ليبيا: ميليشيات تحاصر مقرات الحكومة في طرابلس

طالبت باستقالة وزير الخارجية بعد وصفه حفتر بـ«قائد الجيش الوطني»

عناصر من الجيش الليبي الوطني يتخذون موقعاً لهم بعد اشتباكات مع مسلحين من تنظيم {داعش} في قنفوذة (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الليبي الوطني يتخذون موقعاً لهم بعد اشتباكات مع مسلحين من تنظيم {داعش} في قنفوذة (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: ميليشيات تحاصر مقرات الحكومة في طرابلس

عناصر من الجيش الليبي الوطني يتخذون موقعاً لهم بعد اشتباكات مع مسلحين من تنظيم {داعش} في قنفوذة (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الليبي الوطني يتخذون موقعاً لهم بعد اشتباكات مع مسلحين من تنظيم {داعش} في قنفوذة (أ.ف.ب)

حاصرت ميلشيات مسلحة، أمس، مقر حكومة الوفاق الوطني في العاصمة الليبية طرابلس بشكل مفاجئ، فيما سعى رئيس الحكومة فائز السراج إلى احتواء أزمة سببتها تصريحات وزير خارجيته محمد سيالة، اعتبر فيها أن المشير خليفة حفتر هو القائد العام للجيش الوطني الليبي، قبل أن يتراجع عنها، ويطالب حفتر بالاعتراف باتفاق السلام المبرم قبل نحو عامين في منتجع الصخيرات بالمغرب، برعاية بعثة الأمم المتحدة.
وأثارت تصريحات سيالة في الجزائر توتراً في طرابلس، حيث تم نشر دبابات وعربات مدرعة، خصوصاً حول مقر الحكومة في شرق المدينة. وقالت مصادر أمنية وعسكرية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين على متن آليات عسكرية حاصروا مقر الحكومة في قاعدة بوستة البحرية، بالإضافة إلى مقر وزارة الخارجية، فيما طالبت بعض الميليشيات، التي تهيمن بقوة السلاح على العاصمة منذ نحو عامين، وزير الخارجية سيالة بالاستقالة من منصبه.
وجرت مناوشات بالأسلحة، وسمع السكان دوي أصوات متقطعة لإطلاق نار من أسلحة خفيفة، بينما ساد التوتر العاصمة بشكل لافت للانتباه، وسط مخاوف من اندلاع مواجهات مسلحة بين الميليشيات الموالية لحكومة السراج، التي يطالب بعضها باستقالة سيالة.
وهذا التوتر الجديد في طرابلس يلقي، حسب مراقبين، الضوء على الصعوبات الجمة التي تواجه السراج، رئيس الحكومة المدعومة من الغرب، في محاولة إقناعه الميليشيات المسلحة بالقبول بالمشير حفتر طرفاً رئيسياً في العملية السياسية، وذلك بعد مرور أقل من أسبوع واحد على اجتماعهما في أبوظبي، برعاية إماراتية.
وأعلنت كتيبة ثوار طرابلس، التي يقودها هيثم التاجوري، أنها قررت احتجاجاً على تصريحات وزير الخارجية المفوض تعليق العمل بديوان الوزارة حتى إشعار آخر، مما يعني أن الكتيبة قد تخلت عن دورها في تأمين مقر الوزارة بصورة رسمية، وقالت في بيان مقتضب إنه «على وزير الخارجية تقديم استقالته».
كما عبرت «ميليشيات النواصي» عن قلقها بشأن تصريحات سيالة، التي وصف فيها حفتر بالشرعي، وسماه مشيراً، رغم «عدم اعترافه بالاتفاق السياسي، ومحاولاته زعزعة أمن واستقرار طرابلس والجنوب الليبي»، واعتبرت في المقابل أن الشرعية التي يستمدها حفتر من مجلس النواب مخالفة للاتفاق السياسي، خصوصاً المادتين الثامنة والرابعة عشرة، مشيرة إلى أن الاتفاق السياسي «أسس لمعالجة الانقسامات السياسية والعسكرية لعودة الحياة الطبيعية للبلاد، وزرع الثقة بين المختلفين، وإبعاد الشخصيات الديكتاتورية والجدلية من جميع الأطراف عن المشهد السياسي والعسكري».
وخاطبت «ميليشيات النواصي» الوزير سيالة، قائلة: «أنت لست من ثوار 17 فبراير (شباط)، ونعلمك بأنك غير مرغوب فيك من قبلنا ومن الشارع الليبي لعدم حنكتك السياسية، وإبداء رأيك الشخصي بصفتك التي انبثقت من الاتفاق السياسي... فارحل بسلام».
