روسيا تشترط موافقة النظام على مراقبين أميركيين في «المناطق الهادئة»

بوغدانوف أعلن عن وساطة لحل الخلافات بين طهران وواشنطن

دي ميستورا (إلى اليسار) والمستشار الخاص يان إغلاند خلال مؤتمر صحافي في جنيف أمس (أ.ف.ب)
دي ميستورا (إلى اليسار) والمستشار الخاص يان إغلاند خلال مؤتمر صحافي في جنيف أمس (أ.ف.ب)
TT

روسيا تشترط موافقة النظام على مراقبين أميركيين في «المناطق الهادئة»

دي ميستورا (إلى اليسار) والمستشار الخاص يان إغلاند خلال مؤتمر صحافي في جنيف أمس (أ.ف.ب)
دي ميستورا (إلى اليسار) والمستشار الخاص يان إغلاند خلال مؤتمر صحافي في جنيف أمس (أ.ف.ب)

قال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إن مشاركة ممثلين عن الولايات المتحدة في مراقبة
«المناطق الهادئة» في سوريا ممكن، ولكن بعد موافقة دمشق. إذ نقلت وكالة «تاس» عن بوغدانوف قوله أمس إنه «من المبكر الحديث عن مشاركة الأميركيين، إذ يجب التوافق حول هذا كله مع الجانب السوري، لأن سوريا دولة ذات سيادة، ولديها قيادة، ولهذا لا بد بالطبع من مشاورات معهم كي تكون هناك موافقة» على المشاركة الأميركية في المراقبة» حسب تعبيره.
ومن جانب آخر، كشف بوغدانوف عن مساع روسية لتسوية الخلافات بين واشنطن وطهران، لا سيما حول الشأن السوري. وبعدما قال «إنه من المعقد جداً الجمع بين تعاطي إيران من جانب والولايات المتحدة من جانب آخر مع الأزمة السورية»، أضاف أن «الولايات المتحدة رحبت عمليا بمفاوضات آستانة، وقالوا بما معناه مؤتمر آستانة جيد وإيران أمر سيئ، وإنهم يثمنون الدورين الروسي والتركي لكنهم بالنسبة لإيران يقولون إنها تمارس سياسة غير بناءة في المنطقة، ولا يمكن مدحها بأي شكل من الأشكال».
وبعد عرضه هذا المشهد للموقف الأميركي من الدور الإيراني في شؤون المنطقة، قال بوغدانوف: «بالطبع يوجد هنا تباينات ومشاكل، وهذا يتطلب جهودا سياسية ودبلوماسية إضافية، وسنواصل العمل على هذا الاتجاه». ثم أشار إلى أن المذكرة التي وقعتها الدول الضامنة الثلاث لـ«محادثات آستانة» حول إقامة «مناطق تخفيف التصعيد» تتضمن تلك المسائل المتعلقة بحدود تلك المناطق. وأردف «إنها مسائل تتطلب حديثاً أكثر تعمقا ودقة بما في ذلك بمشاركة الدول التي تحمل صفة مراقب في عملية آستانة»، موضحاً «وأقصد الولايات المتحدة والأردن».
نائب وزير الخارجية الروسي لم يتمكن من تقديم رؤية الدول الضامنة (أي روسيا وتركيا وإيران) لطبيعة المؤسسات التي ستدير شؤون «مناطق تخفيف التصعيد»، بل قال في إجابته على سؤال بهذا الخصوص «تطفو الكثير من المسائل، كما يبدو لي، بالنسبة لإدارة شؤون تلك المناطق بعد القضاء على المجموعات الإرهابية الموجودة هناك». وأشار إلى أن «الحديث يدور حول تشكيل مجالس محلية»، إلا أنه استدرك بعد ذلك فقال إن تلك المجالس لا يجوز أن تكون بديلاً عن «السلطات الشرعية»، في إشارة منه إلى النظام السوري. ثم كرر القول إن «روسيا ترى في التصدي للإرهاب إلى جانب وقف إطلاق النار بين المعارضة وقوات النظام، مهمة رئيسية لها في سوريا».
حديث بوغدانوف حول الدور الأميركي في «مناطق تخفيف التصعيد» يأتي بعد يوم على محادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في واشنطن مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، والرئيس دونالد ترمب. وكان لافروف قد عبر عقب تلك المحادثات عن قناعته بقدرة الولايات المتحدة على المساهمة في تلك المناطق في سوريا، وقال: «أكدنا اليوم على الاهتمام بأن تلعب الولايات المتحدة دوراً نشطاً جداً في هذه المسائل. ويبدو لي أن الأميركيين مهتمون أيضاً في هذا الأمر». وأضاف: «ننطلق من أنهم (أي الأميركيين) سيلعبون دور المبادر في هذه العملية».
أيضاً أكد وزير الخارجية الروسي «ترحيب روسيا بأي دور أميركي في إقامة مناطق تخفيف التصعيد في سوريا»، موضحاً «نحن مستعدون للتعاون، واليوم ناقشنا سبلا محددة وآليات محددة، يمكننا التحكم بها وإدارتها معاً»، وأشار إلى وجود فهم مشترك مع الجانب الأميركي فيما يخص المعايير الجغرافية لمناطق تخفيف التوتر في سوريا. كما قال إن ثمة فهماً أميركياً - روسياً مشتركاً بأن مثل تلك المناطق يجب أن تشكل خطوة لوقف العنف في كل أنحاء البلاد، ومن شأنها أن تساعد في حل المسائل الإنسانية، وتخلق أسساً للتسوية السياسية.
في المقابل، لم تصدر أي توضيحات عن الجانب الأميركي بشأن التعاون مع روسيا في مسألة «مناطق تخفيف التصعيد»، غير أن مسؤولين أميركيين كانوا قد أشاروا في وقت سابق إلى أنهم يدرسون المذكرة التي وقعتها الدول الضامنة الثلاث في آستانة، وأنهم سينظرون ما إذا كانت ستؤثر على الوضع أم لا.
للعلم، ما زالت فكرة إقامة تلك المناطق تثير تساؤلات بما في ذلك لدى هيئة الأمم المتحدة. ويوم أمس قال يان إغلاند، مساعد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إن «مسؤولي روسيا وتركيا وإيران قالوا لنا إنهم سيعملون بنشاط وانفتاح مع الأمم المتحدة في مجال تنفيذ مذكرة مناطق تخفيف التصعيد»، وأضاف: «لدينا مليون سؤال، وقلق، لكن لا أظن أنه بوسعنا السماح لأنفسنا برفاهية الابتعاد عن المذكرة. نحن بحاجة لأن تحقق النجاح». وتابع إنه يجري حاليا نقاش في جنيف لتوضيح من سيدير تلك المناطق، وسيشرف على الأمن فيها، ويراقب الالتزام ويقدم الضمانات بتأمين عبور المساعدات الإنسانية إلى هناك.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.