا والمنطقة، بل يؤثر على العالم كله، وبخاصة الولايات المتحدة لأن الأساس في محاربة الإرهاب هو التحلي بالمبادئ، وعدم التعاون مع المتورطين بالإرهاب». وجدد إيشيك دعوته للولايات المتحدة إلى الاعتماد على قوات «الجيش السوري الحر» بدلا من «وحدات حماية الشعب الكردية» في العملية المرتقبة لتحرير الرقة من يد «داعش».
وأمس أيضاً، استقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالقصر الرئاسي في أنقرة الجنرال خلوصي آكار، رئيس أركان الجيش التركي، وذلك لبحث التطورات الأخيرة في سوريا والعراق، والعمليات التي تنفذها القوات التركية في مناطق شرق وجنوب شرقي البلاد ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني. وكان آكار قد عاد من واشنطن يوم الثلاثاء حيث ترأس وفداً تركيا ضم رئيس المخابرات هاكان فيدان والمتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين للتمهيد لزيارة إردوغان لواشنطن ولقائه الرئيس الأميركي ترمب الأسبوع المقبل. وبعدها شارك في اجتماع رؤساء هيئات الأركان في حلف شمال الأطلسي (ناتو) يوم أول من أمس الأربعاء في العاصمة اليونانية أثينا. وخلال الاجتماع شدد آكار على ضرورة أن تتحرك البلدان والمنظمات الدولية بشكل مشترك لمحاربة الإرهاب، لافتا إلى أن التمييز بين التنظيمات الإرهابية خطأ كبير، وأن أوضح نموذج ملموس على ذلك ما تشهده سوريا اليوم. وقال أكار إن «التهديدات التي رصدناها بخصوص الأزمة السورية التي بدأت في مارس (آذار) 2011، وعندما تقاسمنا التدابير الواجب اتخاذها تجاهها مع نظرائنا، فإن الخطوات الضرورية لم تتخذ حينها واعتقدت بعض الدول أن الأزمة السورية ستبقى في إطارها الإقليمي ولن تؤثر عليهم ولذلك لم تتحرك، وفي النهاية وصلت الأزمة إلى أبوابهم».
وأضاف رئيس الأركان التركي أن تركيا أكثر دولة تحارب الإرهاب والإرهابيين في المنطقة وتمكنت من تحييد أكثر من ثلاثة آلاف إرهابي من «داعش»، في إطار عملية «درع الفرات» التي انتهت في مارس (آذار) الماضي، وفي بعشيقة بشمال العراق. وحث «الدول الصديقة والحليفة» لبلاده على «محاربة صحيحة وفعالة للإرهاب وعدم استخدام تنظيم إرهابي ضد تنظيم إرهابي آخر»، في إشارة إلى تسليح واشنطن «وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا والاعتماد عليها كحليف وثيق في الحرب على «داعش».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.