بيروت... آمال كبيرة في الانضمام لأسابيع الموضة

أسبوع تنوعت فيه التصاميم والأسماء حلماً بالعالمية

من تصاميم عبد محفوظ  -  من عرض فرزن منان
من تصاميم عبد محفوظ - من عرض فرزن منان
TT

بيروت... آمال كبيرة في الانضمام لأسابيع الموضة

من تصاميم عبد محفوظ  -  من عرض فرزن منان
من تصاميم عبد محفوظ - من عرض فرزن منان

اختتمت أخيراً الدورة الرابعة لأسبوع الموضة في بيروت، مسدلةً الستار على أيام سبعة اجتهدت فيها باقة من المصممين اللبنانيين والأجانب لإعادة العاصمة اللبنانية إلى خريطة الموضة. حجم الحضور وتنوع الفعاليات، فضلاً عن التغطيات الإعلامية، أكد أنّ الحدث يتطور مع كل موسم كما يشي بطموحه أن ينافس عواصم الموضة العالمية، سواءً من حيث التنظيم أو العروض. ورغم أن الكلمة الأولى والأخيرة كانت للأزياء، فإن حماس الجميع على إنجاحه كان ملموساً ومثيراً للانتباه، فضلاً عن احتضانه مواهب جديدة تأمل في أن تحفر لها اسماً في ساحة الموضة وأسماء من بلدان أخرى جذبهم بريق بيروت وتاريخها في هذا المجال.
افتتح الأسبوع بعرض مشترك بين مصممة الأزياء أمل أزهري ومصمم الجواهر باولو بونجا، حيث قدمت أزهري مجموعة من القفاطين التي كان بعضها مناسبات لشهر رمضان المقبل، فيما جاء بعضها الآخر شفافًا وخفيفاً لمناسبات للصيف وأجواء الشاطئ. اللافت فيها كان تنوع الألوان التي تعشقها المرأة العربية. وعلق باولو بونجا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يزال يتذكر مشاركته في أسبوع الموضة في بيروت في عام 1999، ودعوته للعارضة العالمية ناعومي كامبل آنذاك لعرض جواهره، مشيراً إلى أن الأسبوع البيروتي يحتاج إلى دعم المصممين ومساهماتهم القوية حتى يأخذ حقه ومكانته في ساحة الموضة العالمية.
في اليوم الثاني، استمتع الحضور بعرضي كل من عبد محفوظ ورولا مهنا صاحبة «ميزون رولا». وإذا كان الأول معروفاً عالمياً بحكم مشاركته سابقاً في ألتا روما لـ«هوت كوتير» وأخيراً في دبي وغيرها من العواصم العالمية، فإن رولا تشارك في الأسبوع البيروتي لأول مرة، علماً بأنها تتمتع بخبرة كبيرة في عالم تصميم الأزياء. فبعد تخرجها في باريس، وعملها مع بيوت أزياء مثل «ديور»، وإيلي صعب وزهير مراد قررت منذ سنوات قليلة فقط إطلاق ماركتها الخاصة. الأمر الذي شجعها أن ابنتها اختارت دراسة اختصاصها نفسه في باريس. أسلوبها يتميز بالهدوء الكلاسيكي، الذي يمكن القول إنه أقرب للأسلوب الأوروبي منه إلى العربي والشرقي. وفي اليوم نفسه، قدم المصمم عبد محفوظ تشكيلته الأخيرة، وكان عنوانها التنوع، سواءً في الألوان أو القصات. وكانت النتيجة فساتين رومانسية ساحرة.
في اليوم الثالث، قدمت المصممة ندوى الأعور مجموعة غلبت عليها الفخامة. فتصاميمها راقية ومحتشمة في الوقت ذاته مما يجعلها مناسبة للمرأة العربية بكل تفاصيلها، سواءً كانت على شكل تنورات أو بنطلونات أو فساتين. ولم يضاهِ تنوع تصاميمها سوى تنوع ألوانها، وإن كان الذهبي الأكثر حضوراً وإثارة. فقد كان لون فستان عروسها لعام 2017، الذي رصّعته بأكثر من 130 ألف حبة من كريستال شواروفسكي. وتؤكد الأعور أنّ الأنوثة مترسخة بداخل كل امرأة، ودورها كمصممة أن يعكس كل زي تُبدعه هذه الأنوثة لتخرجها إلى السطح وتبرزها بشكل أنيق. المصمم حنا توما قدم بدوره ما لا يقل عن 45 كان الغالب فيها «الرغبة في الهروب»، حسبما شرحته ابنته شيرين توما. فهو يتحدث عن 3 فتيات يرغبن في الهرب من الواقع والروتين والتوجه في رحلة إلى أماكن بعيدة تتطلب تصاميم وخامات متنوعة حتى تناسب كل بيئية يتوجهن إليها وكل مناخ يواجهنه. وتشير شرينا إلى أنها ليست المرة الأولى التي تشارك فيها في أسبوع الموضة ببيروت، مضيفة أنه فرصة حقيقية لتقديم مصممي المنطقة للعالم، وفي الوقت ذاته إعادة اسم لبنان لخريطة الموضة العالمية. بعدها كان اللقاء مع المصمم عقل فقيه الذي عاد بعد غياب بقوة، لأنه لم يخص المرأة وحدها بإبداعاته، بل لم ينسَ الرجل أيضاً، حيث تضمنت تشكيلته تصاميم للجنسين تتراقص بألوان الصيف على أقمشة مثل الدانتيل والساتان والحرير.
اليوم الرابع خصصه المنظمون للمواهب الشابة حتى تأخذ فرصتها، وفي الوقت ذاته، يأخذ الحضور نفساً لمتابعة أعمال مصممين لهم شأن في الساحة اللبنانية من أمثال صادق ماجد، وميراي داغر، التي استوحت عرضها من أسلوب الراحلة صباح، والأخوين جورج وإدوار شويتر وآخرين من بلدان أخرى مثل الباكستانيين فراز منان، وسانيا ماسقطايا، والمصممة الفرنسية سعودية الأصل سكينة.
بعضهم أبدع وقدم أفضل ما عنده لحد الآن، وبعضهم الآخر مال إلى البهرجة في التفاصيل والمبالغات، الأمر الذي جعلها تبدو متكلفة وأفقدها بعض جمالها. غني عن القول إن الباكستانيين فراز منان، وسانيا ماسقطايا استلهما من التراث الباكستاني مع إدخالهما لمسات عصريّة عليها أضفت عليها كثيراً من الإثارة والفخامة، لا سيما أن تطريزاتها كانت سخية. تجدر الإشارة هنا إلى أن اسم فراز منان ارتبط بأفراد من الطبقات المخملية ونجمة بوليوود كارينا كابور وغيرهم ممن يعشقون أسلوبه.



5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.