مارون سمعان رجل أعمال تبكيه الجامعات

وضع نجاح مؤسساته في خدمة التقدم والتنمية والمبادرات الإنسانية

مارون سمعان
مارون سمعان
TT

مارون سمعان رجل أعمال تبكيه الجامعات

مارون سمعان
مارون سمعان

حين يغيب الموت رجل أعمال، تخرج عادة عبارات الرثاء من أوساط المال. لكن موت رجل الأعمال اللبناني مارون سمعان، الذي يوارى الثرى غداً، مثل حالة مختلفة، إذ نعته بعبارات مؤثرة جامعات ومؤسسات تعليمية تجاوزت منحه لها عشرات ملايين الدولارات.
في الخليج العربي، حيث أفنى زهرة شبابه وبذل قصارى جهده، لا تزال سمعة سمعان ذائعة الصيت في قطاعات النفط والغاز والهندسة المدنية والمقاولات والإنشاءات والاستثمارات على أنواعها، إذ أسهم فيها على مدى 40 عاماً بكل ما لديه من طاقة.
في أحاديث مع من عرفه وعمل معه من رجال أعمال ومستثمرين وقادة اقتصاديين وسياسيين وحتى منافسين، لا تجد إلا الإعجاب بهذا الرجل والتقدير لعطائه الذي سبق بسنوات ظاهرة تسابق الشركات على إظهار تأديتها «المسؤولية الاجتماعية». ويلخص أحد كبار رجال الأعمال في الكويت هذا كله بوصف سمعان بأنه «من طينة مختلفة حتماً».
يتحدر سمعان من قرية صغيرة اسمها دردغيا في جنوب لبنان، ومن عائلة مثل كل عائلات لبنان الحالمة بأبناء يتعلمون لمحاربة الفقر والجهل، ومقاومة قدر حكم على هذا البلد الصغير بمخاض كبير منذ نشأته إلى يومنا هذا. انطلق الشاب اليافع في سبعينات القرن الماضي بطموح وسع العالم، ليثبت أن الحرب الأهلية التي دارت رحاها آنذاك ليست قدراً محتوماً قاهراً لا مناص منه. بالعلم قاوم الحرب وبالطموح واجه المحن.
تفوقه على لبنان كله بشهادته الثانوية العلمية في 1973، حمله من الريف الفقير إلى بيروت الحاضنة الصاخبة الغاضبة، وتحديداً إلى الجامعة الأميركية لدراسة الهندسة بمنحة. تدرّج بهمة عالية رغم ظروف القهر والدمار، حتى وصفته الجامعة بـ«الخريج المتميز».
وفي 1977 هاجر كما هاجر كثيرون، حالماً بمصير يكتبه بيده حرفاً حرفاً. وفي الخليج العربي، بدأ حياته المهنية في شركة «اتحاد المقاولين»، إحدى أكبر شركات المقاولات عربياً وعالمياً، على خطى رواد مثل سعيد خوري وحسيب صباغ. وتدرّج من مهندس متدرب إلى مخطط ومنفذ ومسؤول عن ورش نهضة عمرانية وإنشائية على امتداد دول الخليج.
13 عاماً قضاها مارون سمعان في تلك الشركة العملاقة، فكبرت أحلامه واتسّع أفق مراميه الاقتصادية والتنموية. وفي أوائل تسعينات القرن الماضي دخل شريكاً مؤسساً في شركة «بتروفاك» للنفط والغاز والإنشاءات. وتحول بها ومعها إلى اسم رديف لإنجاز لطالما كان ممنوعاً أو صعباً على العرب آنذاك. إنجاز قيام شركة في قطاعات يحتكرها الغربيون بتقدمهم الصناعي ونفوذهم الرأسمالي.
فمن شركة صغيرة ورأسمال متواضع، تحولت «بتروفاك» إلى لاعب إقليمي وعالمي خلق عشرين ألف فرصة عمل في قارات عدة، وحجم أعمال ومشاريع بعشرات المليارات. تدرج في «بتروفاك» حتى ترأس مجلس إدارتها. ركب المخاطر وتغلب عليها، أدخل مفاهيم عمل حديثة، وسبل إنجاز مبتكرة. نافس الكبار في هذه الصناعة الاستراتيجية، وتوسع بالشركة في 31 مكتباً حول العالم وأدرجها في بورصة لندن.
تأهلت «بتروفاك» في عهده لمناقصات كبيرة، مقارعة عمالقة من أوروبا وأميركا والصين وكوريا والبرازيل من دون أي عقدة نقص، وفازت بعقود كانت تاريخياً حكراً على شركات عالمية معدودة على أصابع اليدين. وتفرعت من «بتروفاك» شركات عدة حتى تضاعف حجم أعمالها وازداد عدد العاملين فيها 40 مرة.
