القوات العراقية تضيق الخناق على «داعش» غرب الموصل

الهجمات الانتحارية سلاح التنظيم الأخير... وجثث مسلحيه في الشوارع

جندي عراقي خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في حي الهرمات شمال غربي الموصل أمس (أ.ف.ب)
جندي عراقي خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في حي الهرمات شمال غربي الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تضيق الخناق على «داعش» غرب الموصل

جندي عراقي خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في حي الهرمات شمال غربي الموصل أمس (أ.ف.ب)
جندي عراقي خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في حي الهرمات شمال غربي الموصل أمس (أ.ف.ب)

تمخضت الجبهة الجديدة التي فتحتها القوات العراقية ضد تنظيم داعش من المحور الشمالي الغربي للجانب الغربي من الموصل عن تضييق الخناق على مسلحي التنظيم الذين تنحسر يوميا المساحة الخاضعة لسيطرتهم في المدينة، بينما بات سلاحهم الوحيد الهجمات الانتحارية والعجلات المفخخة لإعاقة تقدم القوات الأمنية المسنودة من طيران التحالف الدولي والقوات الجوية العراقية.
وواصلت قطعات الشرطة الاتحادية والرد السريع والفرقة المدرعة التاسعة من الجيش العراقي أمس تقدمها على اتجاهات متعددة من الجانب الشمالي الغربي من المدينة التي شهدت أزقتها قتالا شرسا بين هذه القوات ومسلحي التنظيم.
وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، الذي يشرف ميدانيا على قيادة المعركة في هذا المحور من الموصل، لـ«الشرق الأوسط»: «فرضت قواتنا أمس سيطرتها الكاملة على شقق منطقة الهرمات، فيما اقتحمت قطعات من الرد السريع والفرقة الآلية منطقة الهرمات الثانية»، مشيرا إلى أن عملية الاقتحام أسفرت عن مقتل 15 مسلحا من «داعش» وتدمير خمس آليات مفخخة مضيفا: «انهارت دفاعات الإرهابيين وبدأوا بالهرب باتجاه حي الاقتصاديين، مدفعيتنا وبإسناد الطائرات المسيرة (الدرون) تلاحق الفارين وتستهدف عجلاتهم».
وتزامنا مع الضربات التي وجهتها القوات الأمنية برا لمسلحي التنظيم، أغارت طائرات التحالف الدولي والطائرات العراقية على مواقعه وتجمعاته ودمرت عجلاته المفخخة وقتلت العشرات منه.
من جهته، قال مسؤول إعلام قوات الشرطة الاتحادية العقيد عبد الرحمن الخزعلي، لـ«الشرق الأوسط»: «قطعات الشرطة الاتحادية المؤلفة من الرد السريع والفرقة الآلية المدرعة المتقدمة من المحور الشمالي الغربي تحاصر منطقة الهرمات الثانية وتبعد مسافة 700 متر من حي الاقتصاديين شمال الموصل القديمة»، لافتا إلى أن قواته حررت 7 كيلومترات مربعة من أراضي المحور الشمالي الغربي منذ انطلاقة العمليات العسكرية فيها نهاية الأسبوع الماضي ولغاية الآن، كاشفا أن العشرات من مسلحي التنظيم قتلوا خلال المعارك وما زالت جثثهم منتشرة في الشوارع وداخل الأزقة.
وأردف الخزعلي: «أما في المدينة القديمة فما تزال قطعاتنا تحاصر جامع النوري من جهة باب الطوب المحاذية لنهر دجلة وجهة باب جديد ومنطقة الفاروق، وهي تبعد مسافة 400 متر من الجامع». وتمكنت قوات الشرطة الاتحادية من تحرير 280 كيلومترا مربعا من أراضي المحور الجنوبي من الجانب الأيمن لمدينة الموصل منذ انطلاقة معركة تحرير هذا الجانب في 19 فبراير (شباط) الماضي.
ويعتمد تنظيم داعش على الانتحاريين والعبوات الناسفة والعجلات المفخخة كسلاح وحيد لإعاقة تقدم القوات الأمنية العراقية، بينما يحاول يوميا كثير من مسلحيه الهروب متخفين بين النازحين، وكشف الخزعلي: أنه «خلال تقدم قواتنا في منطقة الهرمات باتجاه حي الاقتصاديين هرب العشرات من مسلحي (داعش) إلى داخل حي الاقتصاديين، فيما حاول آخرون منهم التخفي بين النازحين لكن قواتنا كانت لهم بالمرصاد».
في غضون ذلك أعلن قائد عمليات «قادمون يا نينوى»، الفريق الركن قوات خاصة عبد الأمير رشيد يار الله، أمس في بيان له أن الفرقة المدرعة التاسعة من الجيش، تمكنت من تحرير حي «30 تموز» مُديمة التماس مع حي «17 تموز» ومنطقة الهرمات الثالثة في الساحل الأيمن من مدينة الموصل.
من جانبه، قال ضابط برتبة نقيب في قوات جهاز مكافحة الإرهاب، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، إن قوات الجهاز «حررت بعد معارك استمرت لساعات منطقة الصناعة الشمالية في الجانب الأيمن من الموصل، وتمكنا خلال هذه المعركة من القضاء على مسلحي التنظيم الموجودين في هذه المنطقة حيث كان غالبيتهم من الانتحاريين والقناصة، ودمرنا عددا من العجلات المفخخة التي أعدوها للهجوم على القوات الأمنية».



​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.