الاقتراع الرئاسي الفرنسي... تقلبات سياسية وحملات عنيفة

الاقتراع الرئاسي الفرنسي... تقلبات سياسية وحملات عنيفة
TT

الاقتراع الرئاسي الفرنسي... تقلبات سياسية وحملات عنيفة

الاقتراع الرئاسي الفرنسي... تقلبات سياسية وحملات عنيفة

شهدت حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية مفاجآت سياسية تسببت في إقصاء مرشحين بارزين وتجاوزت الثنائية الحزبية التقليدية، ومواجهات عنيفة خاضها مرشح الوسط الشاب إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان في الدورة الثانية.
* إقصاء شخصيات سياسية بارزة
فوجئ الناخبون الفرنسيون في الانتخابات التمهيدية التي نظمتها الأحزاب تمهيدا لانطلاق الحملات الانتخابية الفرنسية، بفوز مرشحين غير متوقعين. وهزمت شخصيات كبيرة فيها كالرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء السابق ألان جوبيه في معسكر اليمين، أو رئيس الوزراء الاشتراكي السابق مانويل فالس في معسكر اليسار.
وفي 1 ديسمبر (كانون الأول) 2016 أعلن فرنسوا هولاند أنه لا ينوي الترشح لولاية ثانية. وهولاند الذي لا يحظى بشعبية، عزا قراره إلى تفادي هزيمة اليسار أمام اليمين أو اليمين المتطرف. وهي المرة الأولى منذ قيام الجمهورية الخامسة في عام 1958، التي لا يترشح فيها الرئيس المنتهية ولايته لولاية ثانية.
* هزيمة الحزبين التقليديين
في سابقة في تاريخ فرنسا السياسي ما بعد الحرب العالمية الثانية، لم ينتقل أي من أكبر حزبين تقليديين؛ أي الحزب الاشتراكي (يسار) وحزب الجمهوريين (يمين)، إلى الدورة الثانية.
والمرشح المحافظ فرنسوا فيون الذي حل في المرتبة الثالثة في الدورة الأولى بـ20.01 في المائة من الأصوات تأثر بفضيحة الوظائف الوهمية المفترضة التي قد يكون استفاد منها مقربون منه، بعدما كشفتها نهاية يناير (كانون الثاني) أسبوعية «لوكانار انشينيه».
ومني الحزب الاشتراكي بهزيمة أكبر؛ إذ لم يحصل مرشحه بنوا آمون سوى على 6.36 في المائة من الأصوات، وتقدم عليه مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي نجح في الحلول في المرتبة الرابعة مع 19.58 في المائة من الأصوات.
وأظهرت الدورة الأولى شرخا بين «الخاسرين» و«الفائزين»، وبلدا مشتتا بين 4 أحزاب سياسية ممثلة بالمرشحين الأربعة في الدورة الأولى؛ أي وسط ويمين متطرف ويمين ويسار راديكالي. ويتوقع أن تكرار هذه النتائج في الانتخابات التشريعية سيقضي على مبدأ الحزبين في فرنسا، وسيجعل تشكيل غالبية مهمة صعبة.
* دورة ثانية عنيفة
منذ تأهلا لخوض الدورة الثانية من الانتخابات، تبادل المرشح الوسطي إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان الهجمات الكلامية، مع مناظرة تلفزيونية نارية الأربعاء الماضي، وتبادل انتقادات خلال التجمعات الانتخابية والزيارات المفاجئة.
انخرط إيمانويل ماكرون (39 عاما)، في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في حملة انتخابية بعد أشهر قليلة من إنشائه حركته السياسية «إلى الأمام». وكان وزير الاقتصاد السابق في حكومة فرنسوا هولاند والمصرفي السابق، الذي حصل على 24.01 في المائة من الأصوات في الدورة الأولى، موضع سخرية في البداية، قبل أن يثبت لكل الذين كانوا يتوقعون زوال «الفقاعة الإعلامية»، أنهم على خطأ.
أما مارين لوبان (48 عاما)، التي أظهرت تقدمها في استطلاعات الرأي، فحصلت على 21.3 في المائة من الأصوات في الدورة الأولى، وأوصلت بذلك للمرة الثانية اليمين المتطرف إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد والدها جان ماري لوبان في 2002.
* التشكيك في الاتحاد الأوروبي
أثر الموقف من أوروبا على الحملة الانتخابية، والمشاعر خلال المناظرات التلفزيونية للمرشحين.
وفي 23 أبريل (نيسان) الماضي، أيد نحو نصف الناخبين المرشحين المشككين في «أوروبا» بل المعادين للاتحاد الأوروبي. وركز اليمين المتطرف واليسار الراديكالي حملتيهما على هذا الموضوع. وأكد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند أن الدورة الثانية ستكون خيارا «أوروبيا».
* قرصنة حملة «إلى الأمام»
وجاءت الصدمة الأخيرة قبل دخول البلد في مرحلة الصمت الانتخابي وانتهاء الحملات الانتخابية، بتعرض حملة ماكرون إلى عملية قرصنة كبيرة. ونشرت عشرات آلاف الوثائق الداخلية لفريق ماكرون على الإنترنت مساء الجمعة، قبل ساعة من انتهاء الحملة الرسمية. وعلى الفور، أدان فريق ماكرون «عملية قرصنة كبرى ومنسقة» وعدّ أنها تصب في خانة «زعزعة الاستقرار» قبل الدورة الثانية.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.