الحكومة اللبنانية تعلن رسمياً رفضها تمديد ولاية المجلس النيابي

عون والقوات يلوحان بالتصويت... و«حزب الله» يجدد تمسكه بالنسبية

الحكومة اللبنانية تعلن رسمياً رفضها تمديد ولاية المجلس النيابي
TT

الحكومة اللبنانية تعلن رسمياً رفضها تمديد ولاية المجلس النيابي

الحكومة اللبنانية تعلن رسمياً رفضها تمديد ولاية المجلس النيابي

لم تحقق الحكومة اللبنانية، وكما كان متوقعا، خلال الجلسة التي عقدتها يوم أمس أي خرق في جدار أزمة قانون الانتخاب التي ترزح تحتها البلاد والتي تتفاقم مع مرور الوقت والاقتراب من تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي في 20 يونيو (حزيران). وهي وإن قررت بالإجماع رفض التمديد مرة ثالثة للمجلس النيابي، إلا أن الخلافات بين الوزراء بدت واضحة في ظل الانقسام الحاصل على مسألة التصويت على مشاريع القوانين الانتخابية في حال تعذر التوافق.
وبينما يرفض «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«حركة أمل» و«حزب الله» مبدأ التصويت من منطلق أن القانون الذي نحن بصدده «مصيري»، يدعم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» هذا الطرح كخيار أخير، فيما يبدو رئيس الحكومة وتيار «المستقبل» أقرب إلى الفريق الأول المتمسك بمبدأ التوافق.
ولعل القرار الأبرز الذي اتخذه مجلس الوزراء يوم أمس هو تدوين موقف موحد في المقررات لجهة رفض تمديد ولاية البرلمان بأي ظرف من الظروف، وقد تم ذلك بطلب من رئيس الجمهورية وبموافقة رئيس الحكومة والوزراء مجتمعين.
وشدد عون خلال افتتاحه الجلسة التي عقدت في القصر الجمهوري، على ضرورة التقيد بأحكام الدستور ولا سيما منها المادة 65 التي تنص على أن القرارات في مجلس الوزراء تتخذ بالتوافق وإذا تعذر ذلك، فبالتصويت. وأضاف: «ولأني أقسمت اليمين على احترام الدستور فلا بد من التقيد بنصوصه، علما بأن التصويت عمل دستوري وهو أفضل بكثير من الفراغ». وإذ أعرب عن أسفه لاتخاذ البحث في قانون الانتخاب «طابعا طائفيا»، شدد على أن «ما يجب أن نعمل في سبيله هو الوصول إلى قانون يحسّن التمثيل ويحقق العدالة ضمن الطوائف كلها وليس لمصلحة طائفة دون أخرى، وأن أي تحسين في القانون لن يأخذ من حقوق أي طائفة».
من جهته، اعتبر الحريري أن البلاد «أمام فرصة تاريخية لمعالجة القضايا التي تهم اللبنانيين، وثمة طروحات متقدمة لم نكن نسمعها من قبل باتت تلاقي تأييدا من كل المكونات اللبنانية مثل إنشاء مجلس الشيوخ أو إلغاء الطائفية السياسية وغيرها»، مشددا على أنه «من غير الجائز أن نسمع كلاما طائفيا ومؤذيا من حين إلى آخر». وأضاف: «نحن في صدد الإعداد للانتخابات النيابية، وأعتقد أنه على الجميع أن يضحي حتى نصل إلى حيث نريد».
وبدا لافتا تشديد الحريري على «إننا قاب قوسين أو أدنى للوصول إلى حل شامل وكبير، وعلينا أن نعمل بجهد للوصول إلى هذا قانون انتخاب جديد»، وقال: «حكومتي ستفشل إذا لم تتوصل إلى مثل هذا القانون. لقد حققنا تقدما ولا يجوز أن نتوقف».
وتساءل رئيس الحكومة: «لمصلحة من الحديث عن نزول البعض إلى الشارع والذي يقابله نزول لبعض آخر... فالي أين تصل البلاد إذا ما حصل هذا الأمر؟ أن مسؤوليتنا تجاه المواطنين تدفعنا إلى تجنب مثل هذه المواقف السلبية، وعلينا مضاعفة العمل للوصول إلى اتفاق، لأن المواطن لن يغفر لنا إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه».
وبالتزامن مع الجلسة الحكومية، عقدت كتلة حزب الله النيابية اجتماعها الأسبوعي الذي شددت بعده على «وجوب إخراج لبنان من أزمته الخانقة، عبر التوافق على قانون انتخاب جديد قبل فوات الأوان». وقالت الكتلة في بيان أن «صيغة النسبية الكاملة هي الصيغة التي تتقاطع حولها المصالح الحقيقية لكل المكونات، بعيدا عن المناورات أو المزايدات، وأن الحاجة الملحة تتطلب بعض تنازلات متبادلة حول عدد وترسيم الدوائر التي يمكن اعتمادها». واعتبر حزب الله أن «التنازلات ضمن هذه الصيغة تبقى أحسن بكثير من الذهاب إلى أي خيار سيئ من بين الخيارات الأسوأ».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم