احتياطات الصين الأجنبية تصل إلى 3.03 تريليون دولار

«أضواء الليل» تكشف نمو الاقتصاد بأكثر مما هو معلن

احتياطات الصين الأجنبية تصل إلى 3.03 تريليون دولار
TT

احتياطات الصين الأجنبية تصل إلى 3.03 تريليون دولار

احتياطات الصين الأجنبية تصل إلى 3.03 تريليون دولار

ارتفعت احتياطات النقد الأجنبي في الصين في أبريل (نيسان) الماضي للشهر الثالث على التوالي، متجاوزة توقعات السوق، إذ ساهم فرض قيود على حركة رؤوس الأموال وتوقف الاتجاه الصعودي للدولار في كبح نزوح رأس المال. في وقت تشير فيه تقارير اقتصادية حديثة إلى أن الاقتصاد الصيني يشهد نموا يفوق ما هو معلن بشكل رسمي.
وزادت الاحتياطات الأجنبية الصينية بمعدل 21 مليار دولار في أبريل، لتبلغ 3.03 تريليون دولار، مقارنة بزيادة 3.96 مليار في مارس (آذار) جعلتها تصل آنذاك إلى 3.009 تريليون دولار. ويأتي ذلك فيما توقع الاقتصاديون في استطلاع أجرته «رويترز» زيادة احتياطات النقد الأجنبي بواقع 11 مليار دولار إلى 3.02 تريليون في أبريل.
وشددت الصين قواعد تحويل رؤوس الأموال للخارج في الأشهر الأخيرة في إطار سعيها لدعم عملتها اليوان، ووقف تراجع احتياطات النقد الأجنبي. وسحبت الصين نحو 320 مليار دولار من الاحتياطات العام الماضي، ولكن اليوان نزل رغم ذلك نحو 6.5 في المائة من قيمته مقابل الدولار، مسجلا أكبر هبوط سنوي منذ 1994.
واستقر أداء اليوان مقابل الدولار في الأسابيع الأخيرة بعد أن فقدت العملة الأميركية قوة الدفع. وقال بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، إن احتياطات الذهب لم تتغير، حيث بقيت ثابتة عند مستوى 59.24 مليون أوقية في أبريل، في حين ارتفعت قيمتها إلى 75.02 مليار دولار في نهاية الشهر، من 73.7 مليار في نهاية مارس الماضي.
في غضون ذلك، نقلت صحيفة «الشعب» الصينية تقريرا حديثا «غير تقليدي» نشره المركز الأميركي للبحوث الاقتصادية، تحت عنوان «الاقتصاد الصيني ينمو بأكثر مما هو معلن»، حيث توصل 3 علماء اقتصاد أميركيين من خلال تحليلاتهم إلى أن نمو الاقتصاد الصيني أكثر استقرارا مما هو معلن رسميا.
وأشار الباحثون إلى وجود علاقة قوية بين مشهد الأضواء الليلية والحيوية الاقتصادية، حيث اعتمدوا في أبحاثهم على تحليل صور الأقمار الصناعية لمشاهد الأضواء الليلية وحركية السكك الحديدية وكميات استهلاك الكهرباء وغيرها من البيانات الكلية. واستنتجوا من خلال ذلك نمو الاقتصاد الصيني بأكثر مما هو معلن.
وأشار البحث إلى أن الأرقام الرسمية المعلنة قد خفضت تقديرها لنسبة نمو قطاع الخدمات، خصوصا مختلف القطاعات الناشئة. في حين حقق قطاع الخدمات نموا سريعا بفضل سياسات تحرير السلطة التي اتخذتها الحكومة الصينية.
وكان رئيس مجلس الدولة الصيني، لي كه تشيانغ، قد أكد في تقرير عمل الحكومة لعام 2017 على الدور المهم الذي لعبه قطاع الخدمات في دفع النمو الاقتصادي، حيث مثلت حصة القيمة المضافة لقطاع الخدمات في 51.6 في المائة من قيمة الناتج المحلي الخام في عام 2016.
من جهة أخرى، ووفقا لبيانات الاقتصاد الكلي للفصل الأول من العام الحالي، بلغت نسبة مساهمة الاستهلاك في النمو الاقتصادي 77.2 في المائة، فيما بلغت حصة قطاع الخدمات 56.5 في المائة. في حين ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول إلى 6.9 في المائة.
وقالت وكالة «بلومبرغ»، إن الاقتصاد الصيني حقق أداء جيدا بفضل دفع الاستهلاك، حيث واصل نموه السريع للفصل الثاني على التوالي. وأضافت أن الاستهلاك بصدد كسر تبعية الاقتصاد الصيني للاستثمار. في حين قالت «نيويورك تايمز» إن النمو الاقتصادي الصيني خلال الفصل الأول كان مدفوعا بتوسع المصانع. وأعرب الاقتصاديون عن تفاجئهم بنمو القطاع الصناعي بنسبة 7.6 في المائة خلال شهر مارس، ورأوا بأن ذلك يعكس الوضع الجيد الذي تعيشه المصانع الصينية.
وأشارت مجلة «فوربس» إلى أن الاقتصاد الصيني نما بأكثر مما كان متوقعا خلال الفصل الأول من العام، وقالت إن ذلك دليل على أن «المعجزة الصينية» لم تنته. وأضافت أن الاستهلاك والابتكار التكنولوجي والصناعة الفائقة والخدمات ستصبح أعمدة الارتكاز الأربعة للمعجزة الاقتصادية الصينية في المرحلة المقبلة، بحسب ما نقلته صحيفة «الشعب» الصينية.
أما صندوق النقد الدولي، فقام بتعديل توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني خلال العام الحالي من 6.5 في المائة إلى 6.6 في المائة، بعد أن نما الاقتصاد الصيني في الفصل الأول بنسبة 6.9 في المائة. ومن المتوقع أن يقوم الصندوق بتعديل توقعاته بشأن نمو الاقتصاد الصيني مرة أخرى مع تحسن أداء الاقتصاد.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.