وزير الداخلية المغربي يعلن عن إجراءات صارمة للحد من العنف في الجامعات

حصاد: مقتل طالب جامعة فاس جرى عن سبق إصرار من قبل فصيل يساري

محمد حصاد وزير الداخلية المغربي يتحدث مساء أول من أمس في مجلس المستشارين حول العنف في الجامعات (تصوير: مصطفى حبيس)
محمد حصاد وزير الداخلية المغربي يتحدث مساء أول من أمس في مجلس المستشارين حول العنف في الجامعات (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

وزير الداخلية المغربي يعلن عن إجراءات صارمة للحد من العنف في الجامعات

محمد حصاد وزير الداخلية المغربي يتحدث مساء أول من أمس في مجلس المستشارين حول العنف في الجامعات (تصوير: مصطفى حبيس)
محمد حصاد وزير الداخلية المغربي يتحدث مساء أول من أمس في مجلس المستشارين حول العنف في الجامعات (تصوير: مصطفى حبيس)

كشف محمد حصاد، وزير الداخلية المغربي، عن اتخاذ إجراءات صارمة للحد من العنف داخل الجامعات يسمح بموجبها للسلطات الأمنية بالدخول إليها بمبادرة منها، ومن دون انتظار الحصول على إذن، إذا ما ثبت لديها أن هناك تهديدا للأمن العام داخلها. وتعهد حصاد بعدم التسامح مع الفصائل الطلابية التي تتبنى العنف.
وتأتي هذه الإجراءات المتشددة على خلفية مقتل الطالب عبد الرحيم الحسناوي المنتمي لفصيل «التجديد الطلابي» الإسلامي بجامعة فاس في 25 أبريل (نيسان) الماضي على أيدي طلبة ينتمون إلى فصيل «النهج القاعدي» اليساري الراديكالي.
وكان الحادث قد خلف ردود فعل واسعة وأخذ بعدا سياسيا، لا سيما وأن فصيل التجديد الطلابي مقرب من حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي.
وفي هذا السياق، قدم وزير الداخلية معطيات حول الحادث، وأكد أن فصيل «النهج القاعدي» تجند لمهاجمة مظاهرة كان يرتقب تنظيمها في الجامعة عن سبق إصرار وليس بشكل عفوي، وهو ما سيدين أكثر المتورطين في مقتل الطالب الحسناوي، وذلك في إشارة إلى ندوة «الإسلاميون.. اليسار والديمقراطية التي كان يعتزم فصيل التجديد الطلابي تنظيمها ودعي لها عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية».
وأشار حصاد الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، إلى أنه مباشرة بعد الحادث أمر الملك محمد السادس باتخاذ الإجراءات اللازمة حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث، فعقدت اجتماعات بينه (حصاد) وبين لحسن الداودي، وزير التعليم العالي، خلصت إلى أنه يتعين على المسؤولين بالجامعات والسلطات المحلية والأمنية التدخل في الوقت المناسب، لأن ما كان يحدث من قبل، يضيف الوزير، هو أننا نعد الجامعة حرما ونطلب من السلطات الأمنية تجنب التدخل إلى حين التوصل بإذن الحرم الجامعي، أي إلى أن تقع الكارثة.
وأضاف حصاد أن بعض الطلبة أصبحوا يعدون من دخل الحرم الجامعي لن يحدث له أي شيء، وكشف في هذا الصدد أن شخصا كان مبحوثا عنه في فاس بسبب اعتدائه على شرطي، قبض عليه في مدينة تازة، فتبين أنه كان مختبئا في الحي الجامعي، الذي بدلا من أن يظل مكانا للتعليم والتحصيل الدراسي تحول إلى مأوى للمجرمين.
وكشف حصاد عن إصدار قرار مشترك بين وزارتي الداخلية ووزارة التعليم العالي، يسمح بموجبه للسلطات الأمنية، وبمبادرة منها بدخول الجامعات دون انتظار إذن، إذا ثبت أن هناك تهديدا للأمن العام داخل الجامعة أو الحي الجامعي، وذلك من أجل حماية الأرواح والأشخاص والممتلكات، ووفقا لهذا القرار أيضا، طلب من رؤساء الجامعات ومديري الأحياء الجامعية، التطبيق الصارم للأنظمة الداخلية بعد أن لوحظ عدم الالتزام بتطبيق شروط دخول الجامعة والأحياء الجامعية، كما وضعت شروطا تتعلق بتنظيم الأنشطة الموازية التي يتعين أن تحترم الآخرين وفضاء الجامعة.
وأوضح الوزير المغربي، أن القرار لا يعني إعطاء ضوء أخضر لجميع السلطات للتدخل في الجامعات، بل سيجري ذلك بتنسيق مع المسؤولين المحليين والمسؤولين بالجامعات، مشيرا إلى أن الهدف ليس اعتقال الطلبة، بل الوصول إلى فضاء جامعي يسوده التسامح والبحث عن المعرفة بعيدا عن المظاهر المسيئة للسير العادي للمؤسسات.
وأضاف حصاد بشكل حازم أنه لن يكون هناك أي تساهل مع الفصائل المثيرة للشغب وسيجري اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة.
وقال حصاد إنه كانت هناك خشية من إظهار تحفظ بشأن منح السلطات حق التدخل في الجامعات، من لدن الأساتذة وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات، بيد أن الجميع نوه بالمبادرة وعبروا عن ارتياحهم لهذا الإجراء.
وقدم حصاد إحصائيات بشأن عدد حالات العنف داخل الجامعات والمدن التي توجد بها، وقال إنه من أصل أكثر من 30 جامعة ومركزا للتكوين العالي، فإن المشكلات الأمنية توجد في خمس مدن لا أكثر، هي أغادير ومراكش وفاس والقنيطرة ومارتيل، ثم بدرجة أقل في مدينتي سطات وتازة. أما الجامعات التي لا تعرف مظاهر العنف فهي التي توجد في مدن الدار البيضاء والرباط وبني ملال وأسفي. وأوضح أن العنف ليس مصدره جميع الطلبة، بل «جماعات وفصائل جد متطرفة تتبنى فكرا آيديولوجيا معينا». وأقر بأنه رغم الإجراءات المتخذة في السابق، فإن هذه الفصائل ما زالت تمارس العنف. كما أن الاعتقالات التي تحدث في صفوف الطلبة، لم تحد بدورها من التطرف «لأن أصحابها لديهم أفكار خاصة جدا».
وقال حصاد إنه منذ مطلع العام الدراسي الحالي، قال حصاد إن جامعة أغادير وحدها شهدت أكثر من 20 حادث عنف أسفرت عن إصابة عشرة أفراد من قوات الأمن، واعتقال 57 طالبا ما زال 11 طالبا منهم رهن الاعتقال في انتظار المحاكمة.
وفي مراكش كانت هناك خمس حوادث عنف أسفرت عن إصابة ثلاثة من عناصر الأمن، واعتقال ثمانية طلاب، أما آخر الحالات فهي التي وقعت يوم 25 أبريل الماضي، وأسفرت عن مقتل الطالب الحسناوي، مشيرا إلى أنه جرى اعتقال 50 طالبا في فاس ما زال 20 منهم رهن الاعتقال، ثمانية منهم مرتبطون بقضية مقتل الطالب الحسناوي.
أما في مارتيل فوقعت حادثة عنف واحدة جرى خلالها قطع الطريق الرئيس، ورمي قوات الأمن بالحجارة، قدم على أثرها تسعة طلاب للعدالة وحوكموا جميعا. وفي تازة، قال حصاد إن هناك فصيلا طلابيا صغيرا مكونا من 50 أو 60 طالبا ما زال يمنع الطلبة من متابعة دراستهم بشكل طبيعي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.