«حزب الله» ينبه من أن «قانون الانتخاب» بات يهدد التوافق والاستقرار في لبنان

تعويل على حركة الحريري... والثنائي الشيعي يلوح بـ«إسقاط الحكومة»

«حزب الله» ينبه من أن «قانون الانتخاب» بات يهدد التوافق والاستقرار في لبنان
TT

«حزب الله» ينبه من أن «قانون الانتخاب» بات يهدد التوافق والاستقرار في لبنان

«حزب الله» ينبه من أن «قانون الانتخاب» بات يهدد التوافق والاستقرار في لبنان

ينطلق الأسبوع الحالي لبنانيا بمشهد مستمر منذ أشهر لجهة دوران القوى السياسية في دائرة مفرغة، بما يتعلق بأزمة قانون الانتخاب. وفيما يعوّل معنيون بالملف على حركة رئيس الحكومة سعد الحريري في الأيام المقبلة، بعدما أعلن «التيار الوطني الحر» كما الثنائي الشيعي المتمثل بـ«حركة أمل» و«حزب الله» بأنّهم لن يقدموا طروحات جديدة وسينتظرون ما سيقدمه الآخرون، بدأ كل الفرقاء يعدون العدة للتعاطي مع السيناريوهات التي قد تكون مقبلة، وبخاصة مع اقتراب انتهاء المهل الدستورية، وآخرها في الـ20 من شهر يونيو (حزيران)، تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي.
ولفت ما قالته مصادر في قوى «8 آذار» مقربة من «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «خيار إسقاط الحكومة مطروح على الطاولة، في حال ارتضى باقي الفرقاء جر البلاد إلى الفراغ النيابي»، مؤكدة أن «الخطوة ستُتخذ قبل منتصف يونيو في حال عدم التفاهم على قانون جديد، أو على صيغة دستورية تجنّبنا الانزلاق إلى الهاوية». وأضافت المصادر: «حاليا ننتظر ما سيطرحه أو يقوم به الرئيس الحريري الذي يتولى حاليا مهمة تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، على أن يُبنى على الشيء مقتضاه».
وعدديا، لا يؤدي انسحاب وزراء الثنائي الشيعي وحلفائهم إلى انفراط عقد الحكومة، باعتبار أن مجمل عدد الذين قد يقدمون استقالتهم لن يتخطى الـ8 أو 9، إلا أن إمكانية انضمام وزيري الحزب «التقدمي الاشتراكي» إليهم قد يقلب المعادلات. وعلى كل الأحوال، لا تعول المصادر كثيرا على الأعداد، بل على «إسقاط الحكومة ميثاقيا من خلال انسحاب كل الوزراء الشيعة منها».
وقد نبّه عضو المجلس المركزي في «حزب الله» نبيل قاووق من وصول أزمة قانون الانتخابات إلى «مرحلة خطيرة باتت تهدد التوافق الوطني والاستقرار السياسي»، معتبرا أن «استمرار هذه الأزمة سببه تمسك بعض القوى السياسية بمواقفها». وقال: «هي لا تريد أن تعالج أو تتنازل، وتتمترس بمواقفها لجر البلد إلى أزمة سياسية عميقة أعادت مناخات التوتر السياسي والانقسامات السياسية».
وأضاف قاووق في احتفال حزبي: «المسؤولية الوطنية تفرض العمل على أولويتين: الأولى أن نحافظ على التوافق الوطني والاستقرار السياسي، والثانية أن نعمل على توافق انتخابي يرضي جميع القوى والفئات».
من جهته، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني «انفتاح حزب القوات اللبنانية على أي قانون انتخاب يؤمن المناصفة، وحسن التمثيل، ويبدد الهواجس ولا يحده زمن»، معتبرا أن «المطلوب التفاهم على نص مقبول كي يتم النقاش على تفاصيله».
وشدد حاصباني في حديث إذاعي على أن «ثمة ثوابت أساسية هي: لا للفراغ ولا للتمديد ولا للرجوع إلى الوراء»، داعيا إلى «التوافق على قانون قبل استنفاد المهلة وانتهاء صلاحيات مجلس النواب في العشرين من حزيران (يونيو) المقبل».
وفيما أكد أن «موضوع مجلس الشيوخ قيد النقاش ويتم درس تفاصيله ويستدعي صياغة تصميم؛ لأن ما ورد في الدستور بشأنه مقتضب جدا، كما يتطلب وقتا طويلا»، اعتبر نائب رئيس الحكومة أن «للطائفة الأرثوذوكسية حقها، وإذا كان مجلس الشيوخ من حصتها، فيجب أن تحصل تعديلات على مواقع أخرى لحفظ موقع الطائفة الدرزية».
وتناول حاصباني طرح التصويت على قانون الانتخاب، فقال: «نحن مع الدستور الذي يقول إن القرار يتخذ بالتوافق، وإن تعذر ذلك فبالتصويت»، كاشفا عن «مروحة واسعة في مجلس الوزراء تؤيد مبدأ التصويت، فيما تشدد مواقف أخرى على التوافق».
أما النائب عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور فتوجه للفرقاء السياسيين بسلسلة تساؤلات بخصوص أزمة قانون الانتخاب، فقال: «من الذي يضمن وحدة لبنان واللبنانيين في ظل هذا النقاش الذي ينظر إلى الأرقام، فقط إلى الأرقام! فمنذ سنوات ونحن نحذر، ويتهم بعضنا بعضا بالمؤتمر التأسيسي، إذن ما معنى هذا النقاش الذي يدور اليوم؟» وأجاب في احتفال حزبي: «هذا نقاش تأسيسي، الذي يجري هو نقاش تأسيسي دون مؤتمر».
وأكّد أبو فاعور أن «الحزب التقدمي الاشتراكي» سيبقى يرفع «لواء المصالحة ولواء المشاركة»، لافتا إلى أن «رفض أي قانون أو القبول بآخر ليس من باب الاعتبارات الانتخابية ولا من باب الحصة الانتخابية، باعتبار أننا نعرف أن الحصص الانتخابية والوزارية ليست هي التي تقدم وتؤخر في هذا الوطن». وأضاف: «نحن محكومون بالتوافق. لا يستحق نائب بالزيادة أو بالناقص أن نُدخل الوطن في أتون انقسام طائفي ومذهبي لا نعرف كيف نخرج منه».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.