مصدر فلسطيني: لقاء عباس ـ ترمب استكشافي... ولا أحد يعرف خطوة الرئيس الأميركي المقبلة

خلاف مبكر مع واشنطن حول الأسرى بعد رفض السلطة طلباً بوقف رواتبهم

مصدر فلسطيني: لقاء عباس ـ ترمب استكشافي... ولا أحد يعرف خطوة الرئيس الأميركي المقبلة
TT

مصدر فلسطيني: لقاء عباس ـ ترمب استكشافي... ولا أحد يعرف خطوة الرئيس الأميركي المقبلة

مصدر فلسطيني: لقاء عباس ـ ترمب استكشافي... ولا أحد يعرف خطوة الرئيس الأميركي المقبلة

قال مصدر فلسطيني، إن لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب كان استكشافيا فقط، ويمهد لاتصالات مقبلة بشأن العملية السلمية. وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هناك أي اتفاق أو مواقف محددة تجاه أي من القضايا... سوى أنه يجب صنع السلام».
وتابع: «ترمب سمع رؤية الرئيس عباس حول حل الدولتين، والالتزام بالسلام والأمن، والحل التفاوضي، ومستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين. وتحدث هو بدوره، عن ضرورة صنع السلام وإمكانية ذلك، وكيف يجب أن يتم ذلك بوقف ما عده تحريضا على الإرهاب».
وبحسب المصدر، اتفق الطرفان على مواصلة الاتصالات من أجل دفع العملية السياسية. وأردف المصدر: «لا نحن ولا الإسرائيليون يعرفون خطوة ترمب المقبلة أو ماذا يريد بالضبط».
وبعد يوم من لقاء عباس وترمب، لم يشر الأميركيون أو الفلسطينيون أو الإسرائيليون إلى الخطوة المقبلة المتوقعة. واكتفى عباس أمس، بالتعبير عن عميق تقديره للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد «المحادثات البناءة والمعمقة التي مثلت بداية واعدة بخصوص التوصل للسلام خلال فترة إدارة ترمب».
وجاء في بيان رئاسي: «أكد الرئيسان بذل كل جهد ممكن للتوصل إلى معاهدة سلام تاريخية بين الفلسطينيين والإسرائيليين». وقال عباس إن «خيارنا الاستراتيجي هو حل الدولتين على حدود 1967. دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، والعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل في سلام واستقرار». وجدد التأكيد على الأهمية الاستراتيجية لمبادرة السلام العربية التي تم التأكيد عليها في مؤتمر القمة العربية المنعقد في الأردن مؤخراً.
كما أكد الزعيمان التزامهما ليكونا شركاء في محاربة التطرّف والإرهاب، لتعيش شعوب المنطقة بسلام وأمن وازدهار.
هذه النقاط، هي ما تحدث به عباس أيضا لصحافيين وقادة يهود التقاهم بعد لقائه ترمب. وقال: «سننتظر كي يبلور ترمب رؤية، ثم نحن مستعدون للعمل معه بكل طاقتنا».
وفي حين لم يتفق الزعيمان سوى على صنع السلام، برزت نقطة خلاف مبكرة حول رواتب الأسرى. فقد طلب ترمب من عباس، بطريقة أو بأخرى، التوقف عن ذلك. وقال الناطق بلسان البيت الأبيض شون سبايسر، إن ترمب أعرب عن قلقه أمام عباس بخصوص دفع السلطة الفلسطينية رواتب للأسرى في السجون الإسرائيلية، وشدد على الحاجة إلى حل المسألة.
ورفض نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني أمس، ما وصفه بالطلب «المجنون» بوقف سياسة دفع مخصصات الأسرى الفلسطينيين.
وقال مستشار الشؤون الخارجية لعباس، للإذاعة الإسرائيلية: «الأسرى الفلسطينيون هم ضحايا سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية». وأضاف: «من السخف أن نطالب بوقف دفع الرواتب لعائلات الأسرى»، مضيفا: «سيكون ذلك مثل الطلب من إسرائيل التوقف عن الدفع لجنودها».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، شن حملة منظمة في الأسابيع القليلة الماضية، حول هذه المسألة تحديدا. وقال نتنياهو، إن التوقف عن دفع رواتب الأسرى هو الدليل العملي على الرغبة الفلسطينية في صنع السلام. كما اتهم نتنياهو عباس بالتحريض على العنف.
وفي واشنطن، لمح ترمب بشكل مقتضب، إلى «العنف» الفلسطيني بالقول: «لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم ما لم يتحدث القادة الفلسطينيون في صوت واحد ضد التحريض على العنف والكراهية». ورد عباس من جهته: «إننا نربي شبابنا وأولادنا وأحفادنا على ثقافة السلام».
وعاد نتنياهو وهاجم عباس بشدة أمس، قائلا في مستهل لقائه مع رئيس الوزراء الروماني، سورين غرينديانو: «أتطلع إلى بحث أفضل الطرق لدفع عملية السلام إلى الأمام مع الرئيس ترمب. هذا هو شيء نشاطره معه بحماس... لكني سمعت الرئيس عباس الذي قال إن الفلسطينيين يربون أطفالهم على السلام. للأسف، هذا ليس صحيحا. إنهم يسمون مدارسهم على اسم قتلة جماعيين قتلوا إسرائيليين وهم يدفعون رواتب للإرهابيين». وأضاف: «لكن آمل أنه يوجد هناك احتمال لإحداث تغيير، وللسعي للسلام الحقيقي. هذا هو أمر إسرائيل دائما مستعدة له. أنا مستعد دائما لتحقيق السلام الحقيقي».
كما هاجمت حركة حماس، الرئيس عباس بشدة، وقالت إن توهم الرئيس محمود عباس بإمكان تحقيق إنجازات عبر التفاوض مع الاحتلال «الإسرائيلي»، هو تكرار للفشل، وإصرار على سياسة تقديم التنازلات للاحتلال.
وأوضح المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم، في بيان، إن «خطاب الرئيس عباس في واشنطن بعد لقاء الرئيس الأميركي ترمب، هو استمرار لمنطق الاستجداء الذي لم ولن يرجع لشعبنا أيا من حقوقه». وأضاف أن «السلوك السياسي للسلطة، سيعمق الانقسام الفلسطيني، ويعيق تحقيق المصالحة، ويوسع دائرة الخلاف الفلسطيني». وقال قاسم إن «خيار المقاومة بأشكالها كافة، هو الخيار الاستراتيجي لانتزاع الحقوق وتمكين شعبنا من تقرير مصيره، وشعبنا الذي سطر أروع الملاحم قادر على تغيير الواقع وانتزاع حقوقه كافة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.