وزير المالية السعودي: مركزنا المالي قوي وارتفاع في حجم الاحتياطيات المالية

افتتح الدورة الـ12 لمؤتمر «يوروموني السعودية 2017»

وزير المالية السعودي خلال مؤتمر يورومني (تصوير: خالد الخميس)
وزير المالية السعودي خلال مؤتمر يورومني (تصوير: خالد الخميس)
TT

وزير المالية السعودي: مركزنا المالي قوي وارتفاع في حجم الاحتياطيات المالية

وزير المالية السعودي خلال مؤتمر يورومني (تصوير: خالد الخميس)
وزير المالية السعودي خلال مؤتمر يورومني (تصوير: خالد الخميس)

أكد محمد الجدعان وزير المالية متانة المركز المالي للسعودية في ظل ارتفاع حجم الاحتياطيات المالية، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشر الماضية، حيث يمثل نحو (50 في المائة) من اقتصاد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويشكل ثالث أكبر احتياطي للعملة في العالم.
وتحدث الوزير الجدعان، خلال افتتاح الدورة الـ12 لمؤتمر «يوروموني السعودية 2017»، والمعرض المصاحب، الذي تنظمه مؤسسة (يوروموني العالمية) بالتعاون مع وزارة المالية، بحضور مسؤولين حكوميين وخبراء دوليين، ومصرفيين، ومسؤولي القطاع المالي على مستوى المملكة، والصعيد العالمي. عن مستوى الدين العام، وعده الأقل من بين دول مجموعة العشرين وقال إن «هذا من شأنه أن يُسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، والحد من الآثار السلبية الناتجة من انخفاض أسعار النفط، وإن السياسات النقدية التي تتبعها المملكة أسهمت في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي».
ويبحث المؤتمر عدة موضوعات استراتيجية مهمة، تتعلق بالمشروعات المنسجمة مع «رؤية المملكة 2030». والآفاق الاقتصادية لعام 2017م، كما يشهد جلسات خاصة حول برنامج إصدار السندات في المملكة، وآفاق القطاع النفطي، وحلقات نقاشية حول خطط الخصخصة، والاكتتابات العامة، ويستضيف المؤتمر جلسة حوارية خاصة حول التقنيات المالية، والأمن السيبراني، وهو الأمن المعني بمجموعة الوسائل التقنية والإدارية، التي يتم استخدامها لمنع الاستخدام غير المصرح به.
وفي بداية برنامج المؤتمر افتتح وزير المالية المعرض المصاحب له، حيث تجول والوزراء والضيوف المشاركون في أروقة المعرض وخلال منصات وأجنحة الجهات المشاركة من القطاعين العام والخاص، واستمع إلى شرح عن محتويات عدد من المنصات والأجنحة المعروضة، من أبرزها جناح وزارة المالية، الذي يتكون من وحدة السياسة المالية الكلية، ومكتب إدارة الدين العام، ومبادرات الوزارة ضمن برامج التحول الوطني.
وألقى وزير المالية كلمة رحب فيها بالحضور والمشاركين من داخل المملكة وخارجها، مثمناً جهود القائمين على تنظيم هذا المؤتمر المهم منذ تاريخ انطلاقه بالتعاون مع وزارة المالية في عام 2005م. وتطرق إلى أداء الاقتصاد العالمي الذي يشهد تحسناً ملحوظاً رغم التحديات الراهنة نتيجة استمرار تعافي أداء الاقتصاد الأميركي، وقيام الصين بتبني سياسات اقتصادية توسعية للحد من تباطؤ النشاط الاقتصادي. وتناول واقع الاقتصاد السعودي؛ مؤكداً متانة المركز المالي للمملكة في ظل ارتفاع حجم الاحتياطيات المالية، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشر الماضية، حيث يمثل نحو (50 في المائة) من اقتصاد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويشكل ثالث أكبر احتياطي للعملة في العالم. وتحدث عن مستوى الدين العام، وعده الأقل من بين دول مجموعة العشرين وقال إن «هذا من شأنه أن يُسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، والحد من الآثار السلبية الناتجة من انخفاض أسعار النفط، وإن السياسات النقدية التي تتبعها المملكة أسهمت في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي».
وأوضح الجدعان أن المملكة تشهد اليوم نقلة نوعية غير مسبوقة، تعزز من متانة اقتصادها، حيث قامت وزارة المالية بإنشاء وحدة مختصة بالسياسات المالية الاقتصادية، تهدف إلى حوكمة سياسات الوزارة المالية والاقتصادية، وإنشاء مكتب للدين العام يُعنى بإدارة الدين العام للمملكة. وبين أن مكتب الدين العام حقق اهتماماً كبيراً من قبل المستثمرين لأول إصدار دولي في برنامج الصكوك السعودية الدولية، حيث تجاوز المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب لهذه الصكوك مبلغاً قدره 33 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل 123.75 مليار ريال سعودي، وكان الحجم الإجمالي للإصدارات 9 مليارات دولار أميركي ما يعادل 33.75 مليار ريال سعودي، ما يؤكد الثقة في اقتصادنا ومساره المستقبلي.
وحول الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها حكومة المملكة؛ لفت وزير المالية إلى أنه تم إجراء إصلاحات مالية واقتصادية هيكلية للتنويع الاقتصادي، مع التركيز على رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، فضلاً عن قيام الحكومة بوضع برنامج وطني باسم «حساب المواطن» يهدف للحد من الآثار المحتملة جراء تطبيق تلك الإصلاحات الاقتصادية على تكاليف المعيشة والقوة الشرائية، خصوصاً للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وأشار وزير المالية إلى أن الحكومة تبنت أكثر من 150 مبادرة لرفع كفاءة الإنفاق التشغيلي والرأسمالي في جهات حكومية مختلفة، مفيدً أن البرامج العشرة التي أعلنتها الحكومة تأتي استكمالاً لبرنامجي التحول الوطني والتوازن المالي، حيث تركز السياسات المالية بالمملكة على تنويع مصادر تمويل المالية العامة، وتحقيق أعلى مستويات الشفافية وأفضل الممارسات في إعداد وتنفيذ الميزانية، مع مراعاة الآثار الاقتصادية المحتملة جراء ضبط أوضاع المالية العامة، لا سيما على مستوى التوظيف ومعدل التضخم ونمو الأنشطة الاقتصادية محليا، وقال لذلك فقد رصدت الحكومة ضمن ميزانية هذا العام ما يزيد على أربعين مليار ريال للإنفاق على مبادرات التحول الوطني، كما رصدت نحو مائتين وعشرين مليار ريال إضافية للإنفاق على مبادرات التحول الوطني خلال السنوات الثلاث المقبلة. وفي شأن تفعيل دور القطاع الخاص في دعم النشاط الاقتصادي وتوليد الوظائف؛ وكشف الوزير الجدعان عن أنه تم تحديد حزمة تحفيزية بمائتي مليار ريال على مدى أربع سنوات تبدأ هذا العام ولأجل مشاركة القطاع الخاص في تقرير المبادرات المناسبة لحزم التحفيز عُقدت سلسلة من ورشات العمل مع ممثلين عن القطاع، ستنتهي في غضون ستة أسابيع، وسوف يتم الإعلان عن نتائجها بحلول نهاية الربع الثاني. وأكد أن السياسات الحكومية ستركز على إصدار التشريعات الهادفة إلى تعزيز نمو القطاع الخاص، ودعم تنمية المحتوى الوطني، وتوفير مزيد من الفرص الاستثمارية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ورفع كفاءة سوق العمل وزيادة الوظائف.
وأشار الجدعان إلى أن الدولة ممثلة بوزارة المالية تولي اهتماماً خاصاً بمشروع توحيد وتسهيل إجراءات المنافسات والمشتريات الحكومية عبر بوابة إلكترونية متكاملة وهي بوابة «منافسات»؛ لتكون نموذجاً وطنياً وفق أفضل الممارسات العالمية يحقق الريادة والتنافسية عبر دعم مبدأ الشفافية بين الجهات الحكومية والموردين.
وأكد وزير المالية أن الوزارة أعدت آلية تسديد مستحقات القطاع الخاص بحيث لا يتجاوز 60 يوماً من وصول أوامر الدفع للوزارة مستكملة الإجراءات من الجهة المستفيدة، وأنه تم تفعيل ذلك والالتزام به منذ بداية العام الحالي، وكشف أن (90 في المائة) من المدفوعات تتم الآن في غضون 30 يوماً. وبين أنه سعياً لتطوير إطار متكامل للميزانية العامة وتعزيز مستوى الشفافية والمراقبة المالية؛ فستقوم الوزارة بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة لجمع المعلومات عن الظروف الحالية للاقتصاد الكلي، حيث تم البدء في إعداد تفاصيل الميزانية للعام المقبل مع الجهات وفقاً للسقوف المعتمدة من بداية السنة المالية الحالية.
وكشف وزير المالية السعودي، عن أن الوزارة بصدد إعلان التقرير الربعي للميزانية العامة للدولة للربع الأول من العام الحالي خلال أيام لهدف تعزيز الشفافية والإفصاح المالي.
وجرت خلال المؤتمر جلسة نقاش مع وزير المالية محمد الجدعان من قبل كريستوفر غارنيت أحد المستشارين الدوليين لمؤسسة «يوروموني العالمية»؛ تناولت موضوعات محورية كمسؤوليات وإجراءات وزارة المالية بعد توليه قيادتها، وكيفية التوازن الذي تقوم به الوزارة بين مساري التقشف والحاجة إلى النمو، وكذلك مسؤولية الوزارة في تعزيز الوظائف، خصوصا الوظائف الصغيرة والمتوسطة الحجم في القطاع الخاص، إلى جانب إصدار الديون السيادية السعودية.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.