قصف لليوم الرابع على «مناطق تخفيف التصعيد»

موسكو تسجل 12 انتهاكاً لوقف النار خلال 24 ساعة

شابان يمتطتيان دراجتهما النارية أمام مبنى مهدم في مدينة درعا أمس (أ.ف.ب)
شابان يمتطتيان دراجتهما النارية أمام مبنى مهدم في مدينة درعا أمس (أ.ف.ب)
TT

قصف لليوم الرابع على «مناطق تخفيف التصعيد»

شابان يمتطتيان دراجتهما النارية أمام مبنى مهدم في مدينة درعا أمس (أ.ف.ب)
شابان يمتطتيان دراجتهما النارية أمام مبنى مهدم في مدينة درعا أمس (أ.ف.ب)

أعلنت موسكو أمس أنها وثقت عبر «مركز حميميم للمصالحة» بين الأطراف المتنازعة في سوريا، 12 انتهاكا لنظام وقف إطلاق النار خلال 24 ساعة، في حين أكّد ناشطون أن النظام السوري واصل قصف {مناطق تخفيف التصعيد» التي فرضها «اتفاق آستانة»، وبالتحديد مناطق ريف محافظة حماة والغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق وريف محافظة حمص.
«مركز حميميم» أعلن في بيان أن محافظة ريف دمشق شهدت 3 انتهاكات لنظام وقف إطلاق نار، كما شهدت محافظات اللاذقية 4، وحماة 3، ودرعا اثنين. وأشار إلى أن الجانب التركي رصد انتهاكين اثنين في ريف دمشق وريف محافظة حماة. وادعى البيان أن غالبية حالات إطلاق النار العشوائي رصدت في مناطق تخضع لسيطرة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة».
يذكر أن روسيا وإيران الداعمتين لدمشق، وتركيا حليفة الفصائل المعارضة، وقعت مذكرة في آستانة الخميس الماضي تقضي بإنشاء «مناطق تخفيف التصعيد» في 8 محافظات سورية توجد فيها فصائل معارضة من أصل 14. وبحسب المذكرة، سيُعمَل في «مناطق تخفيف التصعيد» على «وقف أعمال العنف بين الأطراف المتنازعة بما في ذلك استخدام أي نوع من السلاح ويتضمن ذلك الدعم الجوي».
إلا أن النظام السوري لم يستجب تماماً، ومنذ اليوم الأول، لسريان الاتفاق لمضمونه. وعلى الرغم من تراجع حدة العمليات العسكرية، فإنّه واصل قصف ريف حماة والغوطة الشرقية ومناطق في ريف حمص مشمولة بالاتفاق.
وأفاد ناشطون أمس بتعرّض الغوطة الشرقية في خرق لاتفاق التهدئة، لقصف مدفعي عنيف على كل من مدن دوما وعربين وزملكا أدى لسقوط جرحى في صفوف المدنيين. وترافق القصف مع معارك عنيفة دارت بين قوات النظام وفصائل المعارضة في بلدة بيت نايم في محاولة من المعارضة لاستعادة البلدة. وتحاول قوات النظام إحكام سيطرتها على بيت نايم للتقدم باتجاه منطقة تل فرزات الاستراتيجية التي تتيح لها الإشراف على مساحات واسعة من منطقة المرج، وهو ما قد يؤدي إلى شطر الغوطة الشرقية إلى جزأين.
وبالتزامن، تجددت الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، و«فيلق الرحمن» و«حركة أحرار الشام» و«جيش الإسلام» من جهة أخرى، على محاور في حي القابون بالأطراف الشرقية للعاصمة، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي أفاد بتعرض مناطق في الحي لقصف من قوات النظام بخمس قذائف مدفعية. كذلك طالت الخروق ريف محافظة حماة، وقال الناشطون إن قصفا مدفعيا وصاروخيا للنظام السوري استهدف بلدتي كفرزيتا واللطامنة. وفي محافظة حمص، أفيد عن إصابة عدد بجروح جراء غارات شنتها طائرات النظام على منطقتي تلدو والحولة. وفي ريف حمص الشرقي، أفيد باشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى في محور جبال الشومرية ومنطقة الصوامع.
وعن شرق البلاد، قال «مكتب أخبار سوريا» إن 5 مدنيين قتلوا بينهم 4 أطفال وأصيب 14 آخرون، جميعهم من عائلة واحدة، ليل الاثنين، جراء استهداف «داعش» بقذائف الهاون ومدافع محلية الصنع حي الجورة الخاضع لسيطرة قوات النظام وسط مدينة دير الزور. وأوضح أبو أحمد الديري عضو شبكة «فرات بوست» الإعلامية المعارضة في دير الزور أن «داعش» قصف بأكثر من 20 قذيفة هاون ومدافع محلية الصنع مواقع سكنية بشارعي الوادي ومديرية الصحة بحي الجورة. وأضاف الديري أن 3 من بين الجرحى الذين نقلوا إلى مشفى السلام داخل الحي، ما زالوا بحالة حرجة، مبينا أن القصف تسبب أيضا بدمار كبير بثلاث أبنية سكنية، واحتراق منزل بشكل كامل.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.