منافسة حادة بين هنية وأبو مرزوق على خلافة مشعل

أنهت حركة حماس، أمس، المرحلة الأخيرة من انتخاباتها الداخلية، بانتظار إعلان رئيس المكتب السياسي الجديد للحركة، الذي تنافس عليه كل من إسماعيل هنية، رئيس حركة حماس في غزة سابقاً، وموسى أبو مرزوق، أول رئيس للمكتب السياسي للحركة عام 1992.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة عقدت جلسة داخلية مغلقة شاركت فيها قيادة الحركة في العاصمة القطرية الدوحة، وقيادات من قطاع غزة فيما تم إشراك قيادة الضفة بطرق لم يتم كشفها. ويشكل المجتمعون الذين لم ينتهوا حتى وقت متأخر، أمس، مجلس الشورى العام، ويمثل 15 عضواً لغزة والخارج والضفة، إضافة إلى رؤساء الهيئات الرقابية ورئيس مجلس القضاء الأعلى.
ويُفتَرَض أن يكون هؤلاء انتخبوا أمس رئيس مجلس الشورى العام الجديد ونائبيه، قبل اختيار رئيس وأعضاء المكتب السياسي من بينهم.
وقالت المصادر إن «الأعضاء يرشحون من بينهم رئيساً للمكتب السياسي ويتم التوافق عليه». وبحسب المعلومات كان التركيز ينصب على هنية وأبو مرزوق بداية الأمر. وقالت المصادر إن التوجه داخل حماس منذ أشهر طويلة نحو هنية، لكن مفاجآت يمكن أن تحدث في اللحظات الأخيرة. وكانت «الشرق الأوسط» نشرت في الخامس من سبتمبر (أيلول) الماضي بوادر توجه داخل حماس لانتخاب القيادي في الحركة إسماعيل هنية لرئاسة المكتب السياسي للحركة بديلاً لخالد مشعل المنتهية ولايته.
وتسند حماس إلى أن هنية يتمتع «بشعبية وجماهيرية كبيرة داخل الحركة، ويُعد من القيادات المعتدلة في نظر كثير من السياسيين والكتاب والمحللين وكذلك لدى كثير من الشخصيات العربية والإسلامية».
ويُعدّ هنية الذي من الممكن أن يقود حركة حماس في غزة، من التيار الذي يحاول في حماس كسب جميع الأطراف، بما في ذلك استعادة العلاقة مع النظام الإيراني، وفتح علاقات جيدة مع النظام المصري ودول عربية وإسلامية أخرى.
وتسلم هنية بعد فوز حماس رئاسة الحكومة الفلسطينية، وظل على رأسها حتى انتخب نائباً لمشعل قبل سنوات، فترك الحكومة، وتفرغ إلى العمل داخل الحركة.
وشهدت حماس في الشهور القليلة الماضية انتخابات داخلية في غزة والضفة والسجون والخارج. وأعلنت الحركة أن الأسير محمد عرمان توج قائداً لها في السجون، فيما انتخب الأسير المحرر يحيى السنوار رئيساً للحركة في القطاع، ولم يُعلَن عن اسم مسؤول الضفة الغربية خشية اعتقاله من قبل الإسرائيليين. وتكتمت الحركة على اسم مسؤولها في الخارج كذلك لأسباب لم تفصح عنها.
وبانتظار إعلان نتائج الانتخابات، قالت المصادر إن عائقاً واحداً قد يقف أمام هنية في اللحظات الأخيرة؛ أنه مقيم في قطاع غزة.
ويوجد لدى حماس نظام معمول به يقول إن رئيس المكتب السياسي يجب أن يقيم في الخارج، لكي يكون بعيداً بأقصى ما يمكن عن قبضة الإسرائيليين، ويصعب تضييق حركته في قطاع غزة، ويتسنى له الحركة بحرية من أجل خدمة حماس، وجلب الدعم السياسي والمالي لها.
وحول مصير مشعل، قالت المصادر إن مشعل سيكون ضمن مجلس الشورى الأعلى في الحركة، وهذا ما سيمكنه لاحقاً من الترشح لولاية جديدة بعد 4 سنوات.
وانتخاب قيادة جديدة لحماس، يأتي بعد أيام من إشهار مشعل نفسه وثيقة الحركة الجديدة في مؤتمر صحافي في العاصمة القطرية الدوحة، معلناً حماس متجددة ومتطورة ومنفتحة، تنأى بنفسها عن الإخوان المسلمين، وتقبل بدولة فلسطينية على حدود 67، وتسقط من أدبياتها المفهوم الديني للصراع، ومصطلحَي «يهود» و«صليبيين»، وتعد المشروع الصهيوني كمحتل هو العدو.
وقال مشعل من الدوحة فيما كان قادة حماس جميعهم على «الفيديو كونفرنس» حاضرين من غزة مفسراً أسباب كتابة الوثيقة: «إن حركة حماس حيوية متجددة تتطور في أدائها السياسي. والوثيقة مظهر طبيعي من مظاهر تطور وتجدد حماس». وأضاف: «إن حماس تقدم بهذه الوثيقة نموذجاً في التطور والانفتاح والتعامل الواعي مع الواقع دون الإخلال بالثوابت والحقوق الوطنية لشعبنا».
وعرض مشعل أهم بنود الوثيقة التي عرفت حماس كـ«حركة تحرّر ومقاومة وطنية فلسطينيَّة إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، مرجعيَّتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها ووسائلها». وتتمسك حماس بفلسطين كاملة أرضاً عربية إسلامية، وعاصمتها القدس، وتتمسك بالمقاومة، وترفض الاعتراف بإسرائيل تحت أي ظرف، لكنها تقبل بدولة على حدود 67. وترفض حماس وعد بلفور واتفاق أوسلو وأي اتفاقات ومشروعات من قبيل الوطن البديل والتوطين، وتتمسك بحق عودة اللاجئين كاملاً. وتسقط حماس أي ارتباط لها مع «الإخوان»، وتتراجع عن وصف الصراع بـ«الديني»، وإنما «مع إسرائيل المحتلة». وإعلان الوثيقة الجديدة كان أخر ظهور لمشعل كزعيم لحماس.