ما الهدية التي يمكن أن تقدمها شركة منتجات مترفة لنفسها احتفالا بميلادها الـ20؟. الجواب الذي توصلت إليه «سما» للنظارات Sama Eyewear أن أجمل هدية أن تؤرخ المناسبة بافتتاح أوّل متجر لها في المملكة العربية السعودية. فأهل المنطقة يعشقون كل ما هو مترف من جهة، كما أنهم أكثر من يُقدر أهمية النظارات الشمسية في حياتهم اليومية من جهة ثانية. على الأقل هذا ما أثبتته تجربتها الأولى في بلومينغدايلز بمدينة الكويت وجسها النبض في كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر. لكن سوق المملكة السعودية مختلفة حسب رأي شيلا فانس، المديرة الإبداعية ومؤسسة الدار، من ناحية أنها كانت تحتاج إلى وقت ودراسة حتى تأتي الاحتفالية بالشكل المناسب. وبالنهاية رسا خيارها على محلات هارفي نكولز بمدينة الرياض كمقر لاحتضان تصاميمها المصنوعة يدوياً بمعايير تتمتع بكل عناصر التفرّد. تقول شيلا فإنس أنها ومنذ أن أطلقت علامتها في العام 1997 وعينها على الشرق الأوسط لا سيما أن الكثير من زبائنها كانوا من المنطقة، لكنها كانت مقتنعة بأنه عليها أن تفرض نفسها في لوس أنجليس أولا لأنها المكان الذي شهد ولادة علامتها ومغازلة نجوم هوليوود نظرا لقربها منهم. وبالفعل نجحت في استقطاب أسماء من عيار براد بيت وأنجيلينا جولي وجينيفر لوبيز وإيفا لونجوريا وسارة جيسيكا باركر وتوم كروز بالإضافة إلى الطبقات الأرستقراطية الأوروبية مثل عائلة غريمالدي بموناكو. وهكذا بعد 20 عاما من الأبحاث وعمليات التطوير المستمرة، توسعت خريطة المعجبين لتشمل شخصيات عربية، الأمر الذي شجع شيلا أن تتوجه إليهم في عُقر ديارهم عوض الاكتفاء بمغازلتهم من بعيد. تقول: إنها تعرف أن زبون المنطقة يقدر كل ما هو متميز وفريد وتصاميمها تترجم هذا الرغبة وتُجسدها. فالمواد التي تستعملها مختلفة عما هو مستعمل في النظارات الشمسية المتوفرة في أسواق الموضة العالمية، فهي مثلا إما مصنوعة من التايتانيوم الصافي 100 في المائة وإما من أسيتات زِيل اليابانيّ، أو المعادن الثمينة والأحجار نصف الكريمة وكريستال سواروفسكي®، أو الطلاء الخالي من النيكل فضلا عن العدسات المستقطبة، والمستقطبة المتدرّجة وغيرها. ورغم أن مقرها الرئيسي يوجد في لوس أنجليس، إلا أن تجميعها وتشطيبها اليدوي يتم في اليابان لسبب واضح هو الحصول على أعلى درجة ممكِنة من الجودة.
هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟https://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/5100892-%D9%87%D9%84-%D8%AA%D9%86%D9%82%D8%B0-%D9%85%D8%AD%D8%B1%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D9%82%D8%A9-%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9%D8%9F
من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
إذا اتفقنا على أن مجلس الموضة البريطاني هو الربان الذي يقود دفة هذا القطاع بتقديم وسائل الدعم والأمان لصناعها والمبدعين فيها، فإن تعيين لورا وير رئيساً له، ذو أهمية قصوى. ربما الآن قبل أي وقت مضى. فهذا القطاع يعاني منذ عدة مواسم. محلات كبيرة أغلقت أبوابها واكتفت بتوفير منتجاتها عبر التسوق الإلكتروني، ومصممون شباب اختفوا من الساحة، أو على الأصح من الواجهة بسبب شح الموارد والإمكانات وغيرها من المشكلات التي لا تزال تبحث عن حلول.
شح الموارد والتغيرات الخارجية
لهذه الأسباب، كان من البدهي أن يفقد أسبوع لندن وهجه، إلى حد أنه بات يمر مرور الكرام من دون تهليل أو حماس في الآونة الأخيرة. المقياس هنا لا يقتصر على تراجع حجم التغطيات الإعلامية فحسب، بل أيضاً على عدد الحضور العالمي، الذي تقلص بشكل ملحوظ، بسبب الحجر أيام جائحة كورونا ومنع السفر بدايةً، ثم بسبب خفض الميزانيات المخصصة لمجلات الموضة، التي لم تسلم هي الأخرى من تبعات الأزمة الاقتصادية.
في ظل هذا التخبط، بين شح الإمكانات ومتطلبات الأسواق العالمية الجديدة وتغير سلوكيات تسوق جيل شاب من الزبائن، يأتي تعيين لورا مثيراً للحماس والفضول. فالمطلوب منها هو تحريك المياه الراكدة وقيادة الدفة بالاتجاه الذي تحتاج إليه الموضة البريطانية لتتجاوز العاصفة إلى بر الأمان.
مَن لورا وير؟
السؤال الذي يمكن أن يطرحه البعض :هو كيف وصلت وير إلى هذا المنصب المؤثر؟ وما سيرتها الذاتية؟ والجواب أنها حتى عهد قريب عملت في محلات «سيلفردجز» اللندنية رئيساً في قسم الإبداع والتواصل. قبل ذلك ولعقدين من الزمن، عملت محررة أزياء متخصصة في عدة مجلات، نذكر منها «درايبرز» و«فوغ» النسخة البريطانية، وصحيفة «ذي صانداي تايمز». في عام 2015، عُيِنت رئيسة تحرير للملحق الأسبوعي ES لجريدة «إيفنينغ ستاندرد» الذي أعادت تصميمه بالكامل. بعد أن تركت المجلة ES أنشأت وكالة استراتيجية متخصصة في الاتصالات والتوجيه الإبداعي، وفي عام 2023، انضمت إلى محلات «سيلفردجز» للإشراف على فريق الإبداع والتسويق والاتصالات. هذا فضلاً عن مناصب أخرى شغلتها وكانت لها ذات الأهمية. كانت مثلاً عضواً في مجلس الموضة البريطاني قبل أن تكون رئيساً له. كما كانت مستشارة للأكاديمية البريطانية لفنون الأفلام والتلفزيون (بافتا).
هذه المناصب وغيرها فتحت أمامها أبواب التعامل المباشر مع صناع الموضة الكبار والصغار وأيضاً مع المواهب الصاعدة من شتى الفنون. تعرفت على طموحاتهم ومشكلاتهم. على خبايا الأمور وظاهرها. وهذا ما يجعلها خير خلف لكارولاين راش التي تبوأت هذه الوظيفة لـ16 عاماً، وأعلنت مغادرتها له في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
التحديات
رغم أهمية المنصب الذي ستبدأه بشكل فعلي في شهر أبريل (نيسان) المقبل، فإن التوقيت شائك ويحتاج إلى دراية عالية ونَفَس طويل. فصناعة الموضة البريطانية تعاني من تباطؤ وركود منذ سنوات، وأسبوعها الذي يعد الأوكسجين الذي يتنفس منه مبدعوها ويطلون من خلاله على العالم أصابه الوهن بشكل لم يشهده منذ انطلاقه في عام 1984. صحيح أنه مرَّ بعدة أزمات في السابق، لكنها كانت ماليّة في الغالب، إذ كان يشكو من شح التمويل والإمكانات، فيما هي الآن نفسية أيضاً بسبب التراكمات الاقتصادية والسياسية وما نتج عنها من ضغوط وقلق.
ما لا يختلف عليه اثنان أن أسبوع لندن لا يزال يتمتع بروح الابتكار، وأنه لا يزال أكثر واحد من بين العواصم العالمية الأخرى، نيويورك وميلانو وباريس، احتضاناً للآخر. يفتح الأبواب على مصراعيها لكل الجنسيات، ويمنح فرصاً لكل من توسّم فيه الإبداع، إلا أنه يتعثَّر منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فنسبة عالية من العاملين في صناعة الموضة من جنسيات مختلفة. كأن هذا لا يكفي، جاءت جائحة كورونا ثم حرب أوكرانيا وغيرها من الأحداث التي كان لها أثر مباشر على كثير من المصممين وبيوت الأزياء. روكساندا إلينشيك، مثلاً، وهي مصممة صربية الأصل ومن أهم المشاركين في أسبوع لندن، كادت تتعرض للإفلاس العام الماضي، لولا تدخل أحد المستثمرين. وإذا كانت «روكساندا» محظوظة في هذا الجانب، فإن غيرها تواروا عن الأنظار بصمتٍ لأنه لا أحد أمدَّهم بطوق نجاة.
بل حتى دار «بيربري» التي كانت تتمتع بأكبر قوة إعلانية في بريطانيا، الأمر الذي يجعلها عنصر جذب مهماً لوسائل إعلام وشخصيات عالمية تحرص على حضور الأسبوع من أجلها، تشهد تراجعاً كبيراً في المبيعات والإيرادات. بدأت مؤخراً تراجع استراتيجياتها وتُعيد النظر في حساباتها.
استثمار في المواهب
ومع ذلك فإن قوة الموضة البريطانية تكمن في شبابها. هم الورقة الرابحة التي تُعوِّل عليها للإبقاء على شعلة الإبداع من جهة، وعلى سمعة أسبوعها العالمي منبعاً للابتكار وتفريخ المصممين من جهة ثانية. قد يجنحون إلى الغرابة أو حتى إلى الجنون أحياناً لكنه جنون يغذّي الخيال ويحرِّك الأفكار الراكدة، وهذا ما تعرفه لورا جيداً بحكم تعاملها الطويل معهم.
والدليل أن لورا لا تقبل التحدي فحسب، بل تعده مثيراً. في بيان صحفي وزَّعه مجلس الموضة البريطاني قالت: «يشرفني أن أقود الفصل الجديد في وقت مثير ومحوري لصناعة الأزياء البريطانية... إني أتطلع إلى العمل مع فريق المجلس لدعم الثقافة والإبداع، وتحفيز نمو الأزياء البريطانية، محلياً وعالمياً، وكذلك دعم المصممين الناشئين والمخضرمين على حد سواء».
ما مهمات الرئيس؟
ما خفيَ من مسؤوليات منصب رئيس مجلس الموضة البريطانية أكبر من مجرد دعم الشباب وتحريك السوق. من بين ما على لورا وير فعله، عقد شراكات مجدية مع صناع الموضة، من رجال أعمال وأصحاب مصانع وحرفيين من شتى المجالات، إلى جانب التواصل مع جهات حكومية. فقطاع الموضة من أهم القطاعات الصناعية في بريطانيا، ويعد الثاني بعد صناعة السيارات، وهو ما يجعله من أعمدة الاقتصاد الأساسية.
في دورها الجديد أيضاً، ستشرف لورا على المعاهد الدراسية والأكاديميات المتخصصة، بتوفير منح للمتفوقين أو من ليست لديهم الإمكانات لدفع رسوم الدراسات العليا من خلال برامج عدة جرى إنشاؤها منذ سنوات، وكل ما عليها الآن هو إمدادها بطاقة جديدة تُعيد لها حيويتها وديناميكيتها.