«داعش» يواجه القوات العراقية في شمال غربي الموصل بالانتحاريين والحرائق

ينفذ يومياً 5 أو 6 هجمات بسيارات مفخخة

جنود عراقيون يحتمون من انفجار سيارة مفخخة لـ«داعش» في منطقة الهرمات شمال غربي الموصل أمس (أ.ف.ب)
جنود عراقيون يحتمون من انفجار سيارة مفخخة لـ«داعش» في منطقة الهرمات شمال غربي الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يواجه القوات العراقية في شمال غربي الموصل بالانتحاريين والحرائق

جنود عراقيون يحتمون من انفجار سيارة مفخخة لـ«داعش» في منطقة الهرمات شمال غربي الموصل أمس (أ.ف.ب)
جنود عراقيون يحتمون من انفجار سيارة مفخخة لـ«داعش» في منطقة الهرمات شمال غربي الموصل أمس (أ.ف.ب)

واصلت القوات العراقية أمس توغلها في الجانب الغربي لمدينة الموصل من المحور الشمالي، واستعادت منذ الهجوم الجديد عدة أحياء من سيطرة تنظيم داعش.
وقال الفريق الركن عبد الأمير يار الله، قائد عمليات «قادمون يا نينوى» في بيان إن «قطعات الشرطة الاتحادية (...) و(اللواء المدرع 34) والفرقة المدرعة التاسعة، حررت حي الهرمات الأولى في الساحل الأيمن في الموصل، وترفع العلم العراقي فوق المباني». وقد أعلنت القوات العراقية السبت الماضي استعادة السيطرة على حي المشيرفة المجاور الواقع في شمال غربي الموصل.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يأتي فتح هذه الجبهة الجديدة بعد أن تباطأت العمليات من المحور الجنوبي لدى وصول القوات العراقية إلى المدينة القديمة، حيث الشوارع ضيقة جدا والمباني متلاصقة ولا يمكن للآليات العسكرية المرور عبرها. ومع تقدم القوات الأمنية، أصبح المتطرفون تحت ضغوط شديدة داخل معاقلهم التي يتحصنون فيها في عدد محدود من أحياء الجانب الغربي من الموصل.
وعلى خط الجبهة في شمال غربي الموصل، يغطي دخان أسود السماء مصدره الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم داعش وناتج، بحسب ما يقول ضابط في الشرطة الاتحادية، عن حرائق يضرمها المتشددون في إطارات سيارات وبراميل نفط. ويستخدم عناصر تنظيم داعش في آخر معاقلهم بالموصل الحرائق والسيارات المفخخة والانتحاريين والألغام وقذائف الهاون، للحد من تقدم القوات العراقية.
وقال الضابط، الذي رفض الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية: «حين يكون الطقس صافيا، يمكن لطائرات القوات العراقية وطائرات التحالف أن ترى بوضوح تحركات الإرهابيين وتمركزاتهم وأن تستهدفها بدقة، الأمر الذي يحاول (داعش) التصدي له بإحراق إطارات السيارات وبراميل النفط التي يحد دخانها الأسود من قدرة هذه الطائرات على الرؤية».
وتتقاسم القتال على هذه الجبهة عند تخوم حي الهرمات الخمسة قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع في مواجهة تنظيم داعش.
ولا تقتصر أسباب انبعاث الدخان الأسود على إحراق الإطارات والمحروقات، فالهجمات التي ينفذها انتحاريو التنظيم المتطرف بواسطة المتفجرات والسيارات المفخخة تخلف وراءها أيضا دخانا أسود.
وفي نقطة تجمع قوات الرد السريع في أسفل تلة، شوهدت كرة لهب حمراء تنبعث فجأة من خلف التلة، يليها انفجار ضخم. وشرح معاون آمر لواء الرد السريع الأول العقيد الركن عارف الدليمي الذي كان يرافق الصحافيين: «إنها سيارة مفخخة حاول الانتحاري الذي يقودها الوصول بها إلى نقطة تجمع لقوات الرد السريع، لكن مروحية تابعة للقوات العراقية كانت تترصدها واستهدفتها بصاروخ قبل وصوله إلى هدفه بمسافة كيلومتر واحد تقريبا». ويقول الدليمي إن قواته كانت رصدت هذه السيارة قبل ساعات: «لكن سائقها دخل بها باحة منزل فيه نساء وأطفال، واحتمى بهم دروعا بشرية، فلم نتمكن من قصفها لأن ذلك كان سيؤدي إلى مقتل أبرياء، لكننا أبقيناها تحت المراقبة». ويضيف أن «(داعش) ينفذ يوميا بين 5 و 6 هجمات بواسطة انتحاريين يقودون سيارات مفخخة».
ويقول حسين، عنصر في قوات السريع في المكان، إن الجنود العراقيين يتقدمون في منطقة الهرمات، «وان شاء الله نتصدى للعدو الذي يواجهنا بالسيارات المفخخة، وإن شاء الله، التحرير قادم».
وفي السماء، كانت مروحية تطلق قنابل عدة تترك وراءها خطوطا من الدخان الأبيض. وعلى الأرض، يغمض جندي تمدد على بطنه عينه اليسرى ويدقق بعينه اليمنى في منظار بندقيته القناصة، ثم يستدير نحو 3 من رفاقه يتجمعون حول مدفع «هاون» ليقول: «إلى اليمين عشرة أمتار»، فيتولى أحدهم تعديل زاوية المدفع بينما يلقي آخر القذيفة داخل الفوهة وينحني واضعا يديه على أذنيه. ويصرخ رفيقه بعد التدقيق في منظار قناصته مجددا، بفرح: «صحيحة!». فيروح الجنود يطلقون القذيفة تلو الأخرى على الهدف.
ويشرح الجنود أن هذه الطريقة في إطلاق قذائف الهاون تسمى في القاموس العسكري «التربيع»، ويستخدمها أيضا المتطرفون الذين استهدفوا بمدافع الهاون التلة، ما يدفع القوات العراقية إلى الحذر قبل الصعود إليها. ويقول عصام مجيد، عنصر آخر في قوات الرد السريع، على وقع أصوات الانفجارات وتحليق المروحيات: «النصر قريب، أسبوع إن شاء الله ويكون النصر كاملا».
وتزداد شراسة مع اقترابها من حي «17 تموز» الذي يعد أحد أبرز حواضن «داعش» في الموصل، حيث كان أول الأحياء التي سيطر عليها التنظيم في يونيو (حزيران) 2014 وانطلق منه باتجاه مناطق وأحياء الموصل الأخرى. وبحسب مسؤولين أمنيين عراقيين، فإن هذا الحي لم يشهد منذ سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين استقرارا وكان دائما مركزا للجماعات المسلحة، لأن غالبية ساكنيه من البعثيين وضباط الجيش العراقي السابق الذين يشرفون على عمليات التنظيم العسكرية في سوريا والعراق.
وتزامنا مع معارك الجهة الشمالية الغربية من الموصل، تصدت قطعات الشرطة الاتحادية في جنوب المدينة القديمة لهجوم شنه انتحاريون بعجلات مفخخة، وقتلت 10 مسلحين من التنظيم ودمرت عجلتين و3 دراجات مفخخة تابعة لهم.
ورغم شدة المعارك بين الجانبين، فإن موجات النزوح ما زالت مستمرة، فالأوضاع المأساوية للمدنيين المحاصرين من قبل «داعش» تدفع بهم إلى الخروج والنزوح باتجاه القوات العراقية، وقال المواطن سعد الجبوري الذي وصل مع عائلته أمس إلى مخيم حمام العليل قادما من حي الاقتصاديين، لـ«الشرق الأوسط»: «التنظيم يقتل كل من يحاول الخروج من المناطق الخاضعة لسيطرته، لكننا لم نعد نتحمل الأوضاع الصعبة التي عشناها في ظل (داعش) واستفدنا من غياب مؤقت لمسلحيه فنزحنا مع عوائل أخرى باتجاه خطوط التماس».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.