في أواخر 2013، وهو في عز عطائه تقاعد من «بتروفاك» لينطلق إلى آفاق جديدة، يحدوه في ذلك التنويع والتوسع القطاعي والجغرافي، والأهم من ذلك شغفه بالتعليم الذي بدل مصيره ذات يوم. وقال شريكه أيمن أصفري في وداعه بعد الاستقالة: «منذ دخوله شريكاً، حققت الشركة نمواً مذهلاً، ويعود الفضل في ذلك إلى مارون طبعاً».
بعد ذلك دخل شريكاً مؤسساً في شركة «الكازار كابيتال» لاستثمارات الأسهم الخاصة في قطاعات الطاقة المتجددة والاتصالات والصناعة والصحة واللوجيستيات والعقارات والتعليم، فضلاً عن تمويل مبادرات أعمال، وعمليات الاندماج والاكتتاب الأولي والخدمات المصرفية وخدمات إدارة الأصول، بما في ذلك إدارة صناديق الثروة.
جمع مالاً وفيراً وحقق شهرة أعمال واسعة، لكنه آثر توظيف ذلك في شغفه القديم بالتعليم، إضافة إلى الصحة والرعاية الاجتماعية والتنمية المستدامة. ويقول أحد عارفيه ومنافسيه في الأعمال: «عرفنا في مارون التواضع ونزعة إعادة توزيع الثروة. ولم يعشق الظهور يوماً».
أسس في 2011 «مؤسسة سمعان»، وكرّس جهوداً لإعلاء شأن التعليم أولاً، مدفوعاً بكونه من بلد لا يملك ثروة إلا موارده البشرية. وشمل عطاء المؤسسة تبرعاً هو الأكبر من نوعه في تاريخ الجامعة الأميركية في بيروت (50 مليون دولار) لتطوير كلية الهندسة، التي كان يحلم بتحويلها إلى مفرخة لعقول تلحق اقتصاد بلده الصغير باقتصاد العالم، عبر «وادي سيليكون» لبناني ينافس بالتكنولوجيا. وقال عنه رئيس الجامعة: «إنه عظيم ومتواضع، سيتردد صدى عطائه عبر العصور».
وإكراماً له، أُطلق اسمه على كلية الهندسة والعمارة التي حظيت معه بلقب أكبر جهة خاصة مانحة لجامعة في العالم. كما أطلق اسم والديه على مركز جراحة العيادات الخارجية الذي تبرع لإنشائه أيضاً، بيد أن تبرعات مارون لم تكن مشروطة يوماً. شرطه الوحيد كان تحديث مناهج الجامعة وزيادة إمكانات تطوير خدمات مرافقها. وفي ذلك عرفان ضمني تاريخي بيوم حصل مارون على منحة للدراسة في تلك الجامعة المرموقة وعرف أنها طريق خلاص من أراد كسر طوق العجز لتفتح أمامه آفاق العالم.
أما «مؤسسة سمعان» فمنذ سنوات وهي تجزل التبرع بمنح دراسية للطلاب وزمالات للدكتوراه والبحوث المبتكرة، غيرت حياة كثيرين ومصائرهم. كما قدمت مساعدات طبية لمحتاجين ومبتلين بأمراض مستعصية. وساهمت أيضاً في رعايات اجتماعية، لا سيما في الجنوب اللبناني. فقد عاد ابن دردغيا ليرمم فيها المباني والأزقة التاريخية ويشجع أهلها على العودة إليها.
ولم يقتصر اهتمامه على الجامعة الأميركية التي تخرج منها وسكنت في قلبه وعقله، بل شمل عطاؤه جامعة البلمند (شمال لبنان) التي بنى لها على نفقته منشآت كلية الهندسة الكيميائية كما واكب تطور جامعة القديس يوسف. ودخل أميناً في مجلس أمناء الجامعة الأميركية في الشارقة.
يقول متابعو عطاء سمعان ومحبوه إنه كان على خطى رجالات أعجب بهم مثل حسن كامل الصباح وفيليب حتى ومايكل دبغي ورمال رمال وآخرين، وظفوا إبداعاتهم ومالهم وسخّروا وقتهم وطاقاتهم لعمل الخير ودعم التنمية والتعليم، متعففين عن استخدام المال في السياسة كعادة المتمولين اللبنانيين والعرب الساعين إلى النفوذ والسلطة بعد الثروة والشهرة. أما هو فسعى حتى آخر يوم من حياته إلى إضاءة شمعة في ظلام ليل منطقتنا المنهكة بالنزاعات والحروب، هذه المنطقة التي تراهن دائما وأبداً على رجال مثله.



