تحسن ملحوظ للاقتصاد السوداني بعد 100 يوم من رفع الحصار

الإعلان عن استثمارات خليجية وأميركية ضخمة

تحسن ملحوظ للاقتصاد السوداني بعد 100 يوم من رفع الحصار
TT

تحسن ملحوظ للاقتصاد السوداني بعد 100 يوم من رفع الحصار

تحسن ملحوظ للاقتصاد السوداني بعد 100 يوم من رفع الحصار

شهد الاقتصاد السوداني تحسنا كبيرا في موقف النقد الأجنبي واستقطاب الاستثمارات والمشاركة الدولية، بعد قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية، والذي مضى عليه أقل من أربعة أشهر.
وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من الولايات خلال اليومين الماضيين، توقيع اتفاقيات لاستثمارات جديدة وإحياء لتعاقدات سابقة من قبل شركات سورية وسعودية وبلاروسية، في مجالات المعادن النادرة والزراعة، وإعلان ثلاث شركات أميركية تحركها العاجل لتصميم وتنفيذ وإدارة مشروع مزارع نموذجية للسودان، وفقاً لأحدث النظم العالمية لتكون نموذجاً في منطقة الشرق الأوسط.
وفي غضون تلك التطورات الاقتصادية التي سبقتها الأسبوع الماضي قفزة نحو الاندماج في الاقتصاد العالمي خلال اجتماعات الربيع في واشنطن، فقد تحسن موقف النقد الأجنبي بالبنك المركزي، نتيجة لزيادة كميات الذهب المبيعة للبنك من شركات القطاع الخاص، التي سمح لها بالعمل في مجال شراء وتصدير الذهب، بجانب تحسن العلاقات المصرفية الناتجة عن الرفع الجزئي للعقوبات في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وبدأ بنك السودان المركزي من أمس ضخ نقد أجنبي لبعض المصارف التجارية، نتيجة لتحسن موقف موارد النقد الأجنبي، وفقا لمصادر «الشرق الأوسط» في البنك، التي أعلنت أن «المركزي» ووزارة المالية، سيطبقان في يوليو (تموز) المقبل إجراءات جديدة وسياسات ملائمة لسعر صرف الجنية السوداني، تزامناً مع الرفع المتوقع للعقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على السودان بصورة نهائية. ومن المقرر أن يتم تمويل شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) لشراء قطع غيار الطائرات من الولايات المتحدة الأميركية بعد قرار الأوفاك (مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية) الذي صدر الأيام الماضية بالسماح للشركة بشراء قطع الغيار من أميركا.
كما يتوقع وصول عدد كبير من الشركات الأميركية للاستثمار في السودان في مجالات مختلفة، وفقا للدكتور عبد الرحمن ضرار وزير الدولة بوزارة المالية، الذي أكد أن هنالك تطورا كبيرا في التعامل مع الولايات المتحدة الأميركية، «هنالك انفراج ونتوقع رفعاً كاملاً للعقوبات في يوليو المقبل»، مشيراً إلى أن البنك الزراعي سيوقع اتفاقيات مع كبريات الشركات الأميركية لشراء معدات زراعية في مجالات الزراعة المختلفة. وزار وزير الزراعة السوداني الدكتور إبراهيم الدخيري الولايات المتحدة الأميركية برفقته الأستاذ صلاح حسن أحمد مدير البنك الزراعي، الذي أعلن عن قرب وصول شركات أميركية لتقديم تكنولوجية زراعية للسودان.
وفي إطار الاستثمارات الجديدة التي دخلت السودان خلال الثلاثة أشهر الماضية، وقعت وزارة المعادن أول من أمس مع وفد من دولة بلاروسيا اتفاقية للاستثمار في المعادن النادرة والذهب، وبحث نفس الوفد مع وزارة النفط الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في مجالات النفط والغاز والطاقة والكهرباء والتعليم والتدريب والزراعة والعدل.
ووفقا للمصادر سيتم توقيع مذكرة التفاهم مع بلاروسيا تحتوي على عدد من المسارات على رأسها الاستثمار في قطاع المعادن، حيث أعدت الوزارة السودانية بعض المشاريع الاستثمارية للجانب البلاروسي في المعادن والذهب وبعض العناصر النادرة.
واستقبلت الخرطوم أول من أمس الأمير يوسف بن عبد العزيز آل سعود مترئسا وفدا من رجال الأعمال للوقوف على فرص الاستثمار في المجال الزراعي، وذلك في إطار كون السعودية الشريك الاستثماري الأول على مستوى الوطن العربي للسودان. وتشهد الاستثمارات السعودية بالبلاد نمواً مطرداً في ظل العلاقات المتميزة بين البلدين، بفضل جهود القيادة بالبلدين، في دفع علاقات التعاون الاقتصادي المشترك الذي كان له الأثر الواضح في تدفق الاستثمارات السعودية إلى السودان، والتي تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية، إذ تبلغ استثماراتها المصدقة نحو 26 مليار دولار، موزعة على 509 مشروعات، منها 190 مشروعا زراعيا وإنتاج ثروة حيوانية.
وأعلن وزير الاستثمار السوداني الدكتور مدثر عبد الغني عبد الرحمن أول من أمس عن توجيهات صادرة من النائب الأول لرئيس الجمهورية، بكري حسن صالح، رئيس مجلس الوزراء القومي، بمنح الاستثمارات السعودية مزايا وتسهيلات إضافية، وتضاف هذه التوجيهات إلى دعوة الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير في فبراير (شباط) الماضي للجهات المسؤولة عن قطاع الاستثمار في بلاده، إلى تخصيص اهتمام بالاستثمارات السعودية والإماراتية.
ووفقا للمصادر فإن الوفد السعودي برئاسة الأمير يوسف بن عبد العزيز آل سعود سيزور الولاية الشمالية التي سينفذ فيها استثماراته للوقوف على عدد من المشاريع الزراعية بالولاية.
وارتفع حجم الاستثمار السعودي في السودان من 23 مليار دولار إلى 26 مليار دولار بنهاية العام الجاري، وتتبوأ السعودية مرتبة متقدمة في قائمة الدول العربية المستثمرة في السوق السودانية، خاصة في مجالات التصنيع الزراعي والبنى التحتية وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وغيرها. ويستثمر نحو 196 سعوديا في القطاع الزراعي خاصة الأعلاف والقمح والذرة، ويقف مشروع الراجحي في الولاية الشمالية كشاهد على أفضل استثمار في مجال الزراعة في السودان، حيث أنتجت مزارع الشيخ الراجحي في السعودية قمحا بمستويات عالمية وبلغت إنتاجية الفدان 35 طنا لا تنتجها إلا أستراليا رائدة القمح في العالم.
ويرى محللون اقتصاديون أن هذه الاستثمارات مهمة ومطلوبة في الأسواق السعودية، سواء في مجال الأمن الغذائي أو تغذية الحيوانات، كما تعد السعودية سوقا رائجة للمنتجات السودانية، خاصة الثروة الحيوانية، فضلا عن العمالة السودانية، مما يجعلها ركيزة أساسية لدعم اقتصاديات البلاد، بجانب تحويلات المغتربين.
وعلى صعيد الشركات الأميركية المتخصصة في تصميم وتنفيذ وإدارة مشروع المزارع النموذجية بالسودان وفقاً لأحدث النظم العالمية لتكون نموذجاً في منطقة الشرق الأوسط، بحث الدكتور بدر الدين محمود وزير المالية السوداني مع ممثلي الشركات الأميركية أمس بالخرطوم، البرنامج الخاص بالمشروع القومي للإنتاج الحيواني والبستاني، وتم الاتفاق على تدريب كوادر وطنية من حديثي التخرج وتأهيلهم لإدارة وتشغيل المزارع التي يتم تنفيذها على مستوى ولايات السودان.
وأكد وزير المالية عقب لقائه الشركات، أن أبواب السودان مفتوحة للمزيد من الاستثمارات الأميركية، للاستفادة من موارد البلاد الطبيعية المتنوعة المميزة، بما يعود بالنفع على الجانبين وعلى دول الإقليم، واصفا مشروع المزارع النموذجية، بقمة التعاون بالتعاون غير المسبوق بين السودان والولايات المتحدة الأميركية منذ قرار المقاطعة عام 1997.
كان ممثلو الشركات الأميركية قد أعلنوا عن شروعهم في تصميم مزارع نموذجية في السودان، تعد الأحدث على مستوى الشرق الأوسط، معلنين أن المزارع تستوعب كوادر سودانية من خريجي الجامعات، يتم تدريبهم على أحدث النظم الإدارية العالمية، ليكونوا نواة لإدارة وطنية يتم تسليمها المزارع بعد عامين من الآن.
ويتضمن المشروع في مرحلته الأولي وفقا لممثلي الشركات، إنشاء مركز لتجميع وإنتاج النطف على أحدث النظم العالمية، بدلاً من استيرادها من الخارج، بغرض التحسين الوراثي لسلالات الماشية السودانية، بما يرفع إنتاجية الألبان واللحوم، ثم الاتجاه لإنتاج نطف للصادر.
وكشف مناديب الشركات الثلاث عن زيارة مرتقبة لرؤساء شركاتهم للسودان خلال شهر تلبية لدعوة من المشروع القومي للإنتاج الحيواني والبستاني، متوقعين دخول أكثر من ثلاث شركات أميركية للسودان خلال الأشهر الستة القادمة لتكملة مشروع المزارع النموذجية.
إلى ذلك، بحث مجذوب أبوموسى والي كسلا في شرق البلاد، مع وفد زائر من منظمات الأمم المتحدة، إمكانية استمرار التعاون في البرامج المنفذة من قبل منظمتي (اليونيسيف، والفاو)، وبرنامج الغذاء العالمي، المدعومة من قبل برنامج التنمية الدولية للحكومة البريطانية عبر مشروع تعزيز المجتمعات اقتصاديا، والذي سينتهي بنهاية العام الحالي.
وفي أقصى غرب البلاد بدارفور، طرحت حكومة ولاية دارفور 25 مشروعا استثماريا في مجالي الزراعة والثروة الحيوانية، خلال معرض تجاري شاركت فيه 60 شركة وطنية منها 10 شركات عالمية.
وأكد والي جنوب دارفور المهندس الطيب حمد أبوريدة، أن معرض نيالا التجاري الاستثماري السادس حقق أغراضه المنشودة في الحراك الاقتصادي والاجتماعي الواسع وبمشاركة رجال المال والأعمال وأكثر من 75 شركة عالمية ومحلية، معتبرا ذلك دليل عافية.



«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية شملت الحد من تدهور الأراضي والجفاف، والهجرة، والعواصف الترابية والرملية، وتعزيز دور العلوم والبحث والابتكار، وتفعيل دور المرأة والشباب والمجتمع المدني، والسكان الأصليين لمواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى الموافقة على مواضيع جديدة ستدرج ضمن نشاطات الاتفاقية مثل المراعي، ونظم الأغذية الزراعية المستدامة.

هذا ما أعلنه وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف، المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة بختام أعمال المؤتمر، مؤكداً التزام المملكة بمواصلة جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف، خلال فترة رئاستها للدورة الحالية للمؤتمر.

وكان مؤتمر «كوب 16» الذي استضافته المملكة بين 2 و13 ديسمبر (كانون الأول)، هو الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤكد دور المملكة الريادي في حماية البيئة على المستويين الإقليمي والدولي.

أعلام الدول المشارِكة في «كوب 16» (واس)

وشهد المؤتمر الإعلان عن مجموعة من الشراكات الدولية الكبرى لتعزيز جهود استعادة الأراضي والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، مع تضخيم الوعي الدولي بالأزمات العالمية الناجمة عن استمرار تدهور الأراضي. ونجح في تأمين أكثر من 12 مليار دولار من تعهدات التمويل من المنظمات الدولية الكبرى، مما أدى إلى تعزيز دور المؤسسات المالية ودور القطاع الخاص في مكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

ورفع الفضلي الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده على دعمهما غير المحدود لاستضافة المملكة لهذا المؤتمر الدولي المهم، الذي يأتي امتداداً لاهتمامهما بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، والعمل على مواجهة التحديات البيئية، خصوصاً التصحر، وتدهور الأراضي، والجفاف، مشيراً إلى النجاح الكبير الذي حققته المملكة في استضافة هذه الدورة، حيث شهدت مشاركة فاعلة لأكثر من 85 ألف مشارك، من ممثلي المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ومراكز الأبحاث، والشعوب الأصلية، وقد نظم خلال المؤتمر أكثر من 900 فعالية في المنطقتين الزرقاء، والخضراء؛ مما يجعل من هذه الدورة للمؤتمر، نقطة تحول تاريخية في حشد الزخم الدولي لتعزيز تحقيق مستهدفات الاتفاقية على أرض الواقع، للحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف.

خارج مقر انعقاد المؤتمر في الرياض (واس)

وأوضح الفضلي أن المملكة أطلقت خلال أعمال المؤتمر، 3 مبادرات بيئية مهمة، شملت: مبادرة الإنذار المبكر من العواصف الغبارية والرملية، ومبادرة شراكة الرياض العالمية لتعزيز الصمود في مواجهة الجفاف، والموجهة لدعم 80 دولة من الدول الأكثر عُرضة لأخطار الجفاف، بالإضافة إلى مبادرة قطاع الأعمال من أجل الأرض، التي تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم للمشاركة في جهود المحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وتبني مفاهيم الإدارة المستدامة. كما أطلق عدد من الحكومات، وجهات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من الجهات المشاركة في المؤتمر، كثيراً من المبادرات الأخرى.

وثمّن الفضلي إعلان المانحين الإقليميين تخصيص 12 مليار دولار لدعم مشروعات الحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف؛ داعياً القطاع الخاص، ومؤسسات التمويل الدولية، لاتخاذ خطوات مماثلة؛ «حتى نتمكن جميعاً من مواجهة التحديات العالمية، التي تؤثر في البيئة، والأمن المائي والغذائي، للمجتمعات في مختلف القارات».

وأعرب عن تطلُّع المملكة في أن تُسهم مخرجات هذه الدورة لمؤتمر الأطراف السادس عشر، في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، إضافةً إلى بناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات بمختلف أنحاء العالم، مؤكداً التزام المملكة بالعمل الدولي المشترك مع جميع الأطراف المعنية؛ لمواجهة التحديات البيئية، وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لتدهور الأراضي والتصحر والجفاف، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، إلى جانب التعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول آليات تعزز العمل الدولي المشترك.