«النصرة» تنسحب من مخيم اليرموك تنفيذاً لهدنتها مع إيران

مصادر: العدد الكلي للمسلحين مع عائلاتهم يصل إلى ألفي شخص

مخيم اليرموك. «ارشيفية»
مخيم اليرموك. «ارشيفية»
TT

«النصرة» تنسحب من مخيم اليرموك تنفيذاً لهدنتها مع إيران

مخيم اليرموك. «ارشيفية»
مخيم اليرموك. «ارشيفية»

بدأت في دمشق، أمس، المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة «البلدات الأربع» والتغيير السكاني في سوريا، الموقع بين إيران وفصائل مسلحة في سوريا بينها فصائل معارضة. وتشمل هذه المرحلة، إجلاء بعض المسلحين الجرحى من المنتمين لـ«هيئة تحرير الشام» («النصرة» سابقا) من مخيم اليرموك للاجئين على المشارف الجنوبية للعاصمة السورية دمشق إلى إدلب.
وذكر تلفزيون «المنار» التابع لـ«حزب الله» اللبناني، أن هذه هي المرحلة الثانية من اتفاق تم التوصل إليه من قبل يقضي بتنفيذ عمليات إجلاء من بلدتين تحاصرهما المعارضة المسلحة (الفوعة وكفريا بريف إدلب) مقابل عمليات مماثلة من قريتين تحاصرهما قوات موالية للحكومة (مضايا والزبداني بريف دمشق). وكان قد تم تنفيذ المرحلة الأولى من هذا الاتفاق الشهر الماضي.
وأكدت مصادر إعلامية مقربة من النظام السوري، أمس، بدء عملية خروج المئات من مسلحي «هيئة تحرير الشام» وذويهم من مخيم اليرموك إلى ريف إدلب، فيما أعلن أمين سر تحالف قوى المقاومة الفلسطينية في سوريا، خالد عبد المجيد، أن «العدد الكلي لمسلحي (جبهة النصرة) مع عائلاتهم الذين سيخرجون ضمن مراحل الاتفاق الثلاث يصل إلى ألفي شخص». ولفت عبد المجيد إلى وقوع اشتباكات بين مسلحي «داعش» المتمركزين جنوب المخيم ومسلحي «النصرة» منذ أسبوع لتعطيل تنفيذ الاتفاق.
وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن إشراف الهلال الأحمر السوري على العملية، حيث سيجري نقل المقاتلين إلى الشمال السوري، مقابل إخراج حالات مماثلة وبعدد مقارب من بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية بريف إدلب، ضمن اتفاق التغيير الديموغرافي الذي جرى التوصل إليه في مارس (آذار) الماضي.
ونقلت «مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا»، عن مصادر مطلعة قولها إن عملية الانسحاب التي تشمل المناطق الممتدة من محيط جامع الحبيب المصطفى حتى جامع الوسيم، والتي كانت تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام»؛ أي مساحة 40 في المائة من المخيم، سوف تكون تحت سيطرة النظام السوري والفصائل الفلسطينية الموالية له.
وأوضحت أن عملية إخراج باقي المسلحين من مخيم اليرموك ستستكمل خلال الأيام المقبلة، منوهة بأن الاتفاق لا يشمل تنظيم «داعش» والفصائل المرتبطة به.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قد نشر، قبل أسبوعين، أن مساعدات إنسانية وغذائية دخلت إلى جنوب العاصمة دمشق، حيث أكدت المصادر أنه بدأت عملية إدخال المساعدات إلى مخيم اليرموك (المحاصر) ومناطق أخرى في محيطها بجنوب العاصمة، وذلك في تنفيذ لأحد شروط الاتفاق.
وينص الاتفاق حول الزبداني ومضايا بريف دمشق وكفريا والفوعة بريف إدلب الشمالي الشرقي، ومخيم اليرموك في جنوب العاصمة دمشق، على «إخلاء كامل الفوعة - كفريا بمدة زمنية قدرها 60 يوما على مرحلتين، في مقابل إخلاء الزبداني وعوائل الزبداني في مضايا والمناطق المحيطة إلى الشمال، ووقف إطلاق النار في المناطق المحيطة بالفوعة ومنطقة جنوب العاصمة (يلدا ببيلا بيت سحم)، وهدنة لمدة 9 أشهر في المناطق المذكورة أعلاه، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المذكورة من دون توقف، إضافة لمساعدات لحي الوعر في حمص، وإخلاء 1500 أسير من سجون النظام من المعتقلين على خلفية أحداث الثورة (في المرحلة الثانية من الاتفاق) من دون تحديد الأسماء (لصعوبة التفاوض على الملف مع النظام)، وتقديم لوائح مشتركة من الطرفين بأعداد وأسماء الأسرى للعمل على التبادل، وإخلاء مخيم اليرموك (مقاتلين للنصرة في المنطقة)، كما أن هناك بندا لا يتعلق بالشأن السوري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».