من جانبه، وصف محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسي لجماعة الإخوان، تصريح سيالة بأنه «غاية في الغرابة»، ورأى أنه متناقض تماماً مع أبرز بنود الاتفاق، وكأنه لم يطلع عليه، ولم يواكب النقاشات العاصفة التي دارت وقتئذ، وأفضت إلى اتفاق الأطراف على بنود هذه الوثيقة.
من جانبه، أعلن المجلس الأعلى للدولة، الذي يترأسه عبد الرحمن السويحلي، رفضه القاطع لتصريحات سيالة، وقال إنها تصريحات غير مسؤولة ومخالفة للاتفاق السياسي، وطعن في وجوده بمنصب وزير خارجية حكومة السراج، مُطالبا المجلس الرئاسي للحكومة باتخاذ «إجراءات حاسمة وواضحة حيالهُ، كونه أصبح فاقداً للمصداقية التي تمكنه من الاستمرار في منصبه».
وصعد مجلس حكمان وأعيان مصراتة، الذي استنكر تصريحات سيالة، من الهجوم على حكومة السراج، ودعا إلى طردها من العاصمة طرابلس «لقطع الطريق على مشروع التمكين لقائد الانقلاب مجرم الحرب خليفة حفتر»، على حد تعبيره.
وطبقاً لما نقلته وكالة الأنباء الموالية للسلطات في شرق ليبيا، فقد احتشدت آليات تابعة لميليشيات إغنيوة الككلي، المحسوبة على ميليشيات الحرس الرئاسي التابعة لحكومة السراج، أمام مقر قاعدة بوستة البحرية في طرابلس، مشيرة إلى أن هناك استنفاراً لعدد من الميليشيات في منطقة الدريبي وطريق الشط، ومناطق متفرقة من العاصمة.
ورداً على هذه الانتقادات، قال المجلس الرئاسي لحكومة السراج إنه ليس طرفاً في الأزمة الليبية الراهنة، لافتاً النظر إلى أنه جاء نتيجة اتفاق سياسي كأحد المؤسسات التي تسعى للم الشمل وتوحيد الصف وخدمة المواطنين عبر حكومة وفاق تمهد الطريق لقيام دولة مدنية ديمقراطية.
وأضاف المجلس، في بيان له أصدره أمس، أنه نأى بنفسه عن التجاذبات والمساومات السياسية، موضحاً أن مطالبه من المؤسسات الشرعية الأخرى المنبثقة عن الاتفاق السياسي تنحصر في الالتزام بالاستحقاقات المنصوص عليها، ومن بينها وأهمها حسم تعيينات المناصب السيادية والمدنية والعسكرية العليا، التي أوضحت بنود الاتفاق آليات تحديدها.
من جانبه، حاول محمد طاهر سيالة، وزير الخارجية في حكومة السراج، التراجع عن تصريحاته إزاء المشير حفتر، وقال إنه يتعين عليه القبول بالسلطة المدنية لكي يتمكن من لعب دور في ليبيا، وأن «يقبل العمل تحت سلطة مدنية، وأن يعلن رسمياً قبوله بالاتفاق السياسي» الموقع أواخر عام 2015، الذي انبثقت عنه حكومة الوفاق الوطني، مشدداً على أن السيد حفتر لا يعترف بهذا الاتفاق إلى حد الساعة.
وشدد سيالة على أن موقفه من حفتر والقيادة العامة للجيش واضح بشأن وجوب الاعتراف بالمجلس الرئاسي، وخضوع السلطة العسكرية للسلطة المدنية، موضحاً أن مجلس النواب كان قد جمد المادة الثامنة من الاتفاق السياسي المتعلقة بالمناصب السيادية، وهى من صلاحياته.
وقال سيالة في هذا السياق: «يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار السياق الذي جاء فيه التصريح (...) أنا أجبت عن سؤال طرح عليّ: هل حفتر هو القائد العام للجيش؟»، وأضاف موضحاً: «لا أفهم هذا الجدل»، كونه كان قد أدلى بالتصريحات ذاتها في الماضي. وكان سيالة قد سئل خلال مؤتمر صحافي عقده مساء الاثنين الماضي، بحضور وزير الدولة الجزائري عبد القادر مساهل، ورئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا مارتن كوبلر، في ختام اجتماع دول جوار ليبيا، إن كان المشير خليفة حفتر هو قائد عام الجيش الليبي، فأجاب بنعم، مشيراً إلى أن قرار تعيين حفتر «صدر من مجلس النواب، وهو مجلس منتخب من قبل فئات الشعب المختلفة، ولا يوجد غبار على هذا».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.