ترمب متفائل بتحقيق السلام في الشرق الأوسط... وعباس يأمل في معاهدة «تاريخية»

أبو مازن شدد على إنهاء الاحتلال وتمسك بحل الدولتين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

ترمب متفائل بتحقيق السلام في الشرق الأوسط... وعباس يأمل في معاهدة «تاريخية»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس، ثقته في إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس للمرة الأولى في البيت الأبيض.
وقال ترمب في مؤتمر صحافي مشترك، إثر اجتماع مغلق في المكتب البيضاوي: «نريد إرساء السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وسنحقق ذلك»، من دون أن يشير إلى حل الدولتين. بدوره، ألقى عباس كلمة مقتضبة كرر فيها تمسكه بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، وأمِل بـ«تحقيق معاهدة سلام تاريخية» في عهد ترمب. وقال مخاطباً الرئيس الأميركي: «لديكم الإرادة والرغبة لتحقيق هذا النجاح، وسنكون شركاء حقيقيين لكم لتحقيق معاهدة سلام تاريخية». وأضاف عباس: «نحن الشعب الوحيد الذي بقي في هذا العالم تحت الاحتلال، ويجب أن تعترف إسرائيل بدولة فلسطين، كما نحن نعترف بدولة إسرائيل»، مشدداً على ضرورة التوصل إلى توافق حول قضايا الحل النهائي بما في ذلك اللاجئين والأسرى.
وإذ اعتبر أنه «وسيط» و«حكم» و«مسهّل» لعملية «ستقود إلى السلام»، شدد ترمب على أن الفشل المتكرر في الماضي لا يعني بالضرورة أن المهمة مستحيلة. وأضاف: «في حياتي، سمعت دائماً أن الاتفاق الأصعب الذي يمكن التوصل إليه، هو على الأرجح بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لنر إذا كنا قادرين على تكذيب هذا التأكيد». وتابع: «لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم، إذا لم يجمع القادة الفلسطينيون على إدانة الدعوات إلى العنف والكره».
وفي حين أعرب الرئيس الأميركي عن رغبته في أن يستفيد الفلسطينيون والإسرائيليون من اتفاقات أوسلو، التي وقعها أبو مازن كمفاوض فلسطيني عام 1993، وعن تخطي الحواجز التي تعترض التوصل إلى صفقة، ركز الرئيس الفلسطيني بشكل كبير على إظهار معاناة الفلسطينيين ومطالبهم المحددة في إقامة دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال، ولم يتم التطرق إلى نقل السفارة الأميركية إلى القدس أو زيارة محتملة يقوم بها الرئيس ترمب إلى رام الله.
وأشاد الرئيس الأميركي برفض عباس للإرهاب، واعتبر أن إحلال السلام في المنطقة سيسهل من إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، موضحاً أن «سلام دائم يعني هزيمة (داعش) والجماعات الإرهابية الأخرى التي تشكل تهديداً لجميع الناس. الرئيس عباس تحدث ضد (داعش)، وعلينا الاستمرار في بناء شراكة مع قوات الأمن الفلسطينية لهزيمة الإرهاب». وتابع ترمب أنه «لا يمكن إحلال سلام دائم ما لم يتكلم القادة الفلسطينيون بصوت موحد ضد التحريض والحث على الكراهية، وكل الأطفال يجب تعليمهم حب الحياة وإدانة كل من يستهدف الأبرياء»، مضيفاً أنه «علينا العمل لخلق فرص اقتصادية، والتعاون لتحقيق الأمن الإقليمي وإرساء دور القانون».
بدوره، أشاد أبو مازن بمهارات ترمب التفاوضية وقيادته التي وصفها بـ«الشجاعة»، مبدياً أمله في شراكة حقيقية لإبرام معاهدة سلام «تاريخية». ولفت الرئيس الفلسطيني إلى إمكانية إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية والإسلامية وبين دولة إسرائيل، مقابل إقامة الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. وقال: «حل السلام، سيتيح فرصة للدول العربية والإسلامية لإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل». وأبدى عباس مرونة واستعداداً للتفاوض، إلا أنه رافض أي إجراءات أحادية الجانب من إسرائيل.
ورداً على ما قاله الرئيس الأميركي من تعليم الأطفال الكراهية، قال عباس: «أؤكد لكم أننا نربي أطفالنا وأحفادنا على ثقافة السلام، ونسعى ليعيشوا بأمن وحرية وسلام، مثلهم مثل باقي أطفال العالم، وأطفال الإسرائيليين».
وقبل لقائه ترمب، قال الرئيس الفلسطيني إن «الفلسطينيين لن يقبلوا بأقل من دولة على حدود السابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وعاصمتها القدس». وأوضح عباس أنه جاء إلى الرئيس ترمب بموقف مكتوب، وتم التوافق عليه مع رؤساء دول عربية وجوهر رؤية للحل؛ دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وتابع: «نحن مع ما أقره المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد في عام 1988 في الجزائر، والذي أرسى الثوابت الوطنية الفلسطينية، وقبول القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة. وإننا نتمسك بهذه القرارات، ونعتبرها صالحة ومناسبة لحل القضية الفلسطينية».
ويأمل الفلسطينيون في أن ينجح ترمب في صنع سلام شامل في المنطقة. وقال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية إنه «إذا كانت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي جادين في القضاء على العنف والإرهاب، فالمنطلق الأساسي هو القضاء على الاحتلال، ولا بد من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحرير كل الأسرى، ولا بد من الحفاظ على الثوابت الوطنية، (وهي) الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، والقدس الشرقية هي عاصمة الشعب الفلسطيني». وأضاف: «هذه هي الشرعية العربية وهي الشرعية الدولية، وقرارات القمم العربية، والأهم من ذلك هو قرارات المجالس الوطنية الفلسطينية التي أجمع عليها الشعب الفلسطيني».
بدوره، حض خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أمس، الرئيس الأميركي على «التقاط الفرصة»، لإعطاء دفع جديد لعملية السلام في الشرق الأوسط، والتوصل إلى «حل منصف» للفلسطينيين.
واعتبر مشعل، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» من الدوحة، أن ترمب يملك «جرأة التغيير»، ولديه جرأة تفوق الإدارات الأميركية السابقة. وأضاف أن «ما ورد في وثيقة حماس يكفي لأي منصف في العالم خصوصا في العواصم الدولية، لأن تلتقط الفرصة وتتعامل بجدية مع حماس والفلسطينيين والعرب». وهو يشير بذلك إلى وثيقة جديدة اعتمدتها حركة حماس تؤكد فيها قبولها بدولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود 1967. وحول مسألة الاعتراف بإسرائيل، قال مشعل إن «إسرائيل لا تعترف بالحقوق الفلسطينية، وحين يملكون سيادتهم في دولة حرة يمكنهم الاختيار من دون ضغط خارجي». وجاءت تصريحات مشعل قبل ساعات من اجتماع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بترمب، في محاولة لإحياء عملية السلام».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم