القوات العراقية تستعد لحسم معركة غرب الموصل

مسؤول كردي: غالبية عناصر «داعش» المتبقين من الانغماسيين

جنود عراقيون في طريقهم أمس إلى مواقع شمال الموصل استعداداً لهجوم وشيك على الجانب الأيمن من  المدينة (أ.ف.ب)
جنود عراقيون في طريقهم أمس إلى مواقع شمال الموصل استعداداً لهجوم وشيك على الجانب الأيمن من المدينة (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تستعد لحسم معركة غرب الموصل

جنود عراقيون في طريقهم أمس إلى مواقع شمال الموصل استعداداً لهجوم وشيك على الجانب الأيمن من  المدينة (أ.ف.ب)
جنود عراقيون في طريقهم أمس إلى مواقع شمال الموصل استعداداً لهجوم وشيك على الجانب الأيمن من المدينة (أ.ف.ب)

أوشكت القوات العراقية على تكملة استعداداتها لشن هجوم موسع على الأحياء الشمالية الغربية من مدينة الموصل التي تعتبر معاقل رئيسية للتنظيم، بينما شهدت أحياء المدينة القديمة وسط الجانب الأيمن اشتباكات بين الشرطة الاتحادية ومسلحي «داعش»، طغت عليها الأسلحة القناصة والطائرات المسيرة (الدرون).
وقال ضابط في قوات الجيش العراقي برتبة رائد، لـ«الشرق الأوسط»، مفضلا عدم نشر اسمه: «القطعات العسكرية التي تحركت خلال الأيام الماضية باتجاه الأحياء الشمالية الغربية من الموصل، تمركزت حاليا في المنطقة وتنتظر ساعة الصفر لبدء هجوم موسع لتحرير أحياء (17 ) والهرمات والمشيرفة وحاوي الكنيسة». وأضاف: «سنزف بشرى تحرير الموصل قريبا، فالتنظيم انتهى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة». وتسعى القوات العراقية إلى استكمال عملية تحرير الموصل التي بدأت قبل نحو ستة أشهر، خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، وبعد الانتهاء من عملية تحرير المدينة تنتظر أقضية تلعفر وبعاج والقرى والبلدات التابعة لها في محافظة نينوى القوات الأمنية لتحريرها من مسلحي «داعش» المحاصرين فيها منذ شهور.
بدورها، نفذت قوات الشرطة الاتحادية، أمس، عملية تطهير وتفتيش في الأحياء المحررة من المدينة القديمة، وأوضح قائد قوات الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»: «أجرت قوات من مغاوير النخبة عمليات تفتيش واسعة النطاق في مناطق باب الجديد وباب البيض بحثا عن الخلايا النائمة لـ(داعش) والممرات والأنفاق السرية، وهذه العملية أسفرت عن العثور على ثلاثة مقرات تحوي ثماني دراجات نارية مفخخة ومعدات تفجير وعبوات ناسفة متنوعة»، لافتاً إلى أن قواته قتلت أربعة قناصين خلال الاشتباكات التي شهدتها المدينة القديمة.
وكثفت الشرطة الاتحادية خلال اليومين الماضيين من عمليات القصف الموجه الدقيق، حيث استهدفت مقرات التنظيم في المنطقة المحيطة بجامع النوري الكبير. وتواصل القوات الأمنية العراقية منذ نحو شهرين عمليات تحرير المدينة القديمة المكتظة بالمدنيين، بينما يستغل تنظيم داعش هذه الكثافة السكانية في إعاقة تقدم القوات الأمنية حيث يتحصن بين المدنيين داخل الأزقة الضيقة للمدينة القديمة. ورغم شراسة المعارك في هذه المنطقة، فإن القوات العراقية تواصل فتح الطرق والممرات الآمنة لخروج المدنيين وإنقاذهم من مسلحي «داعش» الذين يقتلون كل من يقع في كمائنهم من المدنيين مباشرة.
في غضون ذلك، توقع مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، سعيد مموزيني، أن تستغرق معركة تحرير الموصل أكثر من الوقت الذي حددته القوات الأمنية العراقية، وقال: «القوات العراقية اتخذت استعداداتها الكاملة لتنفيذ هجوم موسع لحسم عملية تحرير الموصل، العملية لن تنتهي بهذه السرعة، لأن الأحياء والمناطق التي لم تحرر بعد، وتعتبر استراتيجية وصعبة فهناك تمركز مكثف لمسلحي «داعش» فوق أسطح منازلها، وغالبية قادة التنظيم يوجدون في هذه الأحياء، إضافة إلى أن هذه الأحياء تعتبر حواضن للتنظيم وغالبية سكانها من أتباع (داعش)». وأوضح أن من تبقوا من مسلحي «داعش» في الموصل جميعهم من الانغماسيين، وقد فخخ التنظيم كل الأبنية والطرق والشوارع في هذه المناطق.
وكشف مموزيني أن «داعش» يواصل عمليات إعدام المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرته، وقد نفذ أمس عمليات إعدام جماعية بأكثر من ستة مدنيين بعد أن اعتقلهم وهم يحاولون الهروب.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.