3 شركات عالمية لتنظيم المعارض تفتح مكاتبها في السعودية

رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

3 شركات عالمية لتنظيم المعارض تفتح مكاتبها في السعودية

رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)

قررت 3 من أكبر 10 شركات عالمية متخصصة في تنظيم المعارض، افتتاح مكاتبها في السعودية، في خطوة للاستفادة من التنامي المتسارع في القطاع بالمملكة، في الوقت الذي تمضي فيه «الرياض» لتعزيز محوريتها في هذا القطاع من خلال توقيع 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم لدعم صناعة الفعاليات، وذلك مع ختام اليوم الأول من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات، المنعقدة حالياً في الرياض من 15 إلى 17 ديسمبر (كانون أول) الحالي.

وقال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات، فهد الرشيد، إن اليوم الأول للقمة الدولية للمعارض والمؤتمرات شهد نجاحاً كبيراً، بعد إعلان الاتفاقيات، وإطلاق 12 فعالية جديدة، بالإضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم، ما يعزز مكانة المملكة كواحدة من أهم وجهات قطاع المعارض والمؤتمرات على مستوى العالم.

وأضاف الرشيد أن هذه الإعلانات تؤكد أهمية قطاع المعارض والمؤتمرات، ودوره المحوري كمحفز للتحول، حيث يساهم في التعريف بحجم الفرص غير المسبوقة التي توفرها المملكة سعياً إلى تحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، ودور القطاع في استكشاف الأفكار المبتكرة، وخلق فرص الاستثمار، وتعزيز الشراكات الجديدة عبر مختلف قطاعات الاقتصاد.

وأعلنت كل من شركات «RX Global» و«Messe Munich» و«Clarion»، وهي من كبرى الشركات العالمية المتخصصة في تنظيم الفعاليات، افتتاح مكاتب جديدة لها في المملكة، لدعم خطط نمو قطاع المعارض والمؤتمرات السعودي خلال السنوات العشر المقبلة.

وشهدت القمة توقيع 4 مذكرات تفاهم مع كلٍّ من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة السعودية للسياحة، وصندوق الفعاليات الاستثماري، والمركز الوطني للفعاليات.

وتتواصل فعاليات القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات على مدار اليومين المقبلين، حيث تركز على جهود تحفيز الاستثمار في قطاع المعارض والمؤتمرات، وإنشاء مساحات فعاليات مبتكرة ومستقبلية، ومعالجة مسائل الاستدامة العالمية في القطاع.

يُذكَر أن النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات تقام في مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية «مسك»، بمشاركة أكثر من 1000 من قادة قطاع المعارض والمؤتمرات العالميين من 73 دولة، بهدف إعادة تشكيل مستقبل القطاع.