«الصوت العربي» في فرنسا يصب غداً لصالح ماكرون

«الشرق الأوسط» تستطلع آراء وتطلعات ومخاوف ناخبين من أصول عربية

صوفي طاهري مع ماكرون وهي خبيرة في الاقتصاد وناشطة في حركة «إلى الأمام»
صوفي طاهري مع ماكرون وهي خبيرة في الاقتصاد وناشطة في حركة «إلى الأمام»
TT

«الصوت العربي» في فرنسا يصب غداً لصالح ماكرون

صوفي طاهري مع ماكرون وهي خبيرة في الاقتصاد وناشطة في حركة «إلى الأمام»
صوفي طاهري مع ماكرون وهي خبيرة في الاقتصاد وناشطة في حركة «إلى الأمام»

لا يسمح القانون الفرنسي بإجراء إحصائيات أو استطلاعات للرأي على أساس عرقي أو ديني. ولذا، من الصعب التوصل إلى نتائج موثوق بها تماما حاسمة فيما خص كيفية تصويت الناخبين من أصول عربية أو مسلمة. والمتعارف عليه أن هناك ما بين خمسة إلى ستة ملايين مواطن من هذه الأصول، ما يعني أن صوتهم له تأثيره في الانتخابات الرئاسية الفرنسية. لكن ما يقلل من وزنه أن نسبة المسجلين على القوائم الانتخابية وخصوصا نسبة المشاركة لمن يسمون بالجيل الثاني أو الثالث ضعيفة قياسا للنسبة العامة رغم حملات التوعية والتعبئة التي تحصل في أوساطهم كلما اقترب استحقاق انتخابي.
وخلال عقود، كان «الصوت العربي» يصب لصالح اليسار الشيوعي والاشتراكي. وعقب هزيمة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في الانتخابات عام 2012. روج مناصروه أن أحد أسباب الهزيمة أن «الصوت العربي» انصب بكثافة لصالح فرنسوا هولاند. وفي العام 2002، خرج المرشح الاشتراكي، رئيس الحكومة الأسبق ليونيل جوسبان من المنافسة منذ الدورة الأولى بفارق ضئيل بينه وبين مرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبان لأن «الصوت العربي» انصرف عنه بسبب تصريحات له اعتبرت مغالية في الولاء لإسرائيل. أما في الدورة الأولى من الانتخابات الحالية، ووفق معلومات توافرت لصحيفة «لو بليرين»، فإن هذه الفئة من الناخبين كانت معقودة الولاء لمرشح اليسار المتشدد و«ظاهرة» الحملة الانتخابية جان لوك ميلونشون. وبخروجه من المنافسة وخروج مرشح الحزب الاشتراكي بونوا هامون، وبقاء المنافسة بين مرشح ليبرالي اقتصاديا واجتماعيا هو مانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف، المعروفة طروحاتها بالنسبة للمهاجرين والعرب والإسلام وجد الناخبون أنفسهم في وضع حرج.
من هنا، رأت «الشرق الأوسط» أن تستطلع آراء عدد منهم وأن تجمع شهادات لناخبين ينتمون إلى أجيال وأديان وأعمار مختلفة ولكنهم يشتركون في جذورهم العربية. وكان الغرض تبيان خياراتهم والأسباب التي تدفعهم للاختيار بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبان. وفي أي حال، تتعين الإشارة إلى أن ثمة قواعد عامة تنطبق على الناخبين من أصول عربية أو مسلمة كما تنطبق على الآخرين بمعنى أن الأصل ليس بالضرورة هو المحرك الوحيد أو حتى الأول بل إنه أحد عوامل الخيار.
يقول جان مسيحة وهو مواطن فرنسي من أصل مصري يتمتع بمؤهلات علمية ومهنية مرتفعة ويشغل دورا مهما لدى مرشحة اليمين المتطرف لأنه المشرف على برنامجها الاقتصادي، إن «العرب في فرنسا يؤمنون أكثر فأكثر بأفكار الجبهة الوطنية وبرنامجها والدليل على ذلك هو تزايد عدد المنخرطين الذي ارتفع الْيَوْمَ إلى 6 في المائة بعد أن كان لا يتعدى 2 في المائة لسنوات خلت».
وفي معرض تحليله لمسار «الصوت العربي» يؤكد مسيحة «أن العرب في فرنسا ينتظرون رد اعتبار. ومشروعنا قائم بالأساس على رد الاعتبار للمواطنة ولهؤلاء الأشخاص الذين نعتبرهم مواطنين بغض النظر عن عرقهم أو ديانتهم». ويبرر مسيحة انجذاب أصوات عربية لصالح لوبان بالقول إن برنامجها يقوم على إعادة الاعتبار أولا لفرنسا، للغتها ونشيدها الوطني وثقافتها وحدودها. والعرب يجدون أنفسهم في هذا البرنامج المخالف تماما لمشروع المرشح المستقل إيمانويل ماكرون الذي ينفي فكرة المواطنة وينفي وجود ثقافة فرنسية. وبنظره، فإن ماكرون يرى صوت العربي الفرنسي جزائريا أو لبنانيا أو مغربيا ويؤكد على فكرة الفصل بين الناس على أساس جذورهم «أما نحن فنرى أصواتهم أصواتا فرنسية». يعكس كلام مسيحة رأي أقلية ضئيلة داخل «الصوت العربي».
فبين لوبان وماكرون، تذهب الأكثرية الساحقة باتجاه الثاني رغم عدم قناعة الكثيرين بطروحاته بل إن غرضهم الرئيسي قطع الطريق على مرشحة اليمين المتطرف. وتقول صوفي طاهري وهي فرنسية مغربية، خبيرة في الاقتصاد وناشطة في حركة «إلى الأمام» إن ما يبرر مساندتها لماكرون عدة أسباب تتعلق ببرنامجه وأسلوبه وشخصيته مضيفة أنها «تدافع عن الأفكار التقدمية لماكرون «لأنني أؤمن بالحرية وبمجتمع منفتح على العالم ومتمسك بوحدته الأوروبية وبتطور الفرد من خلال قيمة العمل». وبرأيها، فإن أفكار ماكرون «تتجاوز التصنيف التقليدي للتيارات السياسية بين يمين ويسار» وهو ما جعل الحياة السياسية رهينة على امتداد ثلاثين عاما وإلى شلل قطاعات كثيرة. وتجزم بأن ماكرون يريد أن يحول هذا النموذج الاقتصادي الاجتماعي إلى نموذج يتماشى مع التحديات الجسيمة التي تواجهنا في هذا القرن كالقفزة الرقمية.
وتعبر طاهري عن إعجابها بأسلوب ماكرون «القائم على التروي وحسن الإنصات للآخر، والاحترام». والأهم من كل ذلك برأيها، أنه يرغب في إدماج ناشطين من المجتمع المدني واعتماد مبدأ الكفاءة والخبرة ويسعى لجمع أكبر عدد من الناشطين السياسيين من كل الأقطاب ومن المؤمنين بأوروبا كخيار رئيسي. وخلاصتها أنها تدافع عن ماكرون لأنه «شخصية معطاءة، ديناميكية ويتحلى بروح المبادرة والعفوية».
يختزل هذان الموقفان لمسيحة وطاهري غالبية المواقف والتبريرات. نوفل إبراهيمي الميلي، وهو فرنسي جزائري، باحث وأستاذ جامعي في معهد العلوم السياسية بباريس يؤكد أنه سيصوت لماكرون: «دون إحساس عارم بالفرح ولأن جذوري الجزائرية تمنعني من أن أمنح صوتي لابنة قائد من دعاة الجزائر - فرنسية». كذلك يرى أن خطاب مارين لوبان عن الإسلام «يتضمن تهديدا حقيقيا للسلم الاجتماعي في فرنسا خصوصا أن الدين الإسلامي موضوع شديد الحساسية في فرنسا، ولهذا لا يجب الاندفاع في طرحه بطريقة فيها كثير من التهور والهستيريا».
وتسوق حنين برازي وهي فرنسية سورية أستاذة في جامعة السوربون، الحجج نفسها لتفسير تصويتها لصالح ماكرون رغم تحفظاتها على برنامجه: منع مرشحة اليمين المتطرف من الوصول إلى الحكم، ماكرون وجه سياسي جديد مفعم بالحيوية تدعمه فئة الكوادر الشابة وأصحاب الشهادات العليا. ومن الممكن أن يوفر لفرنسا تجربة جديدة بعيدة عن برامج رجال السياسة التقليديين كما أنه يقوم بتجربة رائدة أساسها تشجيع أصحاب الكفاءات والمهارات من المجتمع المدني بعيدا عن الانتماءات الحزبية وإشراكهم في العمل معه لو تم انتخابه. ولا تنسى أن تشيد بشجاعته بالاعتراف بأن فرنسا الدولة المستعمرة ارتكبت أخطاء بعضها يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية. ويقول فرج معتوق وهو فرنسي - تونسي أستاذ جامعي ومؤرخ، إنه مع ماكرون «من دون تردد، رغم أنني لا أتفق مع برنامجه الليبرالي». ويرى أنه «من الضروري الوقوف ضد خطاب الكراهية وتمزيق فرنسا والخروج من أوروبا». وبرأيه، فإن خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي «سيعود بالدمار على فرنسا وأوروبا على حد السواء، اقتصاديا وسياسيا وأمنيا». وفي أي حال: «يتعين أن نتوحد حول فكرة القيم الجمهورية التي لا تستقيم فرنسا من دونها، قيم الحرية والمساواة والأخوة» وخلاصته أن الصوت العربي الفرنسي «سيكون جمهوريا وضد العنصرية».
ثمة ناخبون لن يعطوا صوتهم لماكرون رغم كرههم لمرشحة اليمين المتطرف بل سيفضلون إما الامتناع عن التصويت أو التصويت بورقة بيضاء. فإيلي القاضي مثلا، وهو فرنسي - لبناني صاحب مطعم باريسي يقول إنه اختار فرنسوا فيون في الدورة الأولى لكن بعد هزيمته «لن أعطي صوتي لا لماكرون حليف العولمة والبنوك ولا لمارين لوبان التي توظف الكراهية لتفوز بأكثر عدد ممكن من الأصوات. سأمتنع عن التصويت هذه المرة». وهو حال سحر إبراهيم، فرنسية - مصرية ربة بيت إذ تؤكد أنه بعد خروج ميلونشون من المنافسة «سأضع ورقة بيضاء. فبرنامج لوبان يتعارض مع أفكاري ومشروع ماكرون يتناقض مع مبادئي». وترى في الأخير «وريثا» لفرنسوا هولاند الذي أخفق في النهوض بفرنسا منذ توليه الحكم.
واضح مما سبق أن الأكثرية الساحقة لـ«الصوت العربي» ستذهب الأحد القادم لصالح ماكرون. لكن هناك من سيصوت للوبان. وقال نسيم ق. وهو فرنسي - لبناني اتصلت به «الشرق الأوسط» بالهاتف إنه سيصوت لمرشحة اليمين المتطرف «لأن فرنسا بحاجة إلى رئيس قوي يعيد الأمن ويضرب الإرهاب والإرهابيين بيد من حديد ويعيد فرض قيم العلمنة ويسمح للناس بالعيش بأمان خصوصا في المدن الكبرى والضواحي». ويختم نسيم قائلا إن هذه القيم «تمثلها لوبان وليس ماكرون».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.