محكمة مصرية تحظر ترشح قادة «الحزب الوطني» للبرلمان

فقهاء دستوريون استبعدوا أن يجد طريقه إلى التطبيق

محكمة مصرية تحظر ترشح  قادة «الحزب الوطني» للبرلمان
TT

محكمة مصرية تحظر ترشح قادة «الحزب الوطني» للبرلمان

محكمة مصرية تحظر ترشح  قادة «الحزب الوطني» للبرلمان

قضت محكمة مصرية أمس بانتفاء أحقية قيادات الحزب الوطني، الذي هيمن على الحياة السياسية طوال ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل حله بحكم قضائي عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، في الترشح للانتخابات البرلمانية والمحليات. واستبعد خبراء قانونيون تطبيق الحكم لتعارضه مع أحكام سابقة، لكنهم قالوا إنه يضع الحكومة المؤقتة في حرج.
وصدر حكم منع قيادات حزب مبارك من الترشح في الانتخابات من محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة أمس. واختصمت محامية في دعواها رئيس الوزراء إبراهيم محلب، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، والنائب العام هشام بركات. وسبق للمحكمة ذاتها أن أصدرت عدة أحكام قضائية مثيرة للجدل القانوني خلال الشهور القليلة الماضية، على رأسها حكم بحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين، وعدها «تنظيما إرهابيا»، كما أصدرت حكما بحظر نشاط حركة «شباب 6 أبريل» أبرز الحركات الاحتجاجية في البلاد، وحكما آخر يقضي أيضا بحظر نشاط حركة المقاومة الإسلامية حماس.
من جانبه، قال الفقيه الدستور والقانوني الدكتور نور فرحات لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الحكم مخالف لقواعد الاختصاص الولائي بين أعمال القضاء العادي وأعمال القضاء الإداري»، مشددا على أن الحكم غير ملزم لأي جهة من جهات الدولة، واصفا الحكم بـ«المنعدم». وأشار فرحات وهو قيادي في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إلى أن «انعدام حكم منع قيادات الوطني لغياب الاختصاص ينسحب بدوره على الأحكام السابقة التي صدرت من المحكمة نفسها بخصوص جماعة الإخوان وحركة حماس وحركة 6 أبريل».
وكانت قوى سياسية، على رأسها جماعة الإخوان، التي هيمنت على أول مجلس تشريعي منتخب بعد ثورة 25 يناير، نجحت في تمرير قانون «العزل السياسي» الذي يمنع قيادات الحزب لعدة سنوات من مباشرة حقوقها السياسية، بما في ذلك حق الترشح. لكن المحكمة الدستورية أصدرت في وقت لاحق (آنذاك) حكما بانتفاء دستورية القانون، كما لم تعتد لجنة الانتخابات الرئاسية بالقانون وسمحت للفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، بالترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2012.
وقال المحامي البارز الدكتور شوقي السيد، الذي مثل الفريق شفيق أمام لجنة الانتخابات الرئاسية، إن «الحكم قابل للطعن عليه، لكني أشير إلى حكم القضاء الإداري بأحقية أعضاء وقيادات الحزب الوطني في الترشح للانتخابات، وهو الحكم الذي أشار إلى أن حل الحزب لا يعني حرمانهم من مباشرة الحقوق السياسية».
وأضاف السيد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «في حال تعارض حكم محكمة القضاء الإداري، وحكم الأمور المستعجلة، يمكن اللجوء إلى المحكمة الدستورية للفصل في القضية، وقد سبق للمحكمة أن قضت بعدم دستورية قانون العزل». وأشار السيد إلى أن صفة الخطر والضرر الحالي، وهي الحالات التي تقيم على أساسها محكمة الأمور المستعجلة صلتها بالقضية لا تنطبق على هذه الحالة، وتابع أنه «ربما ينطبق هذا على قضايا تتعلق بالإرهاب، كحظر نشاط جماعة الإخوان، لكن لم يكن هناك داع للعجلة في الفصل في هذه القضية».
ووضع نص انتقالي في دستور البلاد الذي صدر في عام 2012 خلال حكم الرئيس السابق محمد مرسي، يحظر على قيادات الحزب الوطني مباشرة حقوقهم السياسية، لكن ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أنهت حكم مرسي أطاحت أيضا بـ«دستور الإخوان»، وأقر دستور جديد مطلع العام الجاري في استفتاء شعبي.
ولا يحق - من الناحية الشكلية - لأعضاء أو قيادات الحزب الوطني الطعن على الحكم لكونهم غير مختصمين في القضية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.