المغرب: نقابة «الاستقلال» تقاطع احتفالات عيد العمال

احتجاجاً على قرارات الحكومة السابقة

جانب من احتفالات «أول مايو» في شوارع الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
جانب من احتفالات «أول مايو» في شوارع الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

المغرب: نقابة «الاستقلال» تقاطع احتفالات عيد العمال

جانب من احتفالات «أول مايو» في شوارع الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
جانب من احتفالات «أول مايو» في شوارع الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)

قاطع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابية لحزب الاستقلال، احتفالات عيد العمال أمس بعدما ظل طوال السنوات الثلاث الماضية ينظم مظاهرات صاخبة في الرباط يقودها أمينه العام حميد شباط ضد عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة السابق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية.
وعلل الاتحاد العمالي، الذي يعد من النقابات الأكثر تمثيلية، مقاطعته الاحتفالات احتجاجا على عدم استكمال تنفيذ اتفاق 26 أبريل (نيسان) 2011، الذي كان يقضي بتوظيف عدد من الشباب الجامعيين في عهد الحكومة التي كان يرأسها عباس الفاسي الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، بالإضافة إلى «تجميد الحوار الاجتماعي بين الحكومة السابقة والنقابات لمدة 5 سنوات، والتسريح الجماعي والفردي والتعسفي للعمال والتعنيف المفرط للاحتجاجات السلمية».
وطالبت النقابة الحكومة الجديدة بالاستجابة للمطالب لـ«تحقيق التنمية والسلم»، وحذرت من أن عدم الاكتراث بحل المشكلات «عوامل تكثر بؤر التوتر والغضب الذي نريد أن نتحاشاه لأننا نريد استقرارا وطمأنينة للمملكة وللطبقة العاملة».
ومرت مظاهرات النقابات في الرباط في أجواء عادية، شارك فيها ممثلو نقابات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل، والمنظمة الديمقراطية للشغل، وتوحدت مطالبها حول رفع أجور العمال، وتحسين ظروف العمل.
وأعلن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الجديدة، اعتزامه إطلاق حوار مع النقابات الذي ظل يراوح مكانه في عهد سلفه ابن كيران، بسبب الخلاف بينه وبين زعماء النقابات بشأن ترتيب الأولويات. فبينما كانت النقابات تطالب الحكومة برفع الأجور، كان ابن كيران يرى أن من أولويات حكومته الاهتمام بالفئات الفقيرة التي لا تملك أي دخل قار، أو محدود، بينما الموظفون في المغرب يتمتعون، كما ظل يردد، بأعلى معدل رواتب في المنطقة.
من جهته، وعد محمد يتيم وزير التشغيل والإدماج المهني المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية والرئيس السابق لنقابة الحزب، بمواصلة الحكومة تطوير التشاور والحوار مع كل الاتحادات العمالية، كما تعهد الوزير في كلمة وجهها ليلة أول من أمس إلى العمال بمناسبة يومهم العالمي بمواصلة تنفيذ البرنامج الحكومي (2016 - 2021) من أجل مراجعة مدونة (قانون) الشغل لملاءمة مقتضياتها معايير العمل الدولية، وتطوير قوانين الشغل لضمان العمل اللائق لكل الفئات، وتنافسية المقاولة المغربية، وتيسير استفادة الفئات الفقيرة من فرص العمل، ومواكبة المهاجرين في وضعية قانونية من أجل تيسير إدماجهم المهني. كما وعد يتيم بإقرار القانون التنظيمي المتعلق بشروط وإجراءات ممارسة حق الإضراب، وإعداد القانون المتعلق بالنقابات المهنية، وغيرها من الإجراءات.
وفي الدار البيضاء، طالب الميلودي مخارق أمين عام الاتحاد المغربي للشغل (أقدم اتحاد عمالي في المغرب)، الحكومة الجديدة بسحب قانون الإضراب من البرلمان، وإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي، مشيرا إلى أن حق الإضراب الذي يكفله الدستور المغربي ليس هبة من أحد، بل انتزعته الطبقة العاملة المغربية عبر نضالات مريرة. كما انتقد مخارق طرح حكومة العثماني مراجعة قوانين الشغل ضمن برنامجها الحكومي، مشيرا إلى أنها جاءت ثمرة توافق بين الدولة والنقابات ورجال الأعمال.
ونعت مخارق حكومة العثماني بـ«النسخة الثانية لحكومة ابن كيران»، التي قال إن ولايتها كانت كارثية على الطبقة العاملة وعلى الشعب المغربي بشكل عام، وهاجم العثماني معتبرا إياه معاديا للطبقة العاملة، مشيرا إلى أنه لم يتصل بالنقابات، ولم يستشرها خلال إعداد برنامجه الحكومي.
وانتقد مخارق مضامين البرنامج الحكومي الذي قدمه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني للبرلمان، واصفا إياه بأن همه الأساسي هو «الحفاظ على التوازنات المالية والاقتصادية على حساب التوازنات الاجتماعية والمجتمعية والاستقرار والتماسك الاجتماعي، مما يعني أن الحكومة الجديدة ستنتهج سياسة التقشف ذات الانعكاسات الخطيرة والمدمرة للاستثمار العمومي».
واتسم مهرجان أول مايو (أيار)، الذي نظمته الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في الحي التجاري «درب عمر»، بأنه باهت بسبب تغيب محمد نوبير الأموي، الأمين العام للاتحاد العمالي المقرب من اليسار الراديكالي لأسباب صحية. وتأخر انطلاق المهرجان في انتظار قدوم الأمين العام، وعندما تأكد غياب الأموي اتفق أعضاء المكتب التنفيذي على إسناد مهمة إلقاء كلمته بالمناسبة لنائب الأمين العام عبد القادر الزاير.
واستعرض الزاير حصيلة الحكومة السابقة، التي اعتبرها سيئة، مشيرا على الخصوص إلى «تغييب الحوار الاجتماعي التفاوضي، والاقتطاع من أجور المضربين في خرق سافر لهذا الحق الدستوري، والإجهاز على مكتسب التقاعد، وضرب القدرة الشرائية، وتجميد الأجور والتعويضات، وإلغاء صندوق دعم أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية»، إضافة إلى «تملص» حكومة ابن كيران من تنفيذ بعض بنود اتفاقية سابقتها مع النقابات، والتضييق على الحريات العامة والحرية النقابية.
وبخصوص الحكومة الجديدة، قال الزاير إنها «اختارت أن تكون استمرارية لمنطق التخريب باسم الإصلاح، واختارت الاستمرار في سياسة التقشف، وضرب القدرة الشرائية عبر مواصلة التخلي عما تبقى من دعم لأسعار بعض المواد، واختارت الهجوم على الطبقة العاملة من خلال الإشارة إلى مراجعة قوانين الشغل، إرضاء لأصحاب العمل»، ودعاها إلى حوار اجتماعي تفاوضي، يؤدي إلى نتائج وتعاقدات.
من جهتها، نظمت الفيدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي موال لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مشارك في الحكومة)، مهرجانها لهذه السنة تحت شعار «من أجل مقاومة مسلسل التراجعات وتحصين المكتسبات»، معتبرة أن «السنوات الخمس التي دبرت خلالها الحكومة المنتهية ولايتها الشأن العام كانت سنوات عجاف على مختلف الواجهات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الحقوقية».
وبدوره، غلب الطابع السياسي على خطاب محمد فاتحي، الأمين العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، الذي وصف مرحلة حكومة ابن كيران بأنها كانت مخيبة للآمال المعقودة عليها، باعتبارها أول حكومة عقب الإصلاحات السياسية لسنة 2011 على خلفية الربيع العربي.
وبخصوص الحكومة الجديدة، أشار فاتحي إلى أنها «مطالبة بالتجاوب مع تطلعات الشعب المغربي لبناء مرحلة جديدة في مختلف المجالات»، وقال: «إن الخيبات التي عشناها، لا تجعلنا نستبق الأشياء ونحكم على الأداء الحكومي من الآن، بل سيتحدد موقفنا من خلال الإجراءات العملية التي ستتخذها الحكومة ومقاربتها للمسألة الاجتماعية، وتجعلنا المقاربة التي انتهجها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في المشاورات السياسية بعد تكليفه من طرف الملك، والمنطق المؤسساتي الذي تعامل به مع كل الأطراف، والرمزية التي أراد أن يؤسس عليها العلاقات مع المركزيات النقابية (الاتحادات العمالية)، نتطلع إلى المستقبل، ونتوخى الحذر في نفس الآن، وعدم الدخول في تقييمات قبل الأوان، بل سننظر إلى الأمر في حينه، على ضوء تدبير الحكومة ومقاربتها للحوار الاجتماعي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.