حكومة نتنياهو ترفض تسليم إسرائيلي متهم بجرائم إلى الأرجنتينhttps://aawsat.com/home/article/916411/%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%AA%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D8%AA%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%85%D8%AA%D9%87%D9%85-%D8%A8%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AC%D9%86%D8%AA%D9%8A%D9%86
حكومة نتنياهو ترفض تسليم إسرائيلي متهم بجرائم إلى الأرجنتين
تل أبيب:«الشرق الأوسط»
TT
تل أبيب:«الشرق الأوسط»
TT
حكومة نتنياهو ترفض تسليم إسرائيلي متهم بجرائم إلى الأرجنتين
أبلغ مندوب الحكومة الإسرائيلية، أمس، محكمة العدل العليا، بأن تل أبيب ترفض تسليم المواطن الإسرائيلي، ثيودرو أنيبال غواتو، المشتبه بمشاركته في الجرائم المنفذة ضد الإنسانية، إبّان فترة الحكم العسكري المستبد في الأرجنتين. وجاء الموقف الرسمي هذا، ردا على التماس قدمه الصحافي شلومو سلوتسكي، الذي فقد قريبا له في تلك الفترة. وحسب قوله، فإن أحد أقاربه اختطف في حينه، على أيدي رجال الحكم العسكري، وبعد فترة عثر على جثته مقتولا. وقد كشف شلوتسكي أن ثيودرو غواتو، شارك في جرائم قتل عدة لصالح النظام. ولكن بعد سقوط الطغمة الفاشية الحاكمة في سنة 1983، اختفت آثاره لفترة طويلة. وفي عام 2003، أي قبل 14 عاما، هرب إلى إسرائيل بعد أن تزوج من امرأة يهودية، وانتحل اسما مستعارا هو يوسف كرمل. ويقطن حاليا في بلدة كريات بياليك في خليج حيفا. وقد استندت نيابة الدولة في رفضها تسليم غواتو، إلى أنه «لم يشارك منذ قدومه إلى البلاد في أية أعمال جنائية، رغم كذبه على الوكالة اليهودية لدى تصريحه بأنه غير مطلوب للتحقيق في موطنه». ويعتقد رافعو الدعوى، أن الحكومة الإسرائيلية ترفض تسليمه لأسباب أخرى، «تتعلق بالماضي الأسود للحكومات الإسرائيلية التي تعاونت كثيرا في الماضي، مع أنظمة سفاحين لشعوبهم، في أفريقيا، وأميركا اللاتينية، وآسيا، وبضمنها الأرجنتين». وما حملها على هذا الاعتقاد، هو توجه النيابة إلى المحكمة بطلب «تقديم مادة سرية من خلف أبواب مغلقة، دفاعا عن غواتو، عشية إصدار حكم بشأنه». فالحكومة تخشى من فتح ملفاتها علنا، والكشف عن مستوى دعمها. وتمتنع عن إغضاب غواتو، حتى لا يبدأ الحديث عما يعرفه عن هذا الدور. وكانت الديكتاتورية العسكرية في الأرجنتين، التي حكمت في الفترة التي امتدت منذ عام 1976 وحتى عام 1983، قد حافظت على علاقات وثيقة مع إسرائيل، على الرغم من أنها كانت مسؤولة عن اختفاء نحو 30 ألف شخص، بينهم كثير من اليهود. وقد تم الكشف عن اختفاء غواتو في إسرائيل، في تقرير للصحافي الإسرائيلي، شلومو سلوتسكي، بثّ على القناة الأولى (التلفزيون الإسرائيلي الرسمي) في عام 2015، وفيه اعترف غواتو، الذي صدر ضده أمر دولي بالاعتقال من قبل الإنتربول، بأنه قد خدم كرجل استخبارات في معسكر التعذيب المسمى «لاكاتسيا» الكائن في مدينة لابلاتا، وأنه حصل على جنسيته الإسرائيلية عن طريق الخداع. وكان سلوتسكي، الذي تعرض أحد أقاربه (اليهود) للتعذيب في المعسكر عينه حتى الموت، قد قدّم التماسه للمحكمة للمطالبة بتسليم غواتو في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بمساعدة المحامي إيتاي ماك، على نفقته الخاصة. وقال: «لو كانت لدينا قيادة سياسية سليمة، تهمها فعلا القيم الإنسانية ومصير اليهود أجمعين، لكانت تولت هي زمام المبادرة، وأدارت معركة قضائية تجبر الحكومات في العالم على محاسبة كل من ساهم في الجرائم ضد الإنسانية في أي مكان في العالم».
2025... عام ملء الفراغات؟https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/5098475-2025-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%84%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%BA%D8%A7%D8%AA%D8%9F
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.
يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟
بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.
دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.
بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».
حال العالم
في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.
في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.
وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.
يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟
إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.
شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.
التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ
مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.
تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.
في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