مخاوف من عودة الصراع المسلح إلى مخيم عين الحلوة في لبنان

قنابل في أزقته تعيد شبح المعارك بين «فتح» وجماعات متشددة

عنصران من «فتح» خلال الاشتباكات مع «جماعة بلال بدر» في مخيم عين الحلوة الشهر الماضي (أ.ب)
عنصران من «فتح» خلال الاشتباكات مع «جماعة بلال بدر» في مخيم عين الحلوة الشهر الماضي (أ.ب)
TT

مخاوف من عودة الصراع المسلح إلى مخيم عين الحلوة في لبنان

عنصران من «فتح» خلال الاشتباكات مع «جماعة بلال بدر» في مخيم عين الحلوة الشهر الماضي (أ.ب)
عنصران من «فتح» خلال الاشتباكات مع «جماعة بلال بدر» في مخيم عين الحلوة الشهر الماضي (أ.ب)

توتر الوضع الأمني مجدداً في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، الواقع في جنوب لبنان، على خلفية رفض القوى المتشددة عملية تدعيم القوة الأمنية في حي الطيري، الذي شهد الشهر الماضي اشتباكات دامية بين جماعة بلال بدر المتطرفة وحركة فتح، وكذلك بسبب رفض الأخيرة سحب عناصرها من حي الصحون، المحاذي والمشرف على «الطيري». وألقى مجهولون 7 قنابل، ليل الأحد / الاثنين، في أزقة المخيم، مما أدّى لتفاقم المخاوف من تجدد الاشتباكات داخل المخيم.
وقال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مندسين ومأجورين منتمين لجماعة بلال بدر ألقوا عدداً من القنابل من أسطح المباني، بعيد تدعيم القوة الأمنية في حي الطيري بـ50 عنصراً جديداً، 30 منهم ينتمون لفتح وفصائل منظمة التحرير، و20 لتحالف القوى الإسلامية»، لافتا إلى أن «هناك من يصر على التصدي للاستقرار داخل (عين الحلوة)، ولانتشار القوة الأمنية، ولعودة الأهالي إلى منازلهم».
من جهتها، أوضحت مصادر في حركة فتح أن توتر الأوضاع حصل عشية انتشار عدد من عناصر الحركة المنضوين في إطار القوة الأمنية في 3 مواقع في حي الطيري، تفصله عن حي الصحون، لافتة إلى أن عناصر القوة الذين انتشروا في الأسابيع الماضية كانوا جميعهم ينتمون للقوى الإسلامية.
واعتبرت المصادر أن إلقاء القنابل هدفه التأكيد على استمرار وجود عناصر ينتمون لمجموعة بلال بدر داخل الطيري، علماً بأن معلوماتنا تفيد أنّه هو نفسه لا يزال موجوداً في آخر الحي. وأضافت: «نحن نستبعد عودة المواجهات المسلحة في الوقت الراهن، لكننا نتوقع استمرارهم في توتير الأوضاع، إن كان من خلال افتعال إشكالات أمنية، أو إلقاء قنابل، أو حتى القيام بعمليات اغتيال».
وأثبتت التطورات في اليومين الماضيين أن مجموعة بلال بدر لا تزال موجودة في حي الطيري، علماً بأن الاتفاق الذي توصلت إليه الفصائل، في وقت سابق الشهر الماضي، نص على إيقاف المواجهات المسلحة في الحي الذي كان يُعتبر «مربعاً أمنياً» لمجموعة بلال بدر، شرط انسحابه وعناصره منه، بعد فشل حركة فتح في الحسم عسكرياً. ورجحت في حينها مصادر متعددة أن بقاء بدر حراً طليقاً سيبقي «عين الحلوة» متوتراً أمنياً.
وفي حين تحدثت مصادر ميدانية، يوم أمس، عن «قيام مجهولين، مساء الأحد، بإلقاء قنابل صوتية عند مفرق سوق الخضراوات في مخيم عين الحلوة، بالتزامن مع تعزيز القوة الفلسطينية المشتركة في حي الطيري»، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بإلقاء 7 قنابل في مواقع مختلفة في المخيم، ما بين العاشرة والنصف من مساء الأحد وساعات الصباح الأولى من يوم الاثنين.
وتم تداول معلومات عن اجتماع مصغر عقد قبل ساعات قليلة من انتشار 50 عنصراً جديداً، في إطار القوة الأمنية في الطيري، ضم قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب، وناشطين إسلاميين وسطاء، بحضور مسؤول «الحركة الإسلامية المجاهدة» في مخيم عين الحلوة، الشيخ جمال خطاب، «من أجل ضمان انتشار القوة دون وقوع أي اشتباك»، في وقت رفضت فيه فتح أي شروط مسبقة، ومنها الانسحاب من حي الصحون، المحاذي للطيري، وأصرت على تطبيق كامل بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه أخيراً، ووضع حداً للمواجهات المسلحة مع مجموعة بلال بدر.
كذلك ترددت معلومات أخرى عن إقالة أبو عرب رئيس غرفة العمليات، العميد مناور الحلواني، الذي عينه مستشاراً، وعين مكانه العميد عصام أبو عامر، كذلك إقالة قائد «كتيبة شهداء شاتيلا»، العميد أحمد النصر، الذي تتمركز مجموعته في منطقة جبل الحليب والطرف الجنوبي للمخيم، حيث جرت المعركة، وعين مكانه العقيد مصباح. وتأتي هذه التعيينات الجديدة في إطار محاولة فتح سد الثغرات، والتصدي للإخفاقات التي أدّت لفشلها بحسم المعركة بوجه بلال بدر، خصوصاً أن انتقادات كثيرة وجهت بحينها لضباط الحركة الذين كانوا على رأس المجموعات التي تخوض المعارك.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.