السودان وتركيا يستهدفان كسر حاجز المليار دولار تجارياً

اتفاقية شراكة تدخل حيز التنفيذ مع زيارة إردوغان للخرطوم

السودان وتركيا يستهدفان  كسر حاجز المليار دولار تجارياً
TT

السودان وتركيا يستهدفان كسر حاجز المليار دولار تجارياً

السودان وتركيا يستهدفان  كسر حاجز المليار دولار تجارياً

توجت أمس بالخرطوم، المباحثات التجارية بين السودان وتركيا المستمرة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وذلك بالتوقيع على اتفاقية شراكة بين البلدين من شأنها رفع التبادل التجاري من مستوى 400 مليون حاليا إلى مليار دولار سنويا، وفتح الباب أمام الاستثمارات التركية في السودان.
وتنص الاتفاقية، التي ستدخل حيز التنفيذ مع زيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى الخرطوم في يوليو (تموز) المقبل، على أن يصبح السودان مركزا رئيسيا للصناعات التركية الصغيرة للتصدير لدول أفريقيا، وموردا للحوم بوصفه بديلا لاستيراد لحوم من الدول الأوروبية، وتنفيذ مشروع زراعي استثماري نموذجي بين البلدين. كما تدعم أيضا مشروعات في العقارات والصناعة والتعدين وغيرها من الفرص الاستثمارية التي عرضت على الأتراك، بجانب التعامل الجمركي والتحويلات المالية بين البلدين.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الاتفاقية ستعرض على مجلس الوزراء السوداني تمهيدا لإصدار قانون من البرلمان، يكون ملزما بتنفيذ بنود الاتفاقية كاملة.
كما جرى التوقيع في وقت متأخر أول من أمس على الاتفاقية التجارية بين السودان وتركيا، حيث أجازت اللجنة الفنية المشتركة 26 بندا ومادة، حول مستقبل الشراكة الاقتصادية بين البلدين. وطلبت اللجنة من كل دولة مد الدولة الأخرى بالسلع التي يمكن التعاون والاستثمار بها، وذلك لمراجعتها قبل حلول يوليو المقبل.
وشهدت الخرطوم أمس وأول من أمس حركة مكثفة لنائب وزير التجارة التركي فاتح متين الذي يرأس وفدا من المسؤولين ورجال الأعمال الأتراك، حيث التقى الفريق ركن بكري حسن صالح النائب الأول للرئيس السوداني رئيس الوزراء القومي. كما التقى متين، وزيري الصناعة والاستثمار السودانيين، وأكد لهما دعم الحكومة التركية لجهود السودان في الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، والعمل على توفير فرص مناسبة للتدريب وتقديم الدعم الفني في المجالين الصناعي والزراعي.
في حين أكد وزير الاستثمار الدكتور مدثر عبد الغنى عبد الرحمن، خلال لقائه وفد رجال الأعمال الأتراك تطور علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين، معربا عن أمله في المزيد من التدفقات الاستثمارية التركية للبلاد في ظل الانفتاح الاقتصادي والسياسي. كما استعرض للوفد فرص ومناخ الاستثمار في السودان والقوانين والإعفاءات والضمانات التي تقدمها الدولة لجذب الاستثمار، إلى جانب موقع السودان الاستراتيجي بوصفه منفذا بحريا مهما لدول الجوار، مشيرا إلى إمكانات السودان الزراعية والمعدنية والصناعية، وتركيز الدولة على تطوير البنى التحتية للاستثمار.
وأشار متين إلى التزام الحكومة التركية بدخول المستثمرين الأتراك للسودان للاستفادة من إمكانياته المتعددة والعمل على تطوير الإنتاج الزراعي بتقنيات تركية، مشيراً إلى أن تعاون الحكومتين التركية والسودانية يتمثل في تحسين البنيات التحتية بالسودان، وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، كاشفا عن جهود تركية لتطوير القطاع الخاص السوداني وتوقيع اتفاقيات معه.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.