الصين تصلح «كبوة أميركا» في مسار نمو الاقتصاد العالمي

الثبات الأوروبي يضمن الاستقرار... ومخاوف من آثار الحمائية

الصين تصلح «كبوة أميركا» في مسار نمو الاقتصاد العالمي
TT

الصين تصلح «كبوة أميركا» في مسار نمو الاقتصاد العالمي

الصين تصلح «كبوة أميركا» في مسار نمو الاقتصاد العالمي

«النمو العالمي في المسار الصحيح»، هكذا لخصت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تقريرها عن التطورات الاقتصادية العالمية، برغم بيانات مخيبة للآمال في الربع الأول عن الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، يقابلها نتائج أفضل مما كان متوقعا في الصين، مع نمو مستدام في منطقة اليورو واليابان.
ووفقا لفيتش، فإن انخفاض معدل الاستهلاك آثر سلبا على النمو في الربع الأول بالولايات المتحدة، وأكدت الوكالة أن الانخفاض «مؤقت» و«حدث متأثرا بعوامل مؤقتة»، كما أن انخفاض معدلات البطالة ومكاسب الثروة وتحسين ثقة المستهلك واحتمال خفض ضريبة الدخل يجب أن ينعش الاستهلاك في الربع الثاني من العام القادم.
أما الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر اقتصاد في آسيا، فقالت عنها فيتش، إن التحفيز المبكر للسياسة المالية والنقدية أثبتت نجاحا أكثر مما كان متوقعا، «فمن المتوقع أن تحفز السياسات الدعم على الطلب على الرغم من أنه لا يزال قويا مع نمو الربع الأول من العام الجاري»، وقال بريان مولتون كبير الاقتصاديين في فيتش، إن تأثير التحفيز السابق للسياسة على النشاط أثبت أنه أقوى مما كان متوقعا، غير أن التباطؤ في سوق الإسكان قد يستغرق وقتا أطول مما كان متوقعا.
وجاءت توقعات فيتش متزامنة مع صدور تقرير صندوق النقد الدولي أمس حول منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتوقع الصندوق أن يتباطأ النمو في الصين إلى 6.6 في المائة في العام الجاري، و6.2 في عام 2018، ويعتمد هذا التباطؤ على سوق الإسكان «المتراجع» مما يعكس جزئيا تدابير التشديد الأخيرة، وضعف الأجور ونمو الاستهلاك وعجز مالي مستقر. بينما رفع صندوق النقد التوقعات في اليابان لعام 2017 إلى 1.2 في المائة بدعم من السياسة التوسعية وتأجيل رفع ضريبة الاستهلاك من أبريل (نيسان) الماضي إلى أكتوبر (تشرين الأول) 2019. ومن المتوقع أن يتباطأ هذا التراجع ليصل إلى 0.6 في المائة في عام 2018، مع تراجع الدعم من التحفيز المالي. ومع هذه التوقعات في آسيا، تستمر مرونة وانتعاش اقتصاد اليورو، حيث سجلت المنطقة نموا ثابتا للربع الثامن على التوالي بمعدل قدره 1.5 إلى 2 في المائة على أساس سنوي، وأشار مولتون إلى أن ارتفاع الائتمان المصرفي للقطاع الخاص وتعزيز أسواق الإسكان يشير إلى أن السياسات النقدية التكميلية تكتسب قوة في منطقة العملة الموحدة، في حين ساعد تخفيف السياسة المالية بشكل طفيف منذ عام 2015 النمو القوي في الوظائف، وتتوقع فيتش أن يرتفع النمو العالمي إلى 2.9 في عام 2017. من 2.5 في المائة في 2016 وعدلت فيتش توقعاتها قليلا لعام 2018 إلى 3.1 في المائة من 3.0 في المائة في مارس (آذار) الماضي.
على صعيد آخر، قال صندوق النقد إن النظرة المستقبلية لاقتصاد آسيا تواجه ضبابية «كبيرة» ومخاطر تراجع النمو، نتيجة لأي اضطراب مفاجئ للأوضاع المالية العالمية أو تنامي سياسات الحمائية التجارية.
وقال الصندوق في تقرير النظرة المستقبلية الاقتصادية لآسيا والمحيط الهادئ الصادر أمس، إن السياسات النقدية والمالية الميسرة في معظم المنطقة ستعزز الطلب المحلي.
وكان الصندوق رفع في أبريل الماضي توقعات النمو لآسيا والمحيط الهادئ إلى 5.5 في المائة من التوقعات السابقة في أكتوبر (تشرين الأول) البالغة 5.4 في المائة في حين أبقى على توقعات النمو لعام 2018 دون تغيير عند 5.4 في المائة، وبلغ معدل لنمو في المنطقة 5.3 في المائة في 2016.
ويأتي التقرير في حين يكافح صناع السياسات تحدي كيفية تجاوز مخاطر الحمائية التجارية في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، واحتمال زيادة تكلفة التمويل مع تسريع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) وتيرة رفع أسعار الفائدة.
وقال الصندوق إن «التحول المحتمل تجاه الحمائية التجارية من جانب شركاء تجاريين رئيسيين ينطوي أيضا على خطر شديد للمنطقة، ويهدد تراجع العالمية في آسيا على نحو خاص نظرا لنسبة الانفتاح الكبيرة على التجارة ومشاركتها الكبيرة في سلاسل الإمدادات العالمية».
وأكد أن آفاق الاقتصادات الآسيوية بخلاف الصين واليابان إيجابية... لكن مع بعض الاستثناءات، ومن المتوقع أن ينمو النمو في الهند إلى 7.2 في المائة في السنة المالية (تبدأ في 1 أبريل وتنتهي 31 مارس) 2017-2018، مع النقص في النقد المصاحب لمبادرة صرف العملات.
وتوقع صندوق النقد أن يتسارع النمو إلى حد ما في معظم اقتصادات جنوب شرقي آسيا، مدعوما بالطلب المحلي القوي الذي يعد محركا للنمو في هذه البلدان، وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يظل النمو في كوريا منخفضا بنسبة 2.7 في المائة هذا العام على الرغم من الارتفاع الأخير في الصادرات ويرجع ذلك أساسا إلى ضعف الاستهلاك.
كما قال الصندوق أمس إن النمو الاقتصادي في أفريقيا جنوبي الصحراء سيتعافى قليلا إلى 2.6 في المائة هذا العام من أقل مستوى، فيما يزيد على 20 عاما في 2016 فيما تعاني الدول المصدرة للسع الأولية من انخفاض الأسعار.
وذكر الصندوق في تقرير النظرة المستقبلية الاقتصادية للمنطقة أن التعافي الطفيف ستقوده زيادة في إنتاج النفط في نيجيريا وتعزيز الإنفاق العام قبل الانتخابات في أنغولا وتلاشى آثر الجفاف في جنوب أفريقيا. وأضاف الصندوق أن نيجيريا الغنية بالموارد وأنجولا والدول الست في المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا تواجه صعوبات في التعامل مع الخسائر الناجمة عن أسعار النفط المنخفضة. وقال أبيبي سيلاسي مدير إدارة أفريقيا بصندوق النقد الدولي: «النظرة المستقبلية الكلية الضعيفة تعكس جزئيا عدم كفاية تعديل السياسات»، مضيفا أن ذلك يحول دون الاستثمار.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».