لبنان: تفاعل أزمة قانون الانتخاب يفجر سجالاً بين عون وبري

لا توافق على المشاريع المطروحة ورفض متبادل لصيغتي «التأهيلي» و«النسبية»

لبنان: تفاعل أزمة قانون الانتخاب يفجر سجالاً بين عون وبري
TT

لبنان: تفاعل أزمة قانون الانتخاب يفجر سجالاً بين عون وبري

لبنان: تفاعل أزمة قانون الانتخاب يفجر سجالاً بين عون وبري

دخلت أزمة قانون الانتخابات في لبنان مرحلة «عضّ الأصابع» بين القوى السياسية الكبرى، التي تقلّص لديها هامش المناورة، خصوصاً مع اقتراب انتهاء ولاية المجلس النيابي في 20 يونيو (حزيران) المقبل، والخوف من الوصول إلى فراغ نيابي لم يشهده لبنان من قبل. وتجلّى عمق الأزمة في السجال المباشر وغير المسبوق بين رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي اتهم أطرافاً بـ«الهيمنة على طوائفها وعدم تمثيل الأقليات فيها، و(تناتش) حقوق المسيحيين»، وبين رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي ردّ بالقول: «ليس المطلوب الانتقال من سجنٍ سيئ إلى سجن أسوأ، ومن قانون الستين إلى قانون طائفي».
ومع تفاعل هذه الأزمة على مستوى الرئاسة الأولى والثانية، حاذرت الحكومة في جلسة عقدتها، أمس، برئاسة الرئيس سعد الحريري في السراي الحكومي، الدخول في نقاش جدّي حول قانون الانتخاب، كي لا يتسبب هذا القانون بأزمة قد تفجّر الحكومة من الداخل. واكتفى الحريري في مستهلّ الجلسة، بالتشديد على «أهمية التضامن الوزاري، ومتابعة ملف قانون الانتخابات حتى يصل إلى نهاياته السعيدة».
غير أن كلام عون على برّي لم يمر مرور الكرام، إذ دعا الأخير خلال لقاء الأربعاء النيابي إلى «التمسك بالثوابت الوطنية والمقاربة الوطنية في التعاطي مع قانون الانتخاب». وأكد أنه لن يكون أبداً مع أي مقاربة طائفية للقانون الجديد. وقال: «أحذّر مما يدور حولنا من مخاطر، وأدعو إلى الابتعاد عن بث الروح الطائفية وللتمسك بالمبادئ الوطنية»، مشيراً إلى أنه سيؤجل الجلسة التشريعية المقررة يوم الاثنين المقبل «إذا لم يكن هناك اتفاق على اقتراح قانون انتخاب للتصويت عليه في مجلس النواب».
وسبق هذا التصريح تغريدة لبري رد فيها على عون، وقال: «ليس المطلوب الانتقال من سجنٍ سيئٍ إلى سجنٍ أسوأ، ومن قانون الستين إلى قانون طائفي». ولفت إلى أن «اللعب بالطائفية لا يعني أن الطوائف لعبة والوطن ملعب». وكان عون، شدد في تصريح له على أن «قانون الانتخاب المزمع التوافق حوله، هدفه أن يصل الجميع إلى حقوقهم، لا الكسب على حساب الآخر». ورأى أن «هناك ثلاثة أسباب حالت دون اعتماد أحد المشاريع الانتخابية المطروحة، وهي أن كلّ من يهيمن على طائفته لا يريد للأقلية فيها أن تتمثل، ولا أن تكون هناك كتلة معارضة شعبية مكشوفة، وأن البعض يخاف تغيير موازين القوى، وكل طرف يريد (تناتش) بضعة نواب من عند جاره». وأضاف عون: «لأن المسيحي هو جار الكل، وقعت المشكلة، ونحن نحاول رد الحقوق إلى أصحابها».
ورغم إشاعة بعض الأجواء التفاؤلية، فإن الواقع ينبئ بأن الهوة آخذة بالاتساع بين الأطراف، إذ اعتبر عضو تكتل «التغيير والإصلاح» (تيار عون) النائب الدكتور وليد خوري، أن «ما يجري في قانون الانتخابات، أقرب إلى التنجيم والضرب بالرمل، لأن المفاوضات التي تدور في اجتماعات ثنائية وثلاثية ورباعية لم تصل إلى نتيجة». وأكد خوري لـ«الشرق الأوسط»، أن التكتل «لا يزال متمسكاً بمشروع القانون الذي قدمه الوزير جبران باسيل، القائم على التأهيل على أساس الطائفة في دورة أولى، ثم النسبية في الدورة الثانية، لأن المشكلة متوقفة على عدالة التمثيل، وعلى هذا الأساس يجب أن يعكس القانون التعددية». وأردف: «المشكلة أن هناك زعامات لا تقبل التغيير المفروض أن يحصل في لبنان، لتتمثل كل المكونات»، مشيراً إلى أنه «إذا توفرت العدالة بأي قانون نحن مستعدون للسير به، وحتى مع النسبية شرط ألا نعود إلى سياسة المحادل التي تأتي بنواب لا يمثلون قاعدتهم الشعبية».
أما عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق الدكتور مصطفى علوش، فأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأولوية عند الرئيس سعد الحريري هي الذهاب إلى الانتخابات وفق قانون يتفق عليه الجميع، ولا يهمّش أي طائفة أو مكون سياسي». وأوضح أن الحريري «يسعى إلى تسهيل عجلة الحكم والمؤسسات في لبنان، من خلال عدم المواجهة مع أحد، ولذلك ليست لديه مشكلة في معظم القوانين الانتخابية المطروحة